• ما الذي يؤسس لنجاح القصيدة؟ المعاناة، البيئة المحيطة، قناعات معينة، أم جرأة في الطرح؟

Ad

القصيدة جرأة في الطرح؛ تنطق بأسرار الروح المجنّحة برغبة التلاقي الفكري والإنساني، قوامها لغة عربية متينة مشحونة بصور قيّمة ودلالات مقرونة بمعطيات أدبية وإيحاءات فرضية تقودها قناعات معينة، وغالباً ما تكون ناتجة من معاناة أو خلافها.

• ما الذي يشعل قلمك وينقلك إلى الورق لرسم قصيدة؟

قلمي يشتعل بحبّ الكتابة، يضمر حريّة التعبير الأنثوي والوعي الحياتيّ، ليرسم الشعور المكنون في الفكر وفي الروح الباحثة عن الذات الإنسانيّة، فتجعل من الشعر معراجاً لخلاصها.

• تجمعين في شخصيتك تراكمات ثقافية نهلت من معين جبران خليل جبران ونزار قباني وغيرهما، كيف يمكن بناء شخصية أدبية مستقلة بعيداً عن تأثير هؤلاء الأدباء الكبار؟

تعمّقت منذ حداثتي بأدب هذين العملاقين اللّذين تركا أثراً في نفسي لدرجة أنني كنت أحلم بمجاراتهما وأطمح بالاقتداء بهما، لذا عملت على تغذية لغتي العربية الأمّ الّتي عشقتها وتخصصت بها... إلى أن اعتمدت تكوين شخصية أنثوية أدبية مستقلة، بعيدة عن المألوف، فكتبت بأسلوب مختلف وإطار مميّز أبعدا القارئ عن الرتابة وقرّباه إلى الواقع الحياتيّ والطبيعيّ الذي يجمعنا.

• تعبرين عن الحب في معظم قصائدك، إلى إي مدى المرأة الشاعرة في منطقتنا العربية يمكن أن تكون جريئة وتعبر عن مشاعرها من دون خوف أو حذر؟

يمثّل الحب في الشعر المكانة المرموقة التي لا تدانيها مكانة أخرى لأي كائن، فهو الملهم، والحبيب، والقرين، وهو مصدر السعادة والغبطة وباعث الأمل والرجاء، ولقد أوليتُ إلى الحب معظم قصائدي بأسلوب مباشر حضاريّ مشحون بالقيم والدلالات، هو إلى حدّ ما جريء وأنيق، إنطلاقاً من جودة صياغة الكلمة وإتقان ترسيمها ضمن صور شعريّة مطيّبة بإيقاعات الحياة الّتي تنمّ عن أصالة الوعي الإنساني المتفاعل داخلي متسلّحةً بالمنطق والموضوعيّة.

• تكتبين القصيدة العمودية، لماذا التعبير بهذه الطريقة؟

الشعر موجود في كل إنتاج مبدع يتّصل بالنفس البشريّة، وهو موجود في كل ما يتميّز بالتّوازن والانسجام الجماليّ، كما أنّ لقصيدة النّثر إيقاعها الخاص وموسيقاها الداخليّة، فهي تعتمد على الألفاظ المتجانسة والصور، والحالة العامة للقصيدة، لذا أحرزت هذه القصيدة فضلاً كبيراً في تحريك المشاعر وإعادة التفكير في أشكال الأدب المعروفة عامة والشعر منها خاصة. أمّا بالنّسبة إلي، فوجدتُ نفسي في القصيدة العمودية لأنّها لازمتني في إطارها الشّفّاف وشكّلت جزءاً مهمّاً في تأثيرها على المتلقّي المتذوّق لهذا النوع من الشعر.

• أين هو موقع المرأة الشاعرة في العالم العربي؟

كان للخنساء موقع فاعل في الشعر الأنثويّ العربي، كذلك ليلى الأخيليّة ورابعة العدويّة وفدوى طوقان ونازك الملائكة، ونحن اليوم، أمام وثبة خصّت بها المرأة الشاعرة العالم العربي، وصرخة غنج هتفت بها باسم الشعور المتمدّد في طيّات الصّدر، فاجتازت أسوار الفرضيّات والمعطيات، وجاء بوحها بالشكل الأرقى والأسمى...

• ما موقعك من الشعر الحديث؟

اعتبرت نازك الملائكة نفسها رائدة الشعر الحرّ وأنّ شعرها كان أسبق في الظهور على شعر السيّاب.. أما أنا فأختزل هذا الاشكال، وأترك للتاريخ تحديد موقعي من الشعر الحديث، فأجدني في فضاء اللغة أسعى إلى ابتكار أنساق جديدة ممهورة بالمتانة والقوة وحسن السبّك والانسياب، للخروج بلغة قادرة على احتضان الرؤى المخصبّة بثقافة واسعة.

• برأيك ما أهمية وسائط التواصل الاجتماعي في تقريب الشاعر وشعره من القراء؟

ممّا لا شكّ فيه أنّ لوسائط التواصل الاجتماعي؛ باختلاف أنواعها، الفضل الأكبر في تقريب الشاعر من القرّاء، والإضاءة على إنتاجاته وأعماله، الأمر الذي يسهم في التنويه بقدراته وميزاته، ومنح شعره حقّه.

