تطرقت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في تقرير نشرته على صفحتها الأولى في عددها الصادر أمس الى موضوع الخلاف الأميركي ـ التركي بشأن سورية، الذي تصاعد بشكل متسارع بعد المعركة في مدينة كوباني السورية الكردية وبدء واشنطن والائتلاف الدولي الذي تقوده حملة جوية على تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ «داعش» في سورية. وقالت الصحيفة إن الاختلاف المتفاقم في وجهات النظر بين أنقرة وواشنطن بات يشكل اختباراً حقيقياً لمتانة التحالف الممتد منذ أكثر من 60 عاماً بين البلدين، والذي بني في فترة الحرب الباردة مع وجود عدو مشترك هو الخطر الشيوعي السوفياتي، إلى درجة أن البعض بدأ يتساءل عما إذا لايزال يمكن اعتبار البلدين حليفين.وقال فرانسيس ريتشاردوني، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى تركيا حتى الصيف المنصرم، للصحيفة، إنه إذا انفض الحلف بين أنقرة وواشنطن فإن البلدين سيكونان في ورطة حقيقية، مؤكداً أن تركيا قد تكون الحليف الأهم للولايات المتحدة في المنطقة. ويشير المحلل التركي في مركز واشنطن للدراسات الدولية والاستراتيجية بولنت علي رضا الى أن «أزمة سورية كشفت حقائق غير سارة ومكتومة منذ مدة عن العلاقات بين البلدين»، واصفاً ما يجري حالا بينهما بـ»رقصة الكابوكي»، وهو تعبير سياسي يستخدم في الولايات المتحدة للتعبير عن دخول طرف أو طرفين في مناورات سياسية.ويضيف علي رضا إن هناك «شكوكا متصاعدة بشأن ما اذا كانت الولايات المتحدة وتركيا تتشاركان الأوليات نفسها أو تتقاسمان الأهداف نفسها»، ويوضح أنه «حتى عندما يتعلق الأمر بتحديد العدو، فليس هناك عدو مشترك» تجتمع عليه أنقرة وواشنطن. وتلفت «واشنطن بوست» الى أن التوترات بين أنقرة وواشنطن ليست جديدة من نوعها، مشيرة بشكل خاص الى فرض واشنطن حظراً على السلاح الى تركيا بعد اجتياح الجيش التركي جزيرة قبرص في عام 1974، والى الغضب الأميركي من أنقرة بسبب رفضها استخدام أراضيها لاسقاط نظام صدام حسين في العراق في عام 2003. وتؤكد أنه بالرغم من أن انتكاسة عام 2003 في العلاقات بين البلدين تم تجاوزها لاحقاً، إلا انها شكلت مؤشراً الى بداية تحول أكثر جوهرية في العلاقة بينهما، بدأ يتعزز مع عملية التغيير التي اطلقها الرئيس التركي الحالي رجب طيب اردوغان، والتي ربما غيرت وجه تركيا إلى الأبد.وتعتبر الصحيفة أن تركيا نمت وازدهرت في حقبة اردوغان، لكنها بدأت في المقابل الاتجاه نحو نموذج إسلامي تسلطي يبتعد بشكل مستمر عن النموذج العلماني التعددي الذي كانت الولايات المتحدة تعتبره عنصرا رئيسياً في التحالف مع تركيا.وتقول الصحيفة إن الأتراك لا يخفون رفضهم لاستراتيجية الرئيس باراك أوباما في المنطقة التي يصفونها بأنها قصيرة النظر وخطيرة، ويعتقدون أنها لن تنجح ويمكن أن تأتي بنتائج عكسية، ويؤكدون أن تركيا التي تقع على الحدود مع سورية مقتنعة أنه من دون رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة فإن المشاكل ستستمر عقودا. وتختم الصحيفة تقريرها بتصريح لعميد جامعة ايبيك التركية في أنقرة جوخان باسيك الذي قال «من الآن فصاعداً، العلاقة بين واشنطن وأنقرة هي علاقة ضرورة. لا يوجد ي شيء أيديولوجي مشترك تتقاسمه الولايات المتحدة وتركيا. لقد تغيرت تركيا».
دوليات
هل ينهار التحالف الأميركي - التركي؟
31-10-2014