توقع خبيران نفطيان كويتيان عدم اتخاذ منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) خلال اجتماعها المرتقب في 27 نوفمبر الجاري قرارا بخفض انتاجها من النفط للحد من تدهور الاسعار خشية فقدان حصصها السوقية وبسب انقسام في الرأي بين أعضائها.

Ad

ورأى الخبيران في لقاءين منفصلين مع «كونا» امس أن انخفاض الاسعار سيستمر خلال الفترة المقبلة الا انهما اتفقا على متانة الاقتصاد الكويتي وقدرته على تحمل انخفاض الاسعار لنحو ثلاث سنوات مقبلة.

وأوضحا أن الأوان قد آن للعمل بجدية على إيجاد مصادر بديلة للدخل القومي وعدم الاعتماد على النفط كمصدر شبه وحيد للدخل موضحين ان التوسع في الاستحواذ على المشروعات الكبيرة المضمونة داخل وخارج الكويت بات أمرا ملحا وخصوصا في مجال صناعة البتروكيماويات المرتفعة الارباح.

وقال الخبير النفطي ومدير الابحاث السابق في منظمة الدول المصدر للبترول «أوبك» الدكتور حسن قبازرد إن السوق النفطية تنتظر اجتماع «أوبك» وتترقبه لما سينعكس عليها من قراراته معتبرا ان لدى «اوبك» خيارين في هذا الاجتماع.

وأضاف قبازرد الذي يشغل أيضا منصب الرئيس التنفيذي في الشركة الكويتية لصناعة المواد الحفازة ان الخيار الاول أمام «أوبكط هو أن تترك سقف انتاجها كما هو والمقرر بـ 30 مليون برميل يوميا مع التشديد على الدول الاعضاء الالتزام بحصصها المقررة ما سيخفض الانتاج بنحو 600 ألف برميل يوميا وهي زيادة تنتجها بعض الدول الاعضاء دون الالتزام بحصتها في «أوبك».

وذكر ان الخيار الثاني امام المنظمة الدولية هو تخفيض انتاجها ككل دون 30 مليون برميل ومن الممكن التخفيض بنحو مليون أو مليوني برميل الا انه استبعد هذا الخيار باعتبار المعروض في السوق من خارج دول «اوبك» كبير وفي نمو وزيادة ما يعني فقدان دول «اوبك» لأجزاء من حصصها السوقية.

وأوضح ان الولايات المتحدة وحدها انتجت هذا العام نحو مليون برميل زيادة مقارنة بالعام الماضي بالإضافة الى زيادة بعض الدