في الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير، التي لم يشاركوا فيها، حاول الإخوان المسلمون إحراق مصر، بتسيير 320 تظاهرة، كما قالوا، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرين مواطناً مصرياً وجرح العشرات، كأنهم إما أن يحكموا هذا البلد وإما أن يدمروه، وهذا في حقيقة الأمر يشير، بكل وضوح، إلى وجود مؤامرة خارجية تشارك فيها بعض دول المنطقة بالتمويل السخي والإعلام المنطلق من كل عقال، وتباركها، وإن بالصمت، بعض الدول الكبرى لأسباب كثيرة يُفترَض أنها معروفة.

Ad

قبل حلول الخامس والعشرين من يناير أطلق الشيخ يوسف القرضاوي، الذي يحمل لقب "رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين" صيحة ثأر جاهلية، دعا فيها الشعب المصري، والمقصود "الإخوان بالطبع"، إلى النزول إلى الشوارع وقطع الطرق وإشعال نيران الحقد في كل مكان، والمستغرب هنا فعلاً أن يسكت "العلماء المسلمون" على هذا الرجل الذي يتفجّر حقداً، والذي يحلل إراقة الدماء مع أن الله- جل شأنه- حرّم قتلَ حتى "نفس" واحدة بدون حق.

إن الإخوان المسلمين يعرفون أنهم لا يمكن أن يستعيدوا "ملكاً" لم يحافظوا عليه، كالحركات الحية، بهذه الأساليب الدموية، وهم يعرفون أيضاً أنهم لن يستطيعوا تركيع مصر، وأن الذين طلبوا منهم إسقاط الرئيس عبدالفتاح السيسي قد دفعوهم لارتكاب كل هذه الجرائم التي ارتكبوها يوم الأحد الماضي من قبيل الانتقام، ومن قبيل التشويش على الانطلاقة المصرية الجديدة، وكل هذا وهم يعرفون أن الشعب المصري هو صاحب هذه الانطلاقة التي يضعها بين جفون العيون.

لأكثر من ثمانين عاماً بقي الإخوان المسلمون يسعون للوصول إلى السلطة، إن ليس بالحلال فبالحرام، وهم من أجل هذا الهدف الذي لم يكلوا ولم يملوا من السعي إليه، مارسوا كل أشكال المناورات والألاعيب ولجأوا، كما هو واقع الحال الآن، إلى العنف والإرهاب والاغتيالات، لكنهم عندما وصلوا إلى هذه السلطة، في غفلة من التاريخ، سقطوا سقوطاً ذريعاً في امتحان من الواضح أنه لن يتكرر، وأثبتوا أنهم يحسنون الهدم، لكنهم غير قادرين على البناء، فـ"الحكم" بحاجة إلى كفاءات قيادية وإدارية غير متوافرة لقياداتهم التي لها باع طويل في المسكنة والسعي الدؤوب في استدراج شفقة الآخرين.

كان على "الإخوان" فور انهيار حكمهم أن يبادروا إلى مراجعة جريئة لمسيرتهم المتعثرة، التي بدأت في نهايات عشرينيات القرن الماضي، وكان عليهم أن يلجأوا، كما هي الأحزاب الحية، إلى فضيلة النقد والنقد الذاتي، لكنهم، للأسف، بدلاً من أن يفعلوا هذا تناثروا كلاجئين سياسيين في العديد من دول العالم ودول هذه المنطقة، ووظّفوا أنفسهم لاستهداف مصر على هذا النحو الذي جرى يوم الأحد الماضي، من أجل أجندات لا هي إسلامية ولا هي وطنية، ولا تخدم إلا أعداء الدين الإسلامي والأمة العربية.