يؤكد المخرج حسني صالح أن الكلمات التي سطرها الأبنودي لشارات المسلسلات تتمتّع بقيمة فنية عالية، ولها مميزات، كونها حفظت جوانب من التراث الشعبي، ووثقت ملامح المجتمع المصري الذي مر بمراحل سجلتها أشعار الأبنودي، مضيفاً أن المسلسلات التي حملت شاراتها توقيع الأبنودي دلت على شخصيته المتميزة بإدراك عميق للمعاني التي كتبها، ما أسهم في نجاح أعمال عدة.

Ad

يشير إلى أن براعة الأبنودي يمكن تلمسها من خلال حفظ الجمهور لكلمات الشارة، وإقباله على العمل لمجرد أن الأبنودي وقاموسه شكلا واجهته، من هذه الأعمال: «الرحايا»، «شيخ العرب همام»، «وادي الملوك» و{الوسواس»، فالأبنودي كان سبباً رئيساً في نجاح هذه الأعمال.

يتابع أن الأبنودي كان يدرك تماماً وظيفة مقدمة المسلسل، وكان متعاوناً للغاية، لم يفرض رأيه على أحد، موضحاً أن إسهاماته لم تتوقف على الشارات بل كتب سيناريو وحوار مسلسل «وادي الملوك» وفيلمي «الطوق والأسورة»، و{شيء من الخوف»، وهي من الأعمال التي أثبتت شمول موهبة الأبنودي وقدراته.

عابر للأجيال

يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن أهم ما يميز الأبنودي أنه «عابر للأجيال»، وهي ظاهرة تستحق الدراسة، إذ كانت لديه مشاركات مؤثرة في الأعمال الدرامية والسينمائية والاجتماعية خلال فترات وحقب فنية مختلفة، ويفسر ذلك بأن الأبنودي، بخلاف شعراء كثر، طوّر نفسه وملكاته الشعرية التي سمحت له بتحقيق حضور على الساحة السياسية والفنية.

يضيف أن الأبنودي يمتلك أدواته ولم يصبه الجمود، لذلك هو مبدع ملء السمع والبصر، استخدمت معالجاته السينمائية في السيناريو إلى جانب قامات بارزة في فيلم «شيء من الخوف»، بالإضافة إلى أشعاره المهمة في فيلم «البوسطجي» التي عبر فيها عن «حال البسطاء»، وتعاون مع المخرج خيري بشارة في «الطوق والأسورة»، فأثبت من خلاله مهارة الشاعر وحرفيته في مجاراة ما يقتضيه فن الحوار السينمائي، وقدمه بمستوى مبهر.

وجود دائم

يقول الكاتب المسرحي يسري الجندي في تصريح لـ «الجريدة»: «شعرنا بوجوده الدائم على الساحة الثقافية والفنية، فتركيبة الأبنودي ساعدته على النجاح الساحق خارج المضمار الطبيعي له، وهو القصائد الشعرية، فالجنوب الذي نشأ فيه ترجمه إلى حبكات في السيناريو والحوار أو عبر كلمات، لكن النتيجة النهائية يُسأل عنها مخرج مقدمة المسلسلات، إذ كان يضفي حالة ينجذب إليها الجمهور».

يضيف: «من خلال استعراض تاريخ الأبنودي سنجد أنه حقق نموذج «الفنان الشامل» بامتياز، وعلى الدولة الاستعانة بالمدرسة الإبداعية التي شكلها «الخال»، وإفراز مزيد من المنتمين إلى هذه المدرسة من شعراء أو أدباء قادرين على العطاء في نواحي الفن والثقافة».

 يتابع: «من خلال التركيز على ما أضافه الأبنودي إلى تترات المسلسلات، سنلمس إدراكه أنها جزء لا يتجزأ من دراما المسلسل وعنصر فني يمثل قيمة إبداعية مضافة، وقد ساعد هذا التفهم الواضح من المبدع الراحل صناع المسلسلات.

يشير إلى أن أغاني الأبنودي  وأشعاره لم تشكل قيمة تجارية، ويطالب الشعراء الجدد والصاعدين بالاستفادة من تجربة الأبنودي والخروج عن نطاق السوق الشعبية والكلمات المعبرة عن قضايا العصابات والمناطق الفقيرة التي تعج بظواهر سلبية تسيطر علينا، والتأمل في الأفق الأرحب الذي ابدعه الأبنودي، ويتجاوز رصد الظاهرة وتوصيفها إلى تقديم النصائح والإسهام في تغييرها من خلال فن حقيقي.

حضور مؤثر

يشير الناقد الفني كمال رمزي إلى أن «حضور الأبنودي على الساحة الفنية كان مؤثراً للغاية، وأسهمت أشعاره الغنائية في تشكيل وجدان أجيال متعاقبة، وعبّرت بصدق عن حالة المجتمع فخلف تراثاً ثرياً في الثقافة والفن، يجب أن نجتهد جميعا للحفاظ عليه وتأصيله»، مطالباً الدولة ببذل جهودها لتوثيق أشعار الأبنودي في متاحف ومعارض، لتكون ظاهرة يتعلم منها المبدعون الجدد حتى لا يحصروا أنفسهم في وعاء فني واحد.

يضيف أن الأبنودي ترك علامة بارزة في تاريخ الدراما المصرية، ووفاته أشبه بخسارة فادحة للوسط الفني والثقافي، «شتان بين إسهامات الأبنودي وما نراه حاليا من تردٍ ضرب أوجه الإبداع في مصر»، مشيراً إلى أن الأبنودي كان «بوابة عبور» لفنانين كثر، فالتترات التي غناها مطربون من أشعار «الخال» صنعت نجوميتهم في مقدمهم علي الحجار.