يوم تم التخطيط في أوائل خمسينيات القرن الماضي للنهوض بالحركة الثقافية في الكويت، تمت الاستعانة بكوكبة ممتازة من المدرسين، ممن عُرفوا بنشاطهم الثقافي المميز.

Ad

فتشكلت ورشة عمل برئاسة الشيخ صباح الأحمد، يساعده فيها بدر العيسى وأحمد زين السقاف وغيرهما، لتنطلق «الإرشاد» التي هي «الإعلام الآن»، وبدأت مهامها لترسم خريطة الوجه الثقافي لهذا البلد النامي، وسرعان ما ظهرت نتائج تلك الانطلاقة الطموحة، التي طبقت شعار «الرجل المناسب في المكان المناسب».

ففي التلفزيون في سنواته الأولى مثلاً، تولى الإشراف على برامجه أحمد العدواني، ويعقوب الغنيم وغيرهما من الأسماء التي عُرفت بثقافتها الواسعة، وهكذا دواليك في بقية الإدارات الثقافية الإعلامية الأخرى، إلى أن حدثت نقلة نوعية كبيرة في تطور حركة الإعلام في الكويت، حينما أصبح الشيخ جابر العلي وزيراً للإعلام.

* * *

• لست هنا بصدد السرد التاريخي لمنجزات الإعلام الكويتي التي عاصرت شطراً كبيراً منها، لكنني أتساءل كواحد من أبناء الحركة الإعلامية في الكويت: أين إعلام الكويت اليوم من إعلام الأمس؟!

- قال لي مسؤول كبير: نريدك أن تكون مستشاراً في التلفزيون، فطلبت منه مهلة كي أدرس الوضع ثم أجيبه.

- وجدت أن عدد موظفي «الإعلام» قد تجاوز العشرين ألف موظف!! الغالبية العظمى منهم ليست على مستوى من الاحتراف في هذا الاختصاص الدقيق!!

- تعدد وجوه الوزراء الذين تولوا وزارة الإعلام، كانت له عواقب وخيمة على هذه الوزارة!! حيث إن كل وزير- إلا ما ندر- يستغل فرصة توليه المنصب ليوظف أكبر عدد ممن ينتمون إليه بالعلاقات المختلفة من قبلية وشللية... إلخ.

- في بداية المقال أشرت إلى كبار الموظفين الذين كانوا في «الإعلام»، وجلهم ممن يهتمون بالشأن الثقافي باعتبارهم من المثقفين، ولكن في العقود الماضية أُحيل إلى النيابة العامة عدد لا يُستهان به من كبار موظفي «الإعلام» بسبب تجاوزاتهم المالية!!

- عندما ظهرت محطات تلفزيون خاصة- وهي الأكثر نجاحاً من التلفزيون الرسمي- صارت تُدار بعدد من الموظفين لا يتجاوز المئة فقط، ومعظمهم من موظفي تلفزيون الكويت، بل إن الكثيرين منهم ما زالوا يستلمون مرتباتهم من وزارة الإعلام، في حين أن جهودهم الاحترافية الخلاقة يستثمرها القطاع الخاص!!

- وفي النهاية استخلصت أن هذا التطحلب الذي ينمو سنة بعد أخرى على جسم وزارة الإعلام، يحتاج إلى خبير باقتطاع كل هذه الطحالب التي تراكمت بترهلٍ في هذه الوزارة؛ ليزرع بذور إعلام جديد، يتناسب والمناخ الديمقراطي الحر الذي عُرفت به الكويت!!

فدول الخليج التي كانت تستعين بالكويت لتنشئ لها إعلامها والتي لم تتوافر فيها المقومات الفنية التي تحظى بها الكويت، هذه الدول أصبحت متفوقة علينا بمراحل!!

• تُرى أهناك من يدقق في مقالتي الأولى في «الجريدة» ويعتبر أن هذا ناقوس خطر جديد دقه الكثيرون ممن سبقوني، كالسنعوسي، والفيلي رحمه الله، ولم يُؤخذ رأيهم بعين الاعتبار لتستمر قافلة الإعلام الكويتية بمستوى لا يليق وحجم دولة الكويت، أم أنني أصيح في وادي الخواء و«عمك أصمخ»؟!