تنفرد «الجريدة» بنشر رد اتحاد المصارف على بعض المقترحات والآراء التي تتطلب حظر الفوائد التي تحصل عليها البنوك.ويرى الجهاز المصرفي في الدولة عموما جملة من المحاذير والصعوبات التي تحول دون اجراءات من هذا النوع، لما لها من تأثيرات جوهرية تمس القطاع المالي للدولة، وذلك بعدما ناقش ورقة مصرفية قانونية مهمة تمس مستقبل القطاع والاقتصاد الكويتي ككل. وشددت البنوك في ورقة رسمية على أن الدفع في اتجاه التحول الشامل في آليات ومنهجية عمل القطاع المصرفي وفرض نظام واحد يعكس تراجعا عن التوجهات العامة للدولة نحو السماح للبنوك الأجنبية بفتح عدة فروع في الكويت وأغلبها بنوك تقليدية.وأكدت البنوك أن أي تحول مفاجئ من خلال مقترحات نيابية أمر يتنافى مع ما تطمح إليه الدولة من أن تصبح الكويت مركزا ماليا تجاريا، حيث تترتب سلبيات عديدة على حصر النشاط في نموذج اسلامي وغض الطرف عن النموذج التقليدي الذي يلبي احتياجات قطاعات عريضة من العملاء على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي.وفيما يلي نص الرأي «المصرفي» الذي يفند الردود الفنية على مقترحات تحويل القطاع كاملا للعمل وفقا للنموذج الإسلامي، حيث تجمع المصارف كافة بشقيها الإسلامي والتقليدي على التأثيرات الجوهرية على الجهاز المصرفي والمالي وفقا للآتي:رفض «المركزي»1- الاقتراحات بقوانين المشار اليها متشابهة تلتقي على مضمون واحد، وسبق تقديم مثيلاتها عام 2010، ولا يقتصر مضمونها على حظر التعامل بالفائدة، وإنما تتضمن تحويلا شاملا لجميع وحدات النظام المصرفي والمالي في دولة الكويت كي تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وتحدد لذلك فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات وقد سبق لبنك الكويت المركزي ان ابدى عدم موافقته عليها في دراسة متعمقة وتفصيلية يجب ان تحل المحل المناسب لها.اختلاف تحديد الربا2- تولي الاقتراحات بقوانين أكبر عنايتها لحظر «الفوائد الربوية»، وذلك على الرغم من ان تحديد الربا المنهي عنه شرعا هو من المسائل المختلف عليها، والتي تخضع ـ بالتالي ـ للأخذ والرد والبحث والاجتهاد تبعا لاختلاف النظر إلى ما يحقق مصالح العباد والبلاد.وقد صدرت فتاوى شرعية من جهات ذات اختصاص ودراية لا تقيم حظرا على فوائد البنوك، ومن هذه الجهات دار الافتاء المصرية ومجمع البحوث الاسلامية ولجنة الفتوى بالازهر، علاوة على ان المحكمة الدستورية في دولة الكويت انتهت ـ في حكمها الصادر بجلسة 28/11/1992 في الطعن رقم 3/ 92 دستوري ـ الى عدم قبول المنازعة في دستورية المادتين 110 و113 من قانون التجارة واللتين تتناولان فوائد التأخير واستحقاقها لانتفاء مخالفتهما لاحكام المادة الثانية من الدستور.عصب الاقتصاد3- إن النظام المصرفي والمالي القائم في دولة الكويت، وعلى وجه الخصوص النظام المصرفي هو نظام يمثل العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني وروحه الدافعة وهو اداته الفاعلة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبموجبه تعمل البنوك التقليدية والبنوك الاسلامية في سوق مصرفي واحد، تشغل فيها البنوك التقليدية حيزا غالبا، وقد مضى على تأسيس اولها اكثر من ستين عاما، قطع خلالها النظام المصرفي الكويتي شوطا بعيدا ومضى فيها بخطوات واثقة حقق بها من النتائج ـ على الصعيدين المحلي والإقليمي ـ ما لا يجوز التفريط فيه، توفيرا للاستقرار الاقتصادي المنشود.تراجع سريع4- يعكس هذا التحول الشامل في النظام المصرفي المحلي تراجعا سريعا عن التوجهات العامة للدولة نحو السماح للبنوك الاجنبية بفتح عدة فروع في الكويت، واغلبها بنوك تقليدية، وقد تجاوبت السلطة التشريعية مع هذه التوجهات بموافقتها على القانون رقم 3 لسنة 2014 بتعديل بعض احكام القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية والمعمول به اعتبارا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية في 2/2/2014.