يعرف المجتمع الكويتي أن تجربة تخصيص محطات الوقود غير مرضية، لعدم إضافة جديد فيها لأسباب عديدة، منها عدم تعاون الجهات الحكومية الأخرى.

Ad

 في تصريح لوزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د.علي العمير  بشأن السماح لشركة البترول الوطنية ببناء 100 محطة وقود جديدة لمقابلة الاحتياجات المستقبلية للدولة، قال إنه «ليس هناك مانع من خصخصة تلك المحطات بعد البناء».

وأضاف العمير: «إن الأهم في مسألة تخصيص الوقود هو تقييم تجربة الخصخصة، وفقاً لما أثير في اجتماع المجلس الأعلى للبترول، وما إذا كانت هناك استفادة من تلك التجربة أم لا».

ومن الواضح أن تصريح الوزير هذا ينمّ عن عدم معرفته بما يجري أو جرى بالقطاع النفطي، وأيضا بعيد عن واقع ما نعيشه في الكويت، ونقصد من ذلك التساؤل: لماذا الانتظار لتقييم تجربة خصخصة محطات الوقود التي يعرفها المجتمع الكويتي بأنها تجربة غير مرضية، لعدم إضافة جديد فيها لأسباب عديدة، منها عدم تعاون الجهات الحكومية الأخرى، والتي أقرها الوزير بنفسه خلال الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للبترول بإصدار توصية لمجلس الوزراء يحث فيها الأجهزة المعنية بالدولة، مثل بلدية الكويت والمؤسسة العامة للرعاية السكنية وإدارة أملاك الدولة، لتسهيل مهمة «البترول الوطنية لتخصيص مواقع محطات تعبئة الوقود؟

وهذه التوصية تؤكد ما تعرضت له خصخصة محطات الوقود من جملة المشكلات من مؤسسات الدولة.

 نشاط غير أساسي

 ولإعطاء نبذة عن موضوع خصخصة محطات الوقود، حيث تعد إدارة محطات بيع التجزئة من النشاطات غير الأساسية في الخطة الإستراتيجية البعيدة المدى لشركة البترول الوطنية الكويتية، وعلى ضوئه تمت التوصية بتحويل إدارة نشاطات محطات الوقود إلى القطاع الخاص، بهدف تحسين الخدمات لمصلحة المستهلكين، وقد تم اعتماد هذه التوصية من مجلسي إدارة مؤسسة البترول الكويتية والمجلس الأعلى للبترول عام 2005.

 وهذا القرار تضمن تخصيص المحطات من خلال تقسيم عددها إلى ثلاثة أجزاء بالتساوي، ومن ثم خصخصتها واحدة تلو أخرى، بهدف تحسين ورفع مستوى الخدمات وتنويع الخدمات المقدمة للزبائن في محطات الوقود. وعلى إثره أسست شركتا الأولى والسور، واستحوذت كل منهما على ما يقارب ثلث العدد الإجمالي للمحطات في الكويت.

 وبعد عدة سنوات من خصخصة ثلثي محطات الوقود في الكويت، تبين أن عملية الخصخصة لم تحقق أهدافها المنشودة والمتوقعة آنذاك.

كما أكد أحد قياديي مؤسسة البترول الكويتية عام 2009 حول تجربة تخصيص المحطات قائلا «إن المواطن للأسف لم ير أي تطوير في هذه المحطات منذ تخصيصها عام 2005، بل شاهد الشركتين قامتا بجلب العمالة الرخيصة، ما ينعكس على جودة الخدمات، وخصوصا جوانب الأمن والسلامة المفقودة، وهو أمر خطير، وخصوصا في مثل هذه الأماكن الحيوية، كما تمت ملاحظة أن لدى الشركات أموالا (كاش) كثيرة، وهذه الأموال يجب أن تستغل بشكل صحيح، والدليل أننا لم نشاهد أي تطور منذ تخصيص هذه المحطات».

وفي رأي آخر للرئيس التنفيذي الأسبق لمؤسسة البترول الكويتية سعد الشويب عن تجربة تخصيص محطات الوقود قال: «نحن غير راضين عنها، لأننا نطمح في التوسع من داخل المحطات، حيث تشمل هذه المحطات كل الخدمات مثل المطاعم والمحال التجارية، كما هو معمول به في بعض الدول، لكن مع الأسف لم تتسن لهم هذه الفرصة، لأنهم بحاجة إلى توفير أراض داخل المحطات».

وأضاف الشويب: «لكن هذا الطلب دائما ما يقابل بالرفض، حتى وصل الأمر أحيانا إلى الطرد، ولهذا السبب نرى أن الخدمات التي تقدم ليست بالمستوى المطلوب»، وهذا الأمر يشير بكل وضوح الى وجود خلل كبير شاب عملية تخصيص محطات الوقود، لكن دون السعي لتصويب هذه العملية، وكأنهم ينتظرون حلا إلهيا لهذه المشكلة!

