مع استمرار نهج الحكومة بسحب "جناسي" عدد من المواطنين المحسوبين على معارضيها بحجة "التزوير"، ضاربة عرض الحائط بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يقول في مادته الخامسة "ليس من حق أي دولة أن تحرم مواطنا من جسيته تعسفاً"، فيكمن التعسف هنا في أنه ليس من حق من سحبت جنسيته اللجوء إلى القضاء ليفصل بمدى صحة القرار، فإذا القضاء رأى أنه ليس معنيا بنظر قضايا سحب الجنسية، فالأصل هنا إما إقامة تعديلات تتيح لمن سُحبت جنسيته اللجوء المباشر للقضاء للفصل، أو بقاء الجنسية معه، فهؤلاء صرف البلد على تعليمهم وكسب ولاء وانتماء معظمهم، فهم يمثلون طاقة بشرية يحتاجها البلد سواء كانوا بمقاعد المعارضة أو غيرها. فالمعارضة ظاهرة صحية تستفيد من وجودها الحكومات المتجهة فعلاً إلى الإصلاح، وأتفق مع الصوت الذي يقول إن المعارضة صوتها حاد وأسلوبها أصبح غير مقبول، ولكني أرفض بشدة ومن باب إنساني لا سياسي أن تكون التصفية بطريقة تعسفية توجه البلد نحو نفق مظلم لا نور في نهايته، إن كان هناك صوت يدعي أن الإجراء قانوني لا سياسي، فإن كان ذلك فيجب أن نرى محاسبة قانونية لكل الأطراف المشاركة بالتزوير ابتداء من الموظف المسؤول، وإذا كان ذلك فمن الطبيعي أن نرى تفاوتاً في توجهات الذين سحبت "جناسيهم"، فهل يعقل إذا أخذنا عينة مزورة أن جميع أتباع المعارضة كذلك؟ أنا أعتقد أن الخطر لا يكمن في سحب جنسية فقط إنما هناك رسالة تريد الحكومة إرسالها إلى باقي المعارضة ليعتبروا مما يحدث لزملائهم؛ كي تجعل منهم مجموعة تحت طوعها ورحمتها، وهذا في منتهى الظلم الذي يرفضه أي إنسان لما فيه من انتهاك لكرامة هؤلاء المواطنين.وأضعف الإيمان توفير بيئة قانونية تسمح لمن سحبت جنسيته بالطعن على القرار ومقابلة الحجة بالحجة، فما يحدث من تعسف يعتبر وصمة عار في جبين أي مواطن أو صاحب قرار يقف متفرجاً على ما يحدث لشركائه في الوطن.لا يعتقد من زرع الشوك أنه سيحصد زهوراً ملونة، فنظرية الإقصاء والاستبعاد دائماً تهدم ولا تبني، والذي يحدث في محيطنا الإقليمي خير دليل، وما يحدث من لا مبالاة وعدم اكتراث لتداعيات هذا التوجه الخطير سواء على المديين البعيد والقريب، يشكل خطراً على سمعة الكويت دولياً وتفكيكاً للجبهة الداخلية.الزبدة: الولاء الحقيقي لا يتم بإخافة الناس وتذكيرهم بأنهم تحت رحمتك بطريقة أو بأخرى إنما بإحياء الأمل داخلهم، وبشعورهم بالمواطنة والانتماء والوقف بوجه كل من يعتدي على كرامتهم، هنا نخلق مجموعة متمسكة بولائها بقلب صادق.
مقالات
البوصلة ضالة
18-10-2014