هذا الرجل الذي خرج أمام الناس بفعلته الشنيعة وأسلوبه الصادم لم يكن وحده... نعم، إنه تابع مطيع وأجير رخيص لمن هم أعلى منه ويملكون تصرفاته ويحكمون أعماله ويلقونه أمامهم ليلقف الأذى ويتقبل الفضائح، فهو ليس من "الرهط" الأقوياء، ولم يكن يوماً جزءاً من المنظومة التي تنظر من الأعلى وتتعرف على مكونات المجتمع واحتياجات التنمية وتطور الحياة في هذه الدولة.

Ad

لنترك هذا الرجل "الأداة" الآن ونتعرف على أسياده، إنهم نشأوا ضمن تركيبة الدولة ويعتبرون من سكانها، ولكنهم في الحقيقة عصبة متعاضدة تعاهدت على العمل بما يخدم أفرادها فقط ويحقق ثراءهم وحدهم، ويجعل مفاتيح الدولة ومغاليقها بأيديهم، ليس هناك مكان بينهم للمبادئ، ولا تحكمهم الأخلاق ولا يعترفون بالصلاح... رؤيتهم تتعدى الإثراء والغنى إلى السيطرة والتمكين.

الرهط هؤلاء "عمام" البذيء ليسوا من الغباء بتشريع الباطل أو الخروج بما يحرج منزلتهم المجتمعية أو يخدش سمعتهم العائلية، ولكن لديهم أدوات لاستخدامها في قياس تقبل المجتمع لفسادهم، ومنها هذا الرجل المسمي "قيدار" والذي كان مستعداً لعمل كل شيء لإسعاد من يرأسونه ومن بأيديهم مستقبل حياته.

قيدار هذا كان قد عرفه مجتمع ثمود الذين نبذوا تصرفاته ورفضوا أعماله، فقام الرهط التسعة بأمره بعقر ناقة صالح، والتي كانت تمثل في ذلك الوقت الاستقرار المجتمعي والرخاء الاقتصادي والمنعة السياسية، فهو بذلك يهدم أركان المجتمع دفعة واحدة وبأيدي الرهط الذين حكم الله عليهم بأنهم مفسدون وغير مصلحين.

يتبقى أن نقول إن العقوبة شملت الجميع، لا قيدار وحده الذي انتهى دوره بعد أن ذكر التاريخ أنه من أشقى أهل الأرض... أما دولة ثمود فكان مصيرها الفناء.