صدم البنك المركزي السويسري الأسواق يوم الخميس الماضي، بقرار إلغاء الحدّ الذي أقره قبل حوالي ثلاث سنوات ونصف السنة، بذروة أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، في تحرّك مباغت قبل اجتماع منتظر للبنك المركزي الأوروبي الأسبوع المقبل سيقرّ خلاله على الأرجح إطلاق برنامج للتخفيف الكمي.

المثير للدهشة، أن القرار جاء رغم تأكيد مسؤولي البنك خلال الأشهر السابقة، الإبقاء على مستوى 1.20 لتحرّك اليورو أمام العملة السويسرية، ما ساهم فعلاً في دعم الاقتصاد المعتمد على الصادرات خصوصاً لمنطقة اليورو نفسها.

Ad

ويبدو أن تكاليف الحفاظ على الفرنك دون ارتفاع أضحت باهظة للغاية بالنسبة للبنك المركزي مع اضطراره إلى شراء أصول مقوّمة بعملات أجنبية لاسيما اليورو في الوقت الذي يواجه فيه تحدياً جديداً يتمثل في طوفان إضافي من اليورو سيغرق الأسواق حال إقرار المركزي الأوروبي برنامجه لشراء أصول.

وتبقى خمسة أسئلة منطقية إلى حدِّ كبير طرحتها «وول ستريت جورنال» يوضحها الجدول بعد الخطوة المباغتة للمركزي السويسري الذي بدا مراهناً وبمعدل مخاطرة عال على مصداقيته أمام الجميع، لكن السؤال الذي لم تطرحه الصحيفة ويظل مفتوحاً هنا يتعلَّق بالفوضى والآثار السلبية على الأسواق، ومن سيدفع فاتورتها؟

وتبقى سويسرا نفسها أكبر المتضررين خصوصاً صادراتها مع تراجع تنافسيتها بجانب السياحة، فيما ضربت مجلة «إيكونوميست» مثالاً بسيطاً بكلفة وجبة «بيج ماك» من «ماكدونالدز» عند 6.83 دولارات مقابل 4.80 دولارات في الولايات المتحدة. هذا فضلا ًعن تأثر الأصول المقومة بالفرنك أمام الأجانب بعد ارتفاع العملة المحلية، ما قد يجعلها أقل جاذبية.

• لماذا فرض البنك سقفاً محدداً لتحرك الفرنك أمام اليورو؟

-كان الفرنك ملاذاً آمناً خلال أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو، وتسبَّب ذلك في ارتفاعات قوية له أمام العملة الأوروبية الموحدة مع زيادة الإقبال عليه.

- هدَّد ذلك الاقتصاد السويسري وشركاته التي تصدر جزءاً كبيراً من منتجاتها للمنطقة.

- اضطر البنك إلى الإعلان في سبتمبر2011 عن سقف 1.20 لليورو أمام الفرنك، وتعهّد حينها بالدفاع عنه بقوة وبالأدوات الممكنة كافة لحماية الاقتصاد.

• هل كان هذا السقف مجدياً وخدم الاقتصاد؟

- بالفعل بدا ذلك واضحاً مع تحقيق سويسرا لنمو فاق تحرك اقتصاد منطقة اليورو.

- نما الناتج المحلي الإجمالي 0.6 في المئة في الربع الثالث من 2014، مقارنة مع 0.2 في المئة لمنطقة اليورو.

- ساهم الثبات النسبي لتحرك اليورو أمام الفرنك عند هذا السقف في دعم الصادرات.

- لكن الإشكالية الكبرى تكمن في قرب معدل التضخم من الصفر، وبعبارة أخرى أن الاقتصاد لم يفلت من مخاطر انكماش الأسعار.

- التضخم في أسعار المستهلكين -0.3 في المئة خلال ديسمبر.

 •لماذا تخلى البنك عن سقف ربط عملته باليورو؟

- يرى البنك أن الفرنك لا يزال قوياً، رغم أن المبالغة في تحديد قيمته الحقيقية تقلّصت منذ تحديد السقف.

- لكن التوقعات كما يراها المحللون تشير إلى تعرضه لمزيد من ضغوط تصاعدية الأسابيع القادمة.

- ستزيد هذه الضغوط مع إطلاق المركزي الأوروبي برنامجاً للتيسير الكمي.

- ستؤدي تلك الخطوة إلى مزيد من هبوط اليورو، من ثم تصبح مهمة البنك صعبة في صد ارتفاع الفرنك.

• ما الذي يعنيه ذلك للمركزي السويسري؟

 - يواجه البنك مشكلتين منذ لحظة اتخاذه القرار: المصداقية والميزانية.

- تضرر مصداقية البنك هو الأخطر لأنه سيكون من الصعب عليه مستقبلاً إقناع الأسواق بقراراته، وتصريحاته لوجود نوايا تعاكس الحقيقة.

- بجانب ذلك، يوجد لديه الكثير من الأصول المقومة بالعملات الأجنبية ومنها اليورو، وتعني مواصلتها تراجعها أمام الفرنك مستقبلاً مزيداً من الخسائر المحققة له.

•ما الدروس المستفادة وعلى البنوك المركزية الأخرى استيعابها؟

- صعوبة الإبقاء على تدابير مؤقتة طارئة لفترة مطولة من الوقت.

- صعوبة عزل اقتصاد ما عن التطورات الخارجية المؤثرة خصوصاً مع شركاء تجاريين أساسيين.

- اتضحت تماماً صعوبة مواجهة بنك مركزي «صغير» للتداعيات على الأسواق من قرارات سياسة نقدية صادرة من بنوك مماثلة أكبر.

- كلما طالت مدة الإبقاء على التدابير الطارئة، زادت فاتورة التكلفة المصاحبة لذلك.

(أرقام)