شهد صيف هذا العام في مصر انتعاشة في الحفلات الفنية التي شارك فيها كبار النجوم المصريين والعرب، وأقيمت في الساحل الشمالي والبحر الأحمر بالإضافة إلى مدينة الإسكندرية، لإنعاش حركة السياحة العربية والأجنبية في هذه المناطق.

Ad

في الساحل الشمالي أحيا الفنان الإسباني العالمي إنريكي إغليسياس حفلة، ثم افتتحت إليسا أولى حفلات المطربين العرب في منطقة سهل حشيش بالغردقة ضمن حملات تنشيط السياحة، التي تقوم بها وزارة السياحة المصرية.

أما عمرو دياب فقدم حفلتين إحداهما في مدينة رأس سدر, وأحيت شيـرين عبد الوهاب حفلة ضخمة في أحد المنتجعات السياحية في الساحل الشمالي خلال النصف الأول من سبتمبر، بعد غياب عن الحفلات الصيفية لأكثر من أربع سنوات.

جذب السياح

يقول اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، الذي حضر حفلة إليسا، إن هذه الفاعليات تأتي ضمن خطة تعمل على جذب السياحة العربية وتنشيطها للاستفادة المزدوجة، لافتاً إلى أن إقامة حفلات للمطربين العرب تأتي ضمن منظومة فتح أسواق سياحية جديدة لأبناء الخليج.

يضيف: «تصرّ الحكومة المصرية على توفير مناخ مناسب للسياحة العربية، والأشقاء العرب شريحة مهمة يعوّل عليها القيّمون على تنشيط السياحة، فبدل سفرهم إلى شرق آسيا نقيم لهم حفلات يحييها مطربون يعشقونهم، لهذه الغاية، فتحت خطوط طيران مباشرة من السعودية والكويت إلى مطار الغردقة لتسهيل سفرهم إلى مصر.

من ناحيته، يؤكد الموسيقار هاني مهنى، رئيس اتحاد النقابات الفنية، أن مثل هذه الحفلات تنعش الاقتصاد الوطني وتعيد الثقة في الحالة الأمنية المصرية وتطمئن العرب والأجانب مشير إلى أن مصر أصبحت آمنة ومستقرة سياسياً، وأن تاريخنا مليء بمثل هذه الحفلات الداعمة للاقتصاد الوطني، فالفن والسياسة والاقتصاد ثلاثة أوجه لعملة واحدة ، إذا ارتفع أحدها أثر إيجاباً على الباقي.

يضيف: {علينا الاستفادة من كل طاقاتنا المخزنة، فمصر لديها موارد هائلة، ويندرج ضمنها فنانوها الذين أثروا الحياة السياسية وحاربوا الإرهاب، وكانوا سبباً في عزل الإخوان، فلماذا لا تكون الحفلات أداة لجلب السياحة؟ الفن هو القوة الناعمة التي طالما استخدمناها، في الماضي كانت أم كلثوم تقيم الحفلات لدعم الجيش وتتبرع بإيراداتها للقوات المسلحة».

الحفلات الفنية تنشط حركة السياحة في البلدان العربية، برأي المطربة السورية وعد بحري، وتنعش حركة الفن والغناء، لذا تحرص على المشاركة في الفاعليات التي تنظمها دار الأوبرا المصرية، طالبة من زملائها عدم التردد أو التأخر في تلبية هذه الحفلات لأنها وطنية في الأساس.

تضيف: «من شأن هذه الحفلات إخراج المواطنين العرب من أزماتهم النفسية التي لحقت بهم بسبب الأحداث التي ألمت بالدول العربية في السنوات الأخيرة وأوصلتنا إلى هذه الحالة المتردية»، لافتة إلى أن الأجانب والعرب كانوا يقصدون مصر ليحضروا حفلات كبار النجوم وزيارة الأماكن التاريخية والسياحية، ما ساهم في إنعاش حركة السياحة المصرية.

حفلات شهرية

تسعى الدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيس دار الأوبرا المصرية، إلى إقامة برنامج حفلات شهري لدعم صندوق «تحيا مصر» الذي تأسس خصيصاً لجمع تبرعات لدعم الاقتصاد المصري، مؤكدة أن فرق الأوبرا ستشارك متبرعة بأجورها لصالح الصندوق، لأن ذلك يأتي في إطار الواجب الوطني.

تضيف: «للفن دور بارز وفعال في دفع عجلة البناء والتنمية، لن تكون الحفلات في القاهرة بل ستنتقل إلى الإسكندرية ودمنهور، وربما تصل إلى بعض الدول العربية، فدار الأوبرا تحاول تقديم ما يليق بمصر ومكانتها وتاريخها وحضارتها وعافيتها الاقتصادية التي لا بد من أن تنعكس على الثقافة والفن.

بدوره يوضح الناقد الفني سمير الجمل أن «الحفلات الفنية لدعم الاقتصاد والسياحة المصرية تذكرنا بالحفلات التي كانت تقيمها سيدة الغناء العربي أم كلثوم لدعم القوات المسلحة المصرية أثناء الحرب، فدور الفن داعم للحكومات، خصوصاً في دولة كبرى مثل مصر يمثل فيها الفن القوة الناعمة التي تدعم مؤسسات الدولة».

يضيف أن دور الفن ساعد في حماية مصر من الإخوان من خلال توثيق الجرائم التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية على مدار تاريخها، «ولا ننسى اعتصام وزارة الثقافة الذي مهد لثورة الثلاثين من يونيو، والآن جاءت المرحلة الأهم وهي دعم الاقتصاد وتغيير الصورة الخاطئة عن مصر بعد تطاول الإخوان عليها وإدعاءاتهم بأن مصر لا استقرار فيها».

لا يستغرب الناقد كمال القاضي هذه المبادرات، لأنها من صميم طبع الفنانين المصريين الوطنيين الحقيقيين الذين يساهمون في دعم بلادهم، والفنانين العرب الأوفياء لمصر الذين يعون دورها ومدى الأزمة التي واجهتها في السنوات السابقة، ويدركون أن نهضة مصر بداية الطريق لنهضة الدول العربية أجمع.

يضيف أن المطربين العرب كبروا وترعرعوا في حضن القاهرة، ومنهم من جاءها ولم يكن يعرفه أحد، وأصبح الآن من المشاهير، وعندما يحيي حفلات تزداد جماهيريته وشعبيته بالإضافة إلى الاستفادة المادية للاقتصاد.