تطاول اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي ملايين العاملين في أوروبا والبلدان المتقدمة وهي جزء من الأمراض المهنية الأكثر شيوعاً. كما أنها تشكل عبئاً اقتصادياً بالنسبة إلى المجتمع والشركات في آن. حتى أنها السبب في ارتفاع نسبة التغيب عن العمل مع ما يرافقه من تداعيات. قد تصل المشكلة إلى حد استبدال الموظف أو تغيير منصبه. أمراضتتعدد الأمراض في هذا المجال، نذكر منها التهاب الأوتار، والتهاب غمد الوتر، ومتلازمة النفق الرسغي، والتهاب اللقيمة، والالتهاب الكيسي، وآلام أسفل الظهر والرقبة... بشكل عام، تتركز المشكلة في الأنسجة اللينة والغضاريف والأعصاب، فضلاً عن الأوعية الدموية.تشمل العوارض الواضحة: تعب عضلي دائم، انحناء وضعية الجسم، وخز أو خدر في اليدين تحديداً. سرعان ما يجد الفرد صعوبة في القيام بحركات أو جهود معينة مع أنه كان ينفذها سابقاً من دون التفكير بها.متلازمة غويونهذه المتلازمة تطاول النفق الرسغي: ينضغط العصب المتوسط فيسبب أوجاعاً متكررة في الإصبعَين الرابع والخامس من اليد. يمكن أن يصاب الفرد بهذه المتلازمة وبمشكلة في النفق الرسغي في آن.متلازمة النفق الرسغييتعرض العصب الذي يرسل الأوامر إلى الأصابع الثلاثة الأولى للضغط. فيشعر المصاب بالوخز والانزعاج ويجد صعوبة في تحريك الأصابع وقد يتطلب العلاج الخضوع لجراحة. يتم تشخيص 200 ألف حالة مماثلة في السنة، يرتبط معظمها بأسباب مهنية، ويخضع 130 ألف منهم للجراحة. هذا العدد لا يشمل الأشخاص الذين لم يستشيروا الأطباء لمعالجة المشكلة.مخاطر حتميةيواجه المصابون باضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي خطر العجز المهني ويعانون جسدياً، حتى أن المشكلة قد تصل إلى حد الإعاقة بدرجة معينة، ولا ننسى أن الصورة التي يحملها الفرد عن نفسه تتأثر سلباً.لا بد من توخي الحذر في البداية من الاضطرار إلى القيام بحركات متكررة في إطار العمل، وهي حالة شائعة جداً. ينطبق الأمر نفسه على الأشخاص الذين يقومون بجهود جسدية أو يديرون محركات تصدر ذبذبات متواصلة.تشمل الفئة المستهدفة بكل وضوح الرجال الذين يعملون في قطاعات مثل البناء، لكن ينطبق الأمر أيضاً على الأشخاص الذين يعملون أمام الشاشة طوال ساعات من اليوم. في هذه الحالة، يتجه الرأس والعنق بطريقة لاواعية نحو الشاشة، لا سيما إذا كانت في موقع غير مناسب، ما يسبب أوجاعاً في العنق. يجب أن يهتم الفرد أيضاً بنظره أمام أي نوع من الشاشات.أثر متسارعمن المعروف أن المخاطر تزداد حدة بفعل ظروف معينة لها طابع نفسي واجتماعي. بسبب قلة الاستقلالية والدعم الاجتماعي في العمل، قد يميل الفرد إلى إهمال اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي التي تتفاقم بوتيرة بطيئة عموماً. في ما يخص الضغط النفسي، هو يلعب دوراً حتمياً في هذا المجال وتعترف به الهيئات الصحية.لإحراز تقدم ملموس، يجب أن يدرك المسؤولون في مختلف المناصب حقيقة هذه الظاهرة وألا يتردد العاملون في التعبير عن مشكلتهم. سيضمن ذلك أن يبقى السياق الاجتماعي سليماً، لكنّ الوضع لا يكون كذلك دوماً، كما يحصل مثلاً حين يخشى العامل أن يخسر وظيفته أو إذا كانت الشركة في وضع صعب.دور طب العمليستخف الكثيرون بدور طبيب العمل، لكنه يلعب دوراً فاعلاً للوقاية من اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي. من مسؤوليته أن يبلغ عن هذه الأمراض وأن يشخّصها، كما يمكن أن يقدم الاقتراحات لمعالجة الوضع من خلال تحسين الإجراءات المطبقة ومنح التعليمات أو تنبيه المدير بشأن العناصر التي يجب تصحيحها.مصفف الشعر مستهدَف!عمدت المعاهد المختصة بتصفيف الشعر وهيئات المخاطر المهنية في بعض البلدان إلى أخذ المشكلة على محمل الجد فابتكرت خطة لحل المشكلة. بدأ المشروع عبر إطلاق حملات توعية تستهدف أرباب العمل في صالونات تصفيف الشعر، وسرعان ما تكثفت هذه الجهود في سبتمبر 2013 من خلال هذه المبادرة الجديدة.