في دورته العاشرة ( 6 – 14 ديسمبر 2013) رفع مهرجان دبي السينمائي الدولي شعار «10 سنوات من الشغف»، وترجمت الدورة المعنى الحقيقي للشغف بالسينما، والوله بها؛  إذ حفلت بعرض ما يقرب من 174 فيلماً ما بين طويل وقصير ووثائقي، وشهدت حوارات كان شعارها {لا صوت يعلو فوق صوت السينما}!

Ad

  ومع اقتراب يوم العاشر من ديسمبر المقبل، تخلت إدارة المهرجان عن صمتها، وأعلنت عن بعض التظاهرات التي ستنطلق مع بدء أعمال الدورة الحادية عشرة (10 – 17 ديسمبر 2014)، كأنها تبشرنا بعودة الشغف، وتسكن الظمأ، بعد فترة جفاف امتدت زهاء عام بأكمله، لا أظن أن أحداً منا شاهد خلاله فيلماً إماراتياً أو عرف إلامَ وصلت صناعة السينما الخليجية، وهو ما يتيحه لنا {مهرجان دبي السينمائي}، عبر مسابقة {المهر الإماراتي}، التي تهدئ من روع {الملهوفين} على رؤية سينما تقربهم من واقع المواطن الخليجي، وتضع أيديهم على  مواهب شبت عن الطوق، وتملك من الرؤى الفكرية، والأساليب الفنية، ما يجعلها قادرة على المنافسة؛ خصوصاً أن غالبية أفلام {المهر الإماراتي} لم تُعرض من قبل، وينفرد المهرجان في دوراته بالعرض العالمي الأول لها.

  أنتظر بفارغ الصبر، وعلى أحر من الجمر، عرض فيلم {عبود كنديشن}، ليس لأنه أحدث أفلام المخرج فاضل المهيري فحسب، بل لأنه فيلم كوميدي طويل، وأنا لم أعتد مشاهدة أفلام كوميدية خليجية، كما أن قصته تتسم بالطرافة بالفعل؛ إذ يرصد أزمة {عبود كنديشن}، الذي يرفض تنفيذ قرار نقله من فرع مؤسسة الزراعة في {منطقة حميم} إلى مقر المؤسسة في أبوظبي، ويحلم بإحياء تجارة جدّه، الذي كان أوّل من أدخل {المكيفات} إلى دولة الإمارات، ولهذا السبب أطلق على العائلة لقب {كنديشن} (!)

وأتلهف لرؤية فيلم المخرج علي بن مطر، بعدما جذبني عنوانه {للفرص نهايات}، وقصته التي تتناول شاباً يواجه مشاكل مع صديقه، تتفاقم بعد أن تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأترقب ما ستسفر عنه تجربة المخرجة مريم النعيمي في فيلم {الدرب} ورحلتها مع البطل {أحمد}، الذي يغالبه النعاس، وهو يستقل سيارته عائداً إلى منزله بعد يوم عمل شاق، وتواجهه أمور غريبة في الطريق تجعله لا يدري إن كان ما يراه حقيقياً أم من نسج الخيال، وتجربة المخرجة عائشة الزعابي في فيلمها {البعد الآخر}، الذي يدخل إلى أعماق شاب مراهق يتعرض لحادث، ويجد نفسه هائماً بين الواقع والخيال، وهو يستعيد ما ارتكبه من آثام في الماضي.

 أما المخرج سقراط بن بشر فيرافق في فيلمه {عبء} شاباً إماراتياً يقضي عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة القتل، بكل ما يترتب على ذلك من آثار نفسية سيئة، وعار يجلبه على عائلته وأحبته، بينما يبدو المخرج خالد علي متأثراً بشكل واضح بفيلم {إكس لارج} بطولة أحمد حلمي، ليس  كونه اختار لفيلمه عنوان {حب إكس لارج}، إنما لأنه يتحدث عن معاناة شاب بسبب وزنه الزائد، والحب الذي يتحول دائماً إلى سراب يصعب عليه اللحاق به، لكن الأقدار تسوق في طريقه {حب إكس لارج}، وهي الأزمة التي لا تختلف كثيراً عن أزمة بطل {إكس لارج} تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج شريف عرفة !

 {الاعتراف} أحد الأفلام التي توقفت عندها بسبب اسم مخرجه محمد سويد؛ فإذا لم يكن ثمة مخرج خليجي بهذا الاسم، فأغلب الظن أنه اللبناني محمد سويد، صاحب كتاب {السينما المؤجلة}، الذي هجر النقد وتفرغ لإخراج الأفلام التسجيلية، وهاهو يتتبع في فيلمه الجديد خطى فتاة ليل تتعرض لمطاردة في شوارع باريس، وتختبئ في كنيسة، وهناك تعترف للكاهن بأسرارها وآثامها.

 بينما تشارك المخرجة شهد الشحي بفيلم يحمل عنوان {في الخفايا}، ومن واقع ما تم الكشف عن مضمونه، أستطيع القول إنه سيكون الأكثر جرأة بين الأفلام المتنافسة على جوائز {المهر الإماراتي}؛ إذ  يتناول قصة زوجة في منتصف العمر يصيبها الملل من الزواج، فتتنقل من علاقة غرامية إلى أخرى، وفي إحدى المرات تضطر، والرجل الغريب الذي كان معها في شقتها، إلى الاختباء في الخزانة، إلى حين رحيل الزوج، وزوال الخطر عنهما، ورغم أن الفيلم لم يُعرض بعد إلا أنني أتصور أن المخرجة تقدم أجواء غير معتادة في السينما الإماراتية والخليجية عموماً.

  الأمر المؤكد أن مسابقة أفلام {المهر الإماراتي} ستحتل مساحة من تفكيرنا، ووقتنا، واهتمامنا، ونحن نتابع فعاليات الدورة الحادية عشرة، ما يعني أن مسعود أمر الله آل علي المدير الفني للمهرجان صدق في قوله: {النهوض بصناعة السينما الإماراتية يحتل سلم أولوياتنا في مهرجان دبي السينمائي الدولي} .