يستخدم الفنان التشكيلي السوري قيس سلمان الهجاء في أعماله، محاولاً رسم ملامح الشجع، والغرور، والأيديولوجية المتطرفة التي تحدد عصرنا. وهو يسعى في كل سلسلة من لوحاته إلى أن يعكس القبح المتمثّل في لحظات اجتماعية بشعة كثيرة تمادينا بها حتى باتت مقبولة.

Ad

في معرضه الراهن «مجتمع متحضر» بغاليري {أيام} في بيروت، يغوص سلمان في أعماق الشخصيات السياسية، من أصحاب السلطة أو النشطاء، أو حتى المندوبين الدوليين، مركزاً في كل عمل على نقطة معينة، تجذب انتباهنا بقدر ما تنفرنا.

الفنان الذي يقدِّم بالريشة نقداً بارزاً ملوِّناً {الانحراف» في مجالات اجتماعية شتى، يصوِّر الوضع الفاسد للمجتمع ويحاول قراءته في خضم التعقيدات الحياتية، وقبل كل شيء ضمن تشكيل الهويات المبتكرة على أساس الحقائق المشيدة سلفاً، والنفاق الذي يدخل في تركيبة بناء غالبية تلك الشخصيات.

ولد الفنان في طرطوس في سورية عام 1976، وهو يعيش في بيروت. في لوحاته، يلفتنا تحولاً في نمط ريشته من مساحة إلى أخرى، من زاوية إلى أخرى، ولوحة إلى أخرى. يستخدم ألواناً ساطعة قوية لتشكيل مزيج من التعبيرية الواقعية، مستحدثاً خيارات وصفية متقدة. للوهلة الأولى، تقودنا اللوحة نحو زخارف بسيطة تحيط بالشخصيات الوحشية المرسومة. في لوحة بعنوان «عربي مجهول» مثلاً، تظهر شخصية رجل يرتدي بذلة توكسيدو مستلقياً على أريكة عتيقة، يحمل بيده قناعاً مرسوماً، هو رمز مجموعة {هاكتيفيزم} العالمية.

يصوِّر سلمان رجلاً واثقاً ومتأنقاً ومتمرساً في حياة ذوي الامتيازات، تُظهر ذاته البشعة ضربات ريشة فالتة من المعايير التشكيلية كافة. ولم ينس سلمان تنظيم الدولة الإسلامية {داعش}، إذ نرى شعاره في عمل {براندات}، وعلى السجادة الحمراء، على خلفية كُتبت عليها أيضاً مجموعة من العلامات التجارية العالمية. وتبدو أمام كاميرا التلفزيون شخصيةٌ متأنقة ومستعدة لالتقاط صورة لها.

يرسم سلمان تقاطعات الاستهلاك الجماهيري ووسائل الإعلام في الساحة السياسية، وتحديداً تمكين الجماعات الإرهابية على أرض الواقع من خلال التسويق الفطن والبروباغندا الإعلامية. كذلك يركز في أعماله الأخيرة على المؤشرات المزعومة للمجتمع {المتحضر} كاشفاً التكريس المشوش للثقافة المتشكلة في الآونة الأخيرة.

قيس سلمان الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 2002، يستثمر القضايا الراهنة، لا سيما الشائكة منها: الإرهاب، الاستهلاك، جراحات التجميل، التعصب الديني، الإمبريالية، وتلصصية العصر الرقمي... وهو عالج هذه الموضوعات في معارض جماعية عدة شارك فيها، ومعارض فردية من بينها: بينالي الاسكندرية (2014)، غاليري مركز مالي في دبي (2010 - 2014)، غاليري أيام بيروت (2012 - 2014 - 2015)، غاليري أيام في دبي (2010 - 2011 - 2014)، متحف دمشق للفنون الحديثة في سورية (2009) بارك آفينيو آرموري في نيويورك (2008)، مهرجان قرطاج لفناني ساحل البحر الأبيض المتوسط في تونس (2005). وعُرض عمل له من سلسلة «أزياء» على مجلة {وول ستريت} في عدد مايو 2010، وكان أول فنان عربي يظهر على غلافها.

يستمر المعرض حتى 20 مارس المقبل.