ما إن أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن قائمة الإرهاب حتى صرخت المنظمات الحقوقية والجمعيات المدنية. ومشكلة تلك الصرخات أنها جاءت منفصلةً عن إدراك الواقع الإماراتي والحالة التي تعيشها مع تلك المنظمات. هناك محاولة لتعريف الإرهاب من قبل الدول الغربية وكل فترة لها زمنها، فبعد الربيع العربي شاهدنا استماتة الولايات المتحدة في الدفاع عن الإخوان المسلمين، وصدرت دراسات تؤكد أن الوجهة الأميركية تعتبر دعم الإخوان حلاً للمشكلات في المنطقة العربية، لأنهم «أقل خطراً من القاعدة»، ولأن بإمكانهم أن يؤسسوا لمجتمعات لديها الحد الأدنى من القدرة على العيش، وذلك بغية الحد من الهجرات العربية إلى أوروبا.

Ad

هكذا كانت التبريرات العجيبة، لكن سرعان ما تبين أن الإخوان أنفسهم لا يشكلون خطراً على الأمن القومي العربي فحسب، وإنما الغربي أيضاً.

انطلقت الإمارات من معالجة المشكلة جذرياً عبر تمشيط الجماعات والمنظمات والاتحادات في العالم، لهذا وضعت تلك القائمة، وقد وضح وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد وفند كل الحجج المتداولة في الإعلام الغربي حين قال: «لدينا منظور معين جداً عندما نتحدث عن التطرف، إذ إننا لا يمكننا أن نقبل بالتحريض أو التمويل عندما ننظر إلى بعض هذه المنظمات، بالنسبة إلى كثير من البلدان فإن مفهومها عن الإرهاب ينحصر فى حمل السلاح وإرهاب الناس، أما بالنسبة إلينا فهذا أبعد ما يكون عما نؤمن به نحن. لا يمكن أن نتسامح حتى مع أقل من ذلك بكثير».

المشكلة حين يكون تعريف الإرهاب لدى المنظمات الغربية متلوّناً، حيث تعتبر الإرهابي هو من يحمل السلاح ويقاتل، وهذا خطأ كبير. إن الإرهاب شجرة لها عشرات السقاة والحرّاث والزرّاع، وحين نقمع المنابع الأساسية والمناشط المفرّخة للعنف ونطمس المؤثرات الكبرى الأساسية التي تجعل من الإرهاب مشروعاً متاحاً نكون في الطريق الصحيح للتحصين الاجتماعي ضد العنف والتطرف. إذا أبقيت على التمويل والتحريض القولي متاحاً، فإنك تضرب عصب بلادك.

لنقف مع مسألة التحريض من ناحيةٍ لغوية...

من جانب لغوي تشكّل علاقة التحريض اللغوي بفعل القتل علاقة إشكالية حتى في أوروبا، ونعوم تشومسكي، عالم الألسنيات وفلسفة اللغة، تطرق إلى مسألة التحريض الكلامي على العنف والكراهية بشيء من التوضيح، إذ التحريض بحسب تشومسكي يختلف، فـهناك طور يتخذ مكاناً له بين التفكير، إلى ارتباط التفكير بمسألة ما، إلى المشاركة في أفعال إجرامية، لذلك مثلاً ثمة ضروب من القول لا يُمكن لأحد القول إنها تحظى بالحماية. ويضرب على القِسم الأخير مثلاً إذ يقول: «افترض أننا ذهبنا إلى متجرٍ ما وكان بحوزتك مسدس وكنا نخطط لسرقته، ثم طلبت منك أن تطلق النار، وفعلاً قمت أنت بإطلاقها على صاحب المتجر... هذا فعلٌ كلامي، غير أن أحداً لا يؤمن أنه فعل يستحق الحماية. إن هذا الفعل أنجزته بصوتي لكنها مشاركة في فعل إجرامي... والفعل الكلامي يجب أن يكون حراً إلى أن يرتبط بفعل إجرامي وشيك الحدوث»، فمسألة «التحريض» المتصل بالعنف «الإجرامي» ليست منفصلة عن العنف نفسه.

لا تفصلوا الشجرة عن ثمارها. هذا ما نجت به الإمارات، فهي لم تحارب الثمرة، لتبقى ساقيةً للجذور!