• كيف ظهرت عندك موهبة الشعر، ومتى كتبت قصيدة على الورق للمرة الأولى؟

ظهرت موهبة الشعر عندي في سن الحداثة، وأذكر تماماً أولى قصائدي حملت عنوان {دوما} تيمناً لقرية دوما في الشمال اللبناني، حيث قمت يومها برحلة مدرسيّة إليها...

 

• تحملين قضية الوطن في شعرك ولديك قصائد وطنية تنزف مع سقوط ضحايا وشهداء، كيف يمكن أن يخدم الشعر قضايا الوطن؟

لطالما كانت الكلمة السلاح الأبيض، ولطالما كان الحقّ سلطاناً، ولطالما استنزف الشعراء العرب أحبارهم في خدمة قضايا أوطانهم، ولطالما استأثر الحكام بالشعر الوطني، فالكلمة سيف ذو حدّين، وحينما يغدق الشاعر اختلاجاته الثائرة، لا ريب أنّها تسقط على الورق وفي المسامع سقوط الصاعقة.

• كيف تطورت كتابتك الشعرية بين كتابك الأول واليوم؟

تطوّرت كتاباتي طبق الحالة النفسيّة والفترة الزمنية الّتي أعيشها، فبين كتابي الأول واليوم مراحل انتقاليّة أنجبت عدّة عناوين، وفي كلّ منها، امتلكتني رغبة في ابتكار ما هو جديد وغير تقليديّ.

• ما تقييمك للمشهد الشعري العربي في ظل الأحداث التي تعصف بالدول العربية؟ وهل ثمة اهتمام بالشعر؟

 هنا، وفي ظلّ الأحداث التي تعصف بالدول العربية، أوجّه جلّ تحياتي إلى وزارات الثقافة واللجان الأدبية والثقافية في لبنان وفي البلدان العربيّة كافّة، الّتي ما زالت تهتمّ بالشعر وتحافظ عليه كونه ميراث قيّم، وتعمل على استمراريّة هذا التراث العربيّ العريق.

• إلى أي مدى تنبض قصائدك بتجاربك الخاصة في الحياة؟

قصائدي كلّها حيّة، تنبض بتجاربي الخاصّة، وبتجارب كلّ من يحيا في هذه الحياة!

• برأيك، هل الشعر صناعة أم موهبة تحركها العفوية؟

وحده الشعر لا يسعنا صناعته! فالشعر فنٌ وإبداعٌ يولد بالفطرة، والشعر موهبة تحرّكها مكنونات في دواخلنا، والشعر وسيلة للتقرّب من الآخر، وهنا تكمن نباهة الشاعر في جذب الآخر إلى عالمه ودمجه بمشاعره الخاصة...

• إلى أي مدى اللحظة الشعرية اليوم تتواصل مع الإبداعات الشعرية للشعراء الكبار في العصور المتعاقبة؟

نحن اليوم، في نهضة شعريّة شاملة، منها ما ينتمي إلى الإبداعات الشعرية للشعراء الكبار في العصور المتعاقبة، ويتّخذ من هؤلاء مرجعاً له وقدوة، ومنها ما هو بعيد كل البعد عن تلك الإبداعات.

• توقفت عن كتابة الشعر فترة طويلة بعد انطلاقتك فيه، لماذا هجر قلمك الورق وكيف عاد؟

هجر قلمي الورق إثر استشهاد خطيبي في الأحداث اللبنانية، وختم {نَدَيات} بقصيدة {لو كان للموت ضمير..}، وعاد ليحقّق حلم طفولته الّذي حالت الأحداث اللبنانية دون تحقيقه...

• أخبرينا عن ديوانك الجديد الذي تنوين إصداره قريباً.

{ملحمةُ الغرام} ديواني الجديد، سيكمل سيرتي الشعريّة، وسيكون سياق قصائده مختلفاً عن سالفاتها، أدعو الله أن يوفّقني في إتمامه وأن يحظى باستعذابكم الكريم.

نبذة

 

ندى نعمة بجاني أديبة وشاعرة، مؤسِّسة مجموعة {امرأةٌ تَحتَ الشمس - صالون الشاعرة ندى نعمة بجاني الأدبي} – الإلكتروني، مؤسّسة صفحة {الشاعرة ندى نعمة بجاني} - {يوتيوب} - تضم تسجيلات وأفلام فيديو لمعظم قصائدها وأعمالها من أمسيات ومقابلات تلفزيونية وإذاعية، حائزة شهادات تقدير من مؤسسات ثقافية أدبية لبنانية وعربية.

من أبرز دواوينها: {امرأةٌ تَحتَ الشَّمس (2011)، صَبـاحِيّـات ومَدامِع النّدى (2011 )، امرأةٌ تَحتَ الشَّمس- الجزء الثّاني (2012)،  سَوانِح امرَأة عاشِقَة (2012 – 2013)،  يَـومِيّـات عاشقة} (2012)، - رَسائِلي إلَيكَ (2013)، قراءات مِنَ القَلب (2012 - 2013)، مِن دَفاتِرِ الحَياة (2012 – 2013)، رَجُل المستحيل (2013)، سَيّدُ العَواصِف (2013)، قادِمَةٌ مِنَ الصّفاء (2013)، قَصيدةٌ .. حتّى.. المَمات (2013)}.