تشير خطوة البنك المركزي الصيني التي اتخذها أمس الأول بخفض الاحتياطي الإلزامي للمصارف نصف نقطة مئوية إلى مخاوف متعلقة بنمو ثاني أكبر اقتصاد عالمي، إلى جانب شكوك تخصّ الانتعاش العالمي ككل.

وتواجه البنوك المركزية مزيداً من الصعوبات مع انخفاض التضخم بتأثير واضح من تراجع أسعار النفط، وتقلب أسعار صرف العملات.

Ad

وخلال الأسابيع القليلة الماضية تحركت البنوك المركزية في سنغافورة والهند وأستراليا وكندا والدنمارك لتفعيل ما لديها من أدوات السياسة النقدية لدعم نمو اقتصاداتها، بعدما أطلق المركزي الأوروبي برنامجه للتيسير الكمي في 22 يناير الماضي.

وشهد نمو الاقتصاد الصيني تباطؤاً إلى 7.4 في المئة العام الماضي، وهو المعدل الأقل منذ سنة 1990، حيث تأثرت الصناعات الثقيلة والعقارات سلباً على نمو التنين الصيني.

وحاول بنك الشعب دعم النمو عندما خفّض الفائدة لأجل عام على الودائع في نوفمبر الماضي بربع نقطة مئوية إلى 2.75 في المئة، وكذلك على الإقراض لأجل عام 0.4 في المئة إلى 5.6 في المئة.

لكن في المقابل، يبقى هناك تخوف من مساهمة زيادة الإقراض في إذكاء فقاعة في سوق الأسهم مع توجه صغار المستثمرين إلى الاستدانة، ما دفع الجهات التنظيمية إلى تشديد القيود على عمليات الشراء بالهامش لتقليص المخاطر.

هذا فضلاً عن إمكانية تنامي نسبة القروض المتعثرة مع التوسع في عمليات الائتمان خصوصاً من جانب المصارف التي تسيطر عليها الحكومة ومن ثم تزيد مخصصاتها وتتأثر الأرباح.

ومن المعلوم، أن خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي تعني تقليص وضع المصارف للأموال لدى البنك المركزي، حيث تحصل على نسبة فائدة ضعيفة، وستقوم بإقراضها بدلاً من ذلك، ومع تواصل تزايد القروض ستقل الفائدة على الأرجح، ما سيقلل شهية الاحتفاظ باستثمارات مقومة باليوان.

لكن محللين في بنك «ستاندرد تشارترد» يرون أن اليوان لن يعاني هبوطاً فورياً في ردود فعل مباشرة على ذلك، حيث يعتقد بعض المستثمرين أن البنك المركزي سيحاول جاهداً دعم النمو الاقتصادي، لكن مع قوة الدولار قد يتراجع عن التدخل لدعم العملة المحلية ومن ثم تعاني ضعفاً.

ويشير تقدير «كابيتال ايكونمكس» الذي نقلته «سي إن إن» إلى أن خطوة بنك الشعب-المركزي الصيني- التي اتخذها أمس، تعادل ضخّ 100 مليار دولار، لكن المصارف الصغيرة ستعاني من أجل تمرير المال للمقترضين نتيجة القواعد الصارمة على تقديم القروض.

ويعني ذلك بدوره، توقّع مزيد من خفض الفائدة خلال المرحلة المقبلة، كي تظهر آثارها على معظم شرايين الاقتصاد، في وقت تشير فيه التوقعات إلى نموه بنسبة تقل عن 7 في المئة عام 2015.

ويرى بنك «يو بي أس» السويسري أن هناك تفسيراً آخر لتحرك البنك المركزي يستهدف معالجة الآثار السلبية لتخارج كبير لرؤوس الأموال من البلاد.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» بعض التقديرات عن تخارج 160 مليار دولار من الصين خلال الربع الرابع وحده، وهو يفوق حجم الأموال التي تخارجت في الأرباع الثلاثة مجتمعة، وفي ذات الوقت، فإن العديد من الأثرياء، توجهوا إلى الاستثمار بالخارج خصوصاً للاستفادة من قوة الدولار وانتعاش الاقتصاد الأميركي.

وهذا التوجه، ساهم في عكس ما كان سائداً خلال عقد مضى عندما سعى العديد من المستثمرين والأثرياء إلى ضخّ أموالهم داخل البلاد تعظيماً لاستفادتهم من وتيرة النمو المتسارعة.

وكان البنك المركزي مع طوفان السيولة القادم من الخارج، يقوم بإصدار مئات المليارات من اليوان لشراء الدولار، ما عزز احتياطيه من عملات النقد الأجنبي لمستوى قياسي عند 3.99 تريليونات دولار في يونيو قبل أن يتراجع إلى 3.84 تريليونات دولار مع نهاية ديسمبر.

وفي كل الأحوال، سوف تساهم خطوة البنك المركزي بخفض الاحتياطي الإلزامي التي دخلت حيز التنفيذ اليوم في توفير المزيد من السيولة بالمصارف قبل عطلة السنة القمرية التي تبدأ بعد أسبوعين تقريباً، حيث يكون هناك إقبال كثيف على شراء الهدايا والتسوق.

(أرقام)