أياً كان سبب منع الرقابة رواية الكاتبة دلع المفتي «رائحة التانغو»؛ فإن ملتقى الثلاثاء جاء «ليفسحها» للقراء، في الجلسة التي قدم فيها الروائي عبدالرحمن حلاق قراءة نقدية للرواية بصحبة أعداد منها توافرت للحضور مساء أمس الأول في جمعية الخريجين.

Ad

وركز حلاق على دلالات الوعي والموقف عند «زهرة»، بطلة الرواية التي تمثل «دور المثقف في المجتمع وموضعه»، إذ عكست الرواية حياة امرأة لها من الثقافة والرؤية الإنسانية نصيب، وبدا ذلك واضحا في ممارساتها السلوكية، كما رصدها حلاق في الرواية، برفض البطلة الحجاب رغم أنها تنتمي إلى عائلة محافظة، وتربيتها ولديها لاستكمال دراستهما في الخارج، وحبها للتنظيم والترتيب، وانشغالها بعمل إبداعي بافتتاح معرض فني بعيدا عن حياة اللهو والترف، واهتمامها بقضية اللاجئين السوريين والبدون، وغيرها من القضايا الإنسانية، بموقف الفاعل الإيجابي لا المتفرج. ووصف حلاق الرواية بأنها «نص روائي مقاتل من الدرجة الأولى»، لفتح جبهات عدة على مستوى قضايا مجتمعية شائكة، تناولت الهيمنة الذكورية والمفاهيم الدينية المكرسة، والعلاقات الزوجية، وزواج المسيار وزنا المحارم، وحياة الترف وتشرد الأطفال والفساد الإداري والاقتصادي، وهو ما أعلن انحيازها التام لقضايا المجتمع، إضافة إلى تعدد الجبهات ورغبة «قول كل شيء» بسبب الفترة الطويلة من الشحن والاحتشاد، بحسب تعبيره.

وسجل حلاق ملاحظاته على تغذية الحبكة الرئيسة بمجموعة حبكات فرعية لإظهار المواقف الفكرية والعملية لبطلة القصة، مختتما ورقته بمناقشة «منطقية الأحداث» والتساؤلات التي أثارتها الرواية بمستوى الواقع في السرد.

وتداخل الحضور في إبداء ملاحظاتهم التي تراوحت ما بين «حميمية النص واقترابه من القارئ إلى مرتبة الصديق» كما أشارت الكاتبة سوسن دعنا، و«جرأة الطرح وتجريد المقدسات الاعتبارية من وجهة النظر الاجتماعية والتعامل معها بواقعية كما حدث في إثارة تناقضات حياة شخصية «الشهيد» في الرواية، بحسب تعليق د. جمال قباني.

ومشيدا بالسرد الروائي؛ أشار الروائي إسماعيل فهد إلى جمالية «حضور الروائح» ورمزيتها، وانسيابية النقلة بين متن الرواية وسرد الصفحات الثلاثين الأخيرة بشكل خاص.

أما الروائي طالب الرفاعي، فأشار إلى البنية المتكاملة للرواية، التي يجب التعامل معها على هذا الأساس من غير اختزال، واصفا العمل بـ»الإضافة الحقيقية لرصيد الكويت من النتاج الروائي».

ومشددا على «جرأة الطرح» وتجاوزه المألوف؛ عبر غسان الغلاييني عن موقف الرواية الواضح من قضايا المجتمع المسكوت عنها، بين سندان الفساد ومطرقة التشدد الديني، لتختتم الكاتبة سوزان خواتمي المداخلات بالحديث عن معايشتها تطورات الأحداث في الرواية، وكيفية كتابتها، وتفاعلها من تنامي الشخصيات الذي جاء مفاجئا رغم القرب الشخصي من حالة كتابتها.

على هامش «التانغو»

تحدثت الكاتبة دلع المفتي عن عملها الروائي «رائحة التانغو»، الذي كتبته وكتبها، قائلة: «كان المخطط حاضرا في ذهني، كتبته بتمهل ومتابعة حتى صرت ألاحقه، فالشخصيات تفاعلت ورسمت تفاصيلها، وهو ما جعل الشخصيات تأتي بهذه القصص والقضايا مجتمعة، وهذا هو واقع المجتمع، وهذه هي قضاياه مما نراه وما نسكت عنه وما نحاول إخفاءه!».

وأشارت إلى محاولتها الابتعاد عن الطرح الذي يلقم القارئ الإجابات عن الأسئلة، لرغبتها في تناول الواقع بتجريد وإظهاره على حقيقته، جامعة القضايا التي تراها جديرة بالانتباه بتعمد، ولو أنها حاولت مجاراة مقص الرقيب، لكنه لا يرحم!

بمداخلة ساخرة من موقف الرقابة وامتناعها عن «فسح الرواية»؛ أعلنت عضوة مجلس إدارة لوياك، فتوح الدلالي، تقديمها جائزة لمن يعرف سر المنع بعد التأكيد على أهمية الرواية وإثارة قضاياها معالجة لواقعيتها، وهو ما استدعى الناقد فهد الهندال ليعلق: سبب منع الرواية.. انتقاد دلع المفتي الدائم لعمل الرقابة.

الجلسة المقبلة لملتقى الثلاثاء ستناقش الأعمال التي لم يتم إفساحها وجدوى المنع، ومدى خطورتها على «المجتمع» استكمالا لموقفه الاحتجاجي من عمل الرقيب.