وقد جاء هذا التعديل التشريعي ـ على ما أبانت عنه المذكرة الايضاحية ـ استجابة لطلب تحرير الخدمات المالية الذي دعا اليه النظام الاقتصادي العالمي الجديد في وثيقة الاتفاقية الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، ولم تقف مبررات اصدار هذا التعديل عند الوفاء بالالتزامات الدولية، وانما تعدتها الى تأثيراته الايجابية الناجمة عن السماح بالترخيص بفتح ابواب السوق المصرفي امام البنوك الاجنبية، وهو ما عبرت عنه المذكرة الايضاحية بقولها ان «زيادة المنافسة بين البنوك الوطنية وفروع البنوك الاجنبية سوف تدفع جميع هذه البنوك الى تقديم خدمات مصرفية جديدة ومبتكرة واذا ما تحقق كل هذا خلال المستقبل المنظور فإن المستفيد الاول من تلك الانجازات المصرفية هو قطاع الاعمال في الكويت الذي يصنع التنمية في الاقتصاد الوطني ويزيد من مردودها الاقتصادي والاجتماعي ومتى كان الامر كذلك، فان هذا التراجع الفجائي عن التوجهات العامة للدولة وتشريعاتها في هذا المجال وما ينبئ عنه من تردد غير مرغوب في السياسات المصرفية، انما يضع الدولة في وضع حرج ودقيق في مواجهة البنوك الاجنبية ويهدر المقاصد والاهداف التي يرمي اليها التعديل التشريعي سالف الذكر.تعطيل المركز المالي5- ومن جهة أخرى لا يلتئم هذا التحول الفجائي في بنيان الجهاز المصرفي الوطني مع ما تطمح اليه الدولة من ان تصبح الكويت مركزا ماليا وتجاريا مرموقا على الصعيد الاقليمي اذ يحول دون هذا حصر النشاط المصرفي باكمله في النموذج الاسلامي وحده، وغض الطرف كلية عن النموذج التقليدي رغم انه يلبي احتياجات قطاعات عريضة من العملاء على الصعيد الاقليمي.هدم للقواعد6- يضاف الى هذا ان التحول الشامل الذي ترمي اليه الاقتراحات بقوانين من شأنه ان يهدم قواعد استقرت زمنا طويلا في كل من قانون التجارة وقانون الشركات وقانون البنك المركزي، وهي قواعد وثيقة الصلة بالمعاملات بما لها من اثر بالغ في الحياة العامة التي ألفها الناس كما تمس هذه الاقتراحات بقوانين بعقود واتفاقات تعبر عن شريعة عاقديها وارادتهم الحرة.إمكانية تعديل الأوضاع7- وفي التشريع القائم من الاحكام ما يكفي، فقانون البنك المركزي يتضمن تنظيما محكما للبنوك الاسلامية في القسم العاشر منه والذي اضيف اليه بموجب القانون رقم 30 لسنة 2003 وقد نص القانون الاخير ـ في المادة الرابعة منه ـ على انه يجوز للبنوك القائمة في تاريخ العمل بهذا القانون وترغب في مزاولة اعمالها طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية، ان تقوم بتعديل اوضاعها وفقا لاحكام هذا القانون وطبقا للشروط والقواعد التي يحددها لها مجلس ادارة البنك المركزي في هذا الشأن.وبالفعل فقد حدد البنك المركزي هذه الشروط والقواعد لاي بنك تقليدي يعتزم التحول كليا للعمل وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية، كما سبق له ان وضع الشروط والقواعد المنظمة لتحول شركات الاستثمار التقليدية الى شركات تعمل وفقا لاحكام الشريعة الاسلامية.إخلال بالتعاملات العالمية8- إن الجهاز المصرفي الكويتي جهاز يضطلع بنشاط شديد الحساسية بطبيعته، ولا يسوغ تعريضه لهزات لا تحقق مصلحة مبتغاه، كما يجب النظر لهذا النشاط بمعزل عن النظام المصرفي العالمي الذي يتبنى ـ في مجمله ـ النموذج التقليدي للاعمال، فالصلة قائمة ـ بالحتم والضرورة ـ بين البنوك المحلية وبنوك العالم الاخرى، والتعاملات بينها جميعا جارية بما ترتبه من حقوق والتزامات متبادلة، وهو ما يستدعي التمهل لامعان النظر فيما تؤدي اليه هذه الاقتراحات بقوانين من تعريض مصالح الجهاز المصرفي الوطني لمخاطر شتى وتداعيات سلبية على الصالح الاقتصادي العام للبلاد.وترتيبا على ما سبق، نوصي بان يتولى اتحاد مصارف الكويت مخاطبة مجلس الامة الموقر لايضاح الملاحظات والمحاذير المتقدم بيانها.مقترحاتعلمت «الجريدة» ان البنوك ترى أنه من الأجدى ان يتولى اتحاد المصارف الكويتية التنسيق والتواصل مع مجلس الامة، بهدف ايضاح الملاحظات والمحاذير الفنية التي تراها البنوك، كقطاع متخصص وحساس بسبب طبيعة عمله.
اقتصاد
البنوك: نرفض إلزامنا بالتحول إلى النظام الإسلامي
01-02-2015