قبل ثمانية أعوام كان النشاط اليومي المعتاد للسيدة ثيونغ سريتين يشمل تنظيف منزلها، وإطعام ما لديها من حيوانات المزرعة، وجمع بيض الدجاج لترسله إلى جدتها في مقاطعة كامبوت التي تبعد بمسافة 150 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الكمبودية.وأحياناً كانت تقابل أمها وأشقاءها الثلاثة في العاصمة بنوم بنه، غير أنه كان من المستحيل عليها أن تعبر لأعضاء أسرتها عن مشاعرها تجاههم وحبها البالغ لهم وافتقادها إياهم بشدة، والسبب في ذلك أنها لا تمتلك وسيلة للتواصل معهم. تقول ثيونغ، التي تبلغ الآن 32 عاما من العمر وتتحدث بلغة الإشارة، من خلال مترجم "إنني أكره أن أكون وحيدة، عندما يتحادث الناس، لا يأبه أحد لأمري ويتركونني بمفردي منعزلة عنهم، وكل تواصلي معهم هو مجرد رؤيتي للحركات التي تصدر من أيديهم وشفاههم"، مضيفة "إنني ناضلت حقيقة، لأن أسرتي تركتني أقبع في منزلي فقط، والأمر يبدو كما لو كنت سجينة في زنزانة، حتى أمي لا تصحبني إلى أي مكان".وهذا الوضع الصعب هو الحياة المعتادة لنحو 51 ألف مواطن أصم في كمبوديا، وهم لا يحصلون على الخدمات التعليمية والصحية الرسمية. ويعتقد آباؤهم في الغالب أنهم مصابون بإعاقات ذهنية.ويوضح تشارلز ديتماير، مدير مشروع تنمية الصم الذي يتيح التعليم غير الرسمي والتدريب على المهارات والمساندة لهم في كمبوديا أن "الآباء لا يفهمون حقيقة ما معنى أن يفقد المرء القدرة على السمع"، مضيفا أن "المجتمع لا يفهمهم أو يشعر بمشكلاتهم، وهم يتعرضون للتمييز البالغ ضدهم، وهم يلقون المعاملة كما لو كانوا يبلغون من العمر ثمانية أو تسعة أعوام، ومن الصعب للغاية أن يكون المرء من الصم في كمبوديا".ويشير ديتماير إلى أن أقل من 2000 شخص أصم في كمبوديا أي نحو 4 في المئة من عدد الصم، يستطيعون استخدام لغة الإشارة.ويقول إن "49 ألفا من الصم الباقين لم يتحدثوا قط مع آبائهم، لأنهم لا يعرفون لغة الكتابة أو الإشارة، بل ليست لديهم أية وسيلة للاتصال".يشار إلى الصم في كمبوديا بكلمة "كور" بلغة الخمير، وهي اللغة الرسمية في كمبوديا، وتعني هذه الكلمة "الصامت"، لأنهم لا يستطيعون التحدث بصورة طبيعية.واكتشف الباحثون الميدانيون الذين يعاونون ديتماير أن كثيراً من الأسر لا تمنح أبناءها الصم أسماء. (أ ف ب)
أخر كلام
صمّ كمبوديا... صامتون من دون أسماء!
05-02-2015