أعلن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد تعهد دولة الكويت بتقديم 500 مليون دولار لدعم الوضع الإنساني في سورية.

وقال سمو الأمير في كلمة افتتح بها أعمال المؤتمر الدولي الثالث لدعم الوضع الإنساني في سورية أمس، إن «دولة الكويت حكومة وشعبا لم تدخر جهداً في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري الشقيق منذ بدء الأزمة، وذلك عبر مؤسساتها الرسمية والشعبية، في ظل استمرار الأوضاع المأساوية التي يعانيها إخوتنا هناك، فالكارثة الإنسانية على مدى السنوات الخمس قد حولت شوارع وأحياء سورية إلى دمار، ومبانيها إلى أطلال، وشعبها إلى قتيل ومشرد».

Ad

وأضاف سموه «إيماناً منا بأهمية وضرورة إيصال رسالة إلى هذا الشعب بأن المجتمع الدولي يقف إلى جانبه ويشعر بمعاناته، وأنه لن يتخلى عنه في محنته، فإنه يسرني أن أعلن مساهمة دولة الكويت بمبلغ 500 مليون دولار من القطاعين الحكومي والأهلي، لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق، آملا من الجميع وضع هذه المأساة أمام أعينهم، والعمل على تضميد جراح هذا الشعب الذي عانى الكثير»... وفي ما يلي نص الكلمة:

"بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أصحاب المعالي والسعادة معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، معالي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني، السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسرني بداية أن أرحب بكم في دولة الكويت ضيوفا أعزاء لحضور المؤتمر الدولي الثالث للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية، والذي يأتي إدراكا لحجم المعاناة الانسانية والحرص على وضع حد لها واستجابة لمبادرة معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

أصحاب المعالي والسعادة، ينعقد المؤتمر الدولي الثالث للمانحين في دولة الكويت لمواجهة أكبر كارثة إنسانية عرفتها البشرية في تاريخنا المعاصر للتخفيف من معاناة الأشقاء في سورية التي يعيشونها بعد دخول هذه الكارثة الإنسانية عامها الخامس.

لقد حقق المؤتمران الأول والثاني نجاحا كبيرا بفضل مساهماتكم التي سجلت نسبة عالية جدا في المؤتمر الثاني تجاوزت 90 في المئة، ساهمت في تأمين التعهدات المطلوبة لمناشدات الأمم المتحدة حينها، وكلنا أمل أن يسجل مؤتمركم هذا الاستجابة السخية لمواجهة الاحتياجات الملحة للأشقاء.

أصحاب المعالي والسعادة، إن الكارثة الانسانية وعلى مدى السنوات الخمس قد حولت شوارع وأحياء سورية إلى دمار، ومبانيها إلى أطلال، وشعبها إلى قتيل ومشرد.

ولقد كشفت الأرقام المفزعة والحقائق الموثقة حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة التي نشرتها مؤخراً منظمات دولية وفقاً لدراسات بحثية، ان الدمار هو العنوان الرئيسي لكل المناطق في سورية دون تمييز، حيث تجاوزت أعداد القتلى من الأشقاء مئتي وعشرة الآف قتيل وتشريد ما يقارب 12 مليون شخص في الداخل والخارج في ظل ظروف قاسية وأوضاع معيشية مأساوية صورها لاجئ سوري بأن حياتهم أصبحت مثل الغارق في الرمال كلما حاول التحرك ازداد غرقا، كما حرمت الكارثة مليونين من الأطفال اللاجئين دون سن الثامنة عشرة من أبسط حقوقهم التعليمية والصحية، الأمر الذي يهدد مستقبل جيل كامل ويجعلهم أمام مستقبل مظلم يحرم وطنهم من مشاركتهم الفاعلة في بنائه.

كما تشير الدراسة الى أن الاقتصاد السوري في حالة انهيار شبه كامل، إذ بلغت خسائره أكثر من 200 مليار دولار، وارتفعت نسبة البطالة لتصل إلى 57 في المئة، وانخفض متوسط الأعمار للشعب السوري الشقيق إلى 55 سنة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر بشكل كبير، كما بلغ عدد اللاجئين السوريين في الخارج قرابة الأربعة ملايين شخص، ليسجل أكبر مجتمع للاجئين في العالم. إن هذه الحقائق المرعبة تضعنا كمجتمع دولي أمام مسؤولية تاريخية تحتم علينا معاً العمل بكل عزم وإصرار لإنهاء هذه الكارثة التي باتت تهدد في تبعاتها الأمن والسلم الدوليين، لكونها أصبحت ملاذا للمنظمات الإرهابية تنطلق منه لتنفيذ مخططاتها الدنيئة.

ولا يفوتني هنا الإشادة بالجهود المقدرة والمبذولة من قبل الدول المضيفة للاجئين، وهي المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية اللبنانية، والجمهورية التركية، وجمهورية العراق، وجمهورية مصر العربية لما تقدمه من خدمات إنسانية وإغاثية ضخمة لمجتمع اللاجئين، ولقد فاقت أزمة اللاجئين السوريين قدرات الاستجابة في الدول المجاورة، وتركت آثاراً سلبية كبيرة على الخدمات الاجتماعية والهياكل الأساسية والموارد الحكومية في الدول المضيفة للاجئين، علاوة على مواجهة تلك الدول للمخاطر الأمنية بسبب الانتشار الإقليمي للصراع.

كما نشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها الدولية المتخصصة في هذا المجال، لاسيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والوكالات الدولية الأخرى العاملة في الميدان.

وفي هذا السياق أود أن أغتنم هذه الفرصة للتعبير عن شكرنا وتقديرنا للسيدة فاليري آموس على ما بذلته من جهود مخلصة ونبيلة أثناء عملها كوكيلة للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.

أصحاب المعالي والسعادة، لقد عجز المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن طوال السنوات الخمس عن إيجاد حل ينهي هذا الصراع، ويحقن دماء الأشقاء ويحفظ لهم كيان بلد جرحته مخالب الفرقة، ومزقته أنياب الإرهاب.

وأمام هذا الواقع المرير والتهديد السافر للأمن والسلم الدوليين، فإن مجلس الأمن ولاسيما أعضاءه الدائمين مطالبون بأن يتركوا جانبا مصالحهم الضيقة وخلافاتهم الواسعة ويوحدوا صفوفهم، للخروج بحل ينهي هذا الصراع المدمر ويعيد الأمن والاستقرار إلى ربوع سورية الشقيقة، ويوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها كل الأطراف، ونطالب بتقديم جميع مرتكبي هذه الجرائم للعدالة.

إن المخرج السياسي الشامل هو القائم على أساس بيان مؤتمر جنيف الأول لعام 2012، وهو الحل المناسب لإنهاء الصراع الدائر في سورية الذي لن ينتصر فيه طرف على الآخر، ولن تؤدي الصواريخ والقذائف إلا لمزيد من الدمار والهلاك، مؤكدين دعمنا لجهود المبعوث الخاص للأمين العام إلى سورية السيد ستيفان دي مستورا.

أصحاب المعالي والسعادة، إن دولة الكويت حكومة وشعبا لم تدخر جهدا في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري الشقيق منذ بدء الأزمة، وذلك عبر مؤسساتها الرسمية والشعبية في ظل استمرار الأوضاع المأساوية التي يعاني منها إخوتنا في سورية.

وإيماناً منا بأهمية وضرورة إيصال رسالة إلى هذا الشعب بأن المجتمع الدولي يقف إلى جانبه ويشعر بمعاناته، وأنه لن يتخلى عنه في محنته، فإنه يسرني أن أعلن مساهمة دولة الكويت بمبلغ (500 مليون دولار أميركي) من القطاعين الحكومي والأهلي لدعم الوضع الإنساني للشعب السوري الشقيق، آملا من الجميع وضع هذه المأساة أمام أعينهم، والعمل على تضميد جراح هذا الشعب الذي عانى الكثير.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل والتقدير العالي لمعالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومساعديه، وللاخوة رئيس وأعضاء اللجنة المكلفة للاعداد لهذا المؤتمر ولكل المشاركين في ذلك على التحضير والترتيب الجيد له، سائلا المولى عز وجل أن يحقق تطلعات الشعب السوري المشروعة ويحفظ وحدة وسيادة واستقلال سورية الشقيقة، وينعم عليها بالأمن والأستقرار، وأن يوفقنا في تحقيق مقاصدنا النبيلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".