حدد باحثون ظهور خلايا سرطانية مقاومة للعلاج بإجراء فحوص دم متكررة لمرضى يعانون حالات متطورة من سرطان البروستات. لذلك وضعوا نموذج علاج جديداً: مراقبة المرضى المستمرة باعتماد فحص دم يكون مؤشراً إلى أن العلاج يؤدي إلى نتائج عكسية.

أجريت الدراسة في معهد أبحاث السرطان بلندن ومؤسسة Royal Marsden NHS Foundation Trust وجامعة ترينتو في إيطاليا.

Ad

كشف الباحثون أن استعمال الغلوكوكورتيكويد (القشراني السكري)، أدوية ستيرويدية توصف مع العلاج بالهرمونات، يتزامن مع ظهور طفرات تؤدي إلى تحول الدواء إلى منشط للمرض لا كابح له.

تُظهر النتائج أيضاً أدلة قوية على أن {الخزعات السائلة}، التي تحلِّل حمض الورم النووي في الدم، قد تقدّم صورة دقيقة عن نمو السرطان في كل حالة على حدة.

مراقبة دقيقة

تشير هذه الاكتشافات إلى أن مَن يعانون حالة متطورة من سرطان البروستات قد يخضعون في المستقبل لمراقبة دقيقة بحثاً عن حمض الورم النووي المتنقل، ما يتيح للأطباء تحديد ظهور طفرات خطرة وتبديل العلاج قبل أن تحوّل المرض إلى شكل أشد خطورة.

بالإضافة إلى ذلك، تكشف الدراسة، التي تستند إلى تحليل جيني معقد لخزعات وعينات دم من 16 مريضاً يعانون سرطان بروستات متقدماً، أن العلاجات قد تتحوّل إلى قوة تحفز مجموعة الخلايا السرطانية في الورم.

يبحث الباحثون خصوصاً عن إشارات تُظهر أن الغلوكوكورتيكويدات قد تسهّل نجاة الخلايا التي تحتوي طفرات مستقبلة للأندروجين، ما يؤثر في طريقة تفاعل الخلايا مع الهرمونات. لذلك استخدموا خزعات متكررة من أوارام وحللوا حمض الأورام النووي المنتقل بمرور الوقت، مراقبين ظهور خلايا سرطانية مستنسخة تحتويها كل طفرة.

في حالة عدد من المرضى، تزامن استخدام الغلوكوكورتيكويد مع ظهور طفرات مستقبل الأندروجين وتطور السرطان إلى أشكال أكثر خطورة.

كذلك أظهرت هذه الدراسة أن من الممكن استخدام قياس معدلات حمض الورم النووي المنتقل (اختبار أقل كلفة وخطورة، مقارنة بأخذ عينات متكررة من الأورام بواسطة حقن الخزعات) بغية مراقبة بروز سرطان بروستات مقاوم للعلاج.

تكييف العلاج

يذكر الدكتور غيرهارد أتارد، باحث مشرف على الدراسة، عالم سريري متخصص في أبحاث السرطان في معهد أبحاث السرطان في لندن، ومستشار فخري في مؤسسة Royal Marsden NHS Foundation Trust:

«تُظهر دراستنا أن العلاج بالستيرويدات الذي يُعطى لمرضى يعانون حالة متقدمة من سرطان البروستات ويكون فاعلاً في البداية يبدأ بالتسبب بطفرات مؤذية ويتزامن مع معاود السرطان النمو».

«تؤدي النتائج إلى نموذج جديد من معالجة مَن يعانون سرطان بروستات متقدماً. نأمل في المستقبل أن نراقب بشكل دوري الطفرات الجينية في حالة مَن يعانون مرضاً متقدماً باستخدام فحص دم فحسب، ما يتيح لنا وقف العلاجات عندما تصبح محفزاً للمرض واختيار العلاج التالي. علينا أن نثبت دقة هذه الاكتشافات في حالة عدد كبير من المرضى. لكن استخدام هذه الأنواع من فحوص الدم قد يسمح لنا، حقاً، بتكييف علاج مرضى سرطان البروستات وفق حاجات كل منهم، وذلك بالاستناد إلى الطفرات السرطانية التي نحددها».

يشير البروفسور بول واركمان، مدير تنفيذي مقيم في معهد أبحاث السرطان في لندن:

{تشكل مقاومة الأدوية التحدي الأكبر الذي نواجهه في أبحاث السرطان وعلاجه. وقد بدأنا لتونا نفهم كيفية ظهورها بسبب الضغوط التطورية على الأورام. يُظهر هذا الاكتشاف البالغ الأهمية أن بعض علاجات السرطان قد تساعد في استمرار الخلايا السرطانية الناشئة، ما يعلل فكرة المراقبة الدائمة للمرضى باستخدام فحوص الدم بغية تتبع تطور مرض السرطان ومنعه}.

يعلن الدكتور ماثيو هوبز، نائب مدير مؤسسة أبحاث سرطان البروستات في المملكة المتحدة:

«لا تتوافر اليوم خيارات علاجية كثيرة للرجال الذين باتوا في مرحلة متقدمة من سرطان البروستات. لا نبدو اليوم بأمس الحاجة إلى مزيد من العلاجات لهذه المجموعة من المرضى فحسب، بل يجب أن نفهم، أيضاً، متى لا تعود العلاجات المتوافرة فاعلة ولماذا. يُعتبر هذا البحث مهماً لأنه يُظهر أننا نملك، على الأرجح، طريقة جديدة لمراقبة تبدلات السرطان خلال العلاج وأن هذا قد يساعدنا في تحديد المرحلة التي لا تعود فيها بعض العلاجات فاعلة. وقد يزود هذا الأطباء في المستقبل بمعرفة يحتاجون إليها للحرص على عدم هدر أي وقت بين انعدام فاعلية أحد العلاجات في حالة المريض وانتقاله إلى علاج آخر فاعل».

«لكن هذا البحث ما زال أولياً، وقد شمل عدداً قليلاً من الرجال. نحتاج الآن إلى اختبار هذه النتائج على مجموعة أوسع من المرضى بغية تحديد إمكاناته الفعلية. لذلك يجب ألا يتوقف أي رجل يعاني حالة متقدمة من سرطان البروستات عن تناول أدويته نتيجة هذه الاكتشافات. ولكن عليه استشارة الطبيب المعالج إن كانت تساوره أي شكوك».

تفيد نيل باري، مديرة المعلومات العلمية في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة:

«من الأهمية بمكان فهم التبدلات الجينية التي تقدّم لخلايا الأورام وسيلة نجاة لتصبح مقاومة للعلاج. وتشكّل هذه الدراسة خطوة أولى مهمة نحو اكتشاف كيفية استخدام حمض الأورام النووي في عينات الدم بطريقة تتيح للطبيب مراقبة تطور سرطان البروستات خلال العلاج».

«يؤدي العلماء في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة دوراً فاعلاً في تحديد طرق تمايز مجموعات من الخلايا السرطانية جينياً، حتى داخل الورم الواحد. وتلقي هذه الاكتشافات الأخيرة المزيد من الضوء على طريقة تطور الأورام».