 «البترول الوطنية» و«ليّ الذراع»

 نموذج آخر يكشف أيضا مدى فشل تخصيص محطات الوقود، حيث إن شركتي الأولى والسور لتزويد الوقود في وقت ما كانتا تدرسان اللجوء الى القضاء قبل قدوم وزير النفط هاني حسين، لقيام شركة البترول الوطنية الكويتية، التي تزود وتراقب الشركتين، بفرض غرامات عليهما من دون وجه حق، إذ انها لا تستند إلى لائحة جزاءات أو غرامات في العقد المبرم بين الطرفين، إضافة إلى أنه لا يوجد اي تبرير أو توضيح من «البترول الوطنية» عن الأساس الذي تستند إليه في فرض المخالفات، وأنها تستخدم سياسة «لي الذراع»، لأنها الخصم والحكم، وتنتهز خوف الشركتين من تكبد خسائر مادية كبيرة في حال تصعيد الموضوع، لأنهما مدرجتان في سوق الكويت للأوراق المالية.

 ومن بين الأمور الأخرى التي مازالت «البترول الوطنية» تخترق فيه العقد الموقع بين الطرفين، منع الشركتين من البيع بالجملة، حيث تم تحديد كمية لا تتجاوز 5 آلاف لتر، وهو ما تم إيقافه بحجة وجود سرقات!

 تصحيح مسار «التسويق المحلي»

 «إذا إردت أن تطاع فاأمر بما هو مستطاع» أمام وزير النفط مهمة قبل بناء الـ100 محطة وتخصيصها، وهي إصلاح الخلل الموجود في التسويق المحلي في «البترول الوطنية»، حيث يعاني كثيرا من المشكلات، وهو مساهم ايضا في فشل تجربة خصخصة المحطات، حيث يجب البدء أولا بتفعيل المادة 7 من قانون تنظيم برامج وعمليات التخصيص رقم 37 لسنة 2010 بشأن إنشاء الجهة الرقابية التي تتولى أعمال الإشراف والرقابة على الشركات العاملة في السوق المحلي، ما أدى الى انعدام الرقابة الفعالة عليها.

 ومن ثم الالتفات الى نتائج وتوصيات تقرير ديوان المحاسبة حول مشاكل التسويق المحلي في شركة البترول الوطنية وهي كالآتي:

- ضعف أنظمة الضبط والرقابة الداخلية على تداول المنتجات البترولية المدعومة بالسوق المحلي، الأمر الذي أدى الى:

- وقوع حوادث سرقة لمنتج الديزل من محطة تعبئة الشاحنات بمصفاة الشعيبة بشركة البترول الوطنية الكويتية.

- تهريب المنتجات البترولية المدعومة خارج البلاد بكميات كبيرة، نتيجة انخفاض سعر بيع تلك المنتجات في السوق المحلي عن أسعار بيعه في الدول المجاورة.

- وجود العديد من حالات التحايل وتهريب بعض المنتجات المدعومة، والمتمثلة في قيام بعض السيارات بالتزود بمنتج الديزل بطريقة غير رسمية من المحطات، وذلك عن طريق التحايل من خلال تنكر مياه وصناديق وخزانات مصممة بطرق مخفية.

- صرف منتجات بترولية مدعومة لبعض العملاء، من دون وجود حصص مقررة لهم، بالإضافة الى تجاوز بعض العملاء للحصص الممنوحة لهم.

- تجاوز المسحوبات الفعلية الشهرية واليومية لشركتي التسويق من المنتجات البترولية المدعومة عن الحصص المخصصة لهم.

- عدم وجود التنسيق الكافي بين الجهات المعنية بخصوص الرقابة على تداول الوقود المدعوم مع شركة البترول الوطنية الكويتية.

- عدم تضمين عقود بيع المنتجات البترولية المبرمة مع شركات التسويق الخاصة بند يتيح لشركة البترول الوطنية الكويتية تحديد حد اقصى للحصص الشهرية.

- عدم توافر بيان تفصيلي لمسحوبات كل محطة من محطات شركتي الأولى والسور الشهرية من قبل شركة البترول الوطنية الكويتية، على الرغم من انها المزود لتلك الشركات، وأنها الجهة الرقابية المؤقتة عليها.

- عدم وجود الرقابة الكافية من قبل شركة البترول الوطنية الكويتية على تعاملات شركة نفط الكويت بشأن حصصها وتسلّمها من المنتجات البترولية المدعومة، حيث لا توجد أي زيارات ميدانية لمواقع العميل المختلفة من قبل شعبة خدمة العملاء بشركة البترول الوطنية الكويتية، وكذلك عدم وجود النماذج الخاصة بطلب التزود بالمنتجات البترولية والحصص الشهرية، وتقييم الاحتياجات وجداول الاستهلاك اليومي للمعدات، وذلك على الرغم من أنها من كبار عملاء الفئة الأولى، والذي يبلغ متوسط حصته الشهرية لمنتج الديزل نحو 25 مليون لتر، كما لم يتبين وجود تحديد للموقع التابع لشركة نفط الكويت المشحون اليه المنتجات من مستودعات دائرة التسويق المحلي بشركة البترول الوطنية الكويتية أسوة ببقية العملاء.

- عدم كفاية القوى العاملة ذات الخبرة الفنية المتخصصة بشعبة خدمة العملاء بشركة البترول الوطنية الكويتية للقيام بالمهام الموكلة لهم.