نصف الأمراض المهنية التي يتم تسجيلها في مجال تصفيف الشعر تدخل في خانة اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي. يبقى مصفف الشعر واقفاً ويحني ظهره ويجلس بوضعية سيئة ويرفع ذراعيه، وسرعان ما يواجه اضطرابات متنوعة بعد سنوات، منها ألم في الظهر وفي العنق، فضلاً عن مشاكل على مستوى الدورة الدموية. لوحظ انتشار أمراض متنوعة في هذا السياق. هذا الوضع استلزم التحرك لمعالجة المشكلة وقد أصبحت اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي على رأس الأولويات في أوساط مصففي الشعر. تطاول هذه الاضطرابات العضلات والأوتار والأعصاب، وتحديداً على مستوى المعصم واليد، ثم تمتد المشكلة إلى الكتف والمرفق والظهر.يُعتبر وضع مصففي الشعر مثيراً للاهتمام في هذا المجال نظراً إلى رصد قواسم مشتركة معينة بين اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي بصورة عامة: لكن لا تنحصر الحركات المتكررة أو ضغط العمل في مجال تصفيف الشعر فقط. في ما يخص الضغط النفسي، فهو يؤدي إلى تفاقم الأوجاع العضلية ومشاكل الأرق.خطة يحتذى بهاتهدف هذه الخطة إلى السماح لرؤساء الشركات الناشطين في هذا القطاع بشراء المواد التي تضمن الراحة، ما يسمح لهم بتجنب الوضعيات السيئة. جميع صالونات تصفيف الشعر معنيّة بهذا الموضوع. تشمل المواد المفيدة صناديق للشامبوهات ومقصاً ومجفف شعر، على أن تتماشى هذه المعدات مع التعليمات التي أصدرتها الجهات المختصة. صدرت تعديلات عدة، منها استعمال مجفف شعر بوزن 370 غراماً على الأكثر، شرط ألا تتجاوز الضجة التي يصدرها معدل 67 ديسبل، ما يساهم في تخفيف بعض التشنجات المفرطة والضارة في الذراع.الوقاية ممكنةيمكن التحرك مسبقاً للاحتماء من المخاطر المحتملة وتجنب أي نوع من اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي. هذه العملية ليست معقدة جداً. يجب أن يتحمّل المعنيون المسؤولية من خلال وضع سياسة وقائية يكون لها أثر مباشر على الإنتاج وتنظيم العمل والمعدات والأدوات وإدارة الكفاءات، فضلاً عن تقدم المسيرة المهنية للموظفين وتعزيز مهاراتهم، وبالتالي تقييم الموارد البشرية.استثمارات حتمية: عند إجراء أي دراسة والإصرار على التحرك بفاعلية في مجال معين، لا بد من القيام باستثمار مالي مهم. تشمل هذه الخطوة تكييف ظروف العمل بهدف تقليص المهام المتكررة أو تخفيف الحمولات التي يجب نقلها وتغيير الأدوات أو استبدالها. كذلك، يمكن تغيير طريقة التنظيم عبر تطبيق مبدأ التناوب بين الموظفين، حتى لو لم يكن هذا الحل هو الأفضل.التدريب ونشر المعلومات: التدريب عامل أساسي في هذا المجال. يجب أن يتعلم كل فرد كيفية تنفيذ الحركات بالطريقة المناسبة من أجل الحفاظ على صحة المفاصل والأوتار. يجب إلزام الموظفين أيضاً بتطبيق التعليمات بحذافيرها. لا شك أن الأشخاص الأكبر سناً هم أكثر وعياً لهذه الظاهرة، لكن من الأصعب تمرير هذه الرسالة إلى الشباب الذين يثقون برشاقتهم. لا بد من نشر المعلومات اللازمة بين العاملين من أجل تحسين الوضع لأن عدداً كبيراً من الموظفين، وحتى أرباب العمل، لا يتوخون الحذر عند تطبيق العادات المكتسبة ولا يدركون ما يمكن أن يحصل لهم بعد سنوات.العلاجات المعروفة: يمكن اللجوء في المقام الأول إلى مضادات الالتهاب أو حقن الكورتيزون أو علاج {الميزوثيرابي} الذي يقضي بحقن مواد في الطبقة الدهنية من الجلد.باختصار، يجب الاهتمام بوضعية الجسم في أوقات العمل منذ مرحلة مبكرة. لكن لا بد من توخي الحذر أيضاً من بعض النشاطات الترفيهية، لأن اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي قد تنجم عن أعمال شائعة مثل الاعتناء بالحديقة والأشغال اليدوية وبعض الممارسات الرياضية. يمكن أن تسبب هذه النشاطات على المدى الطويل هشاشة العظام والروماتيزم. لذا يبقى الحذر واجباً في مختلف النشاطات!
توابل - Fitness
اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي... تفاصيل مهمة
14-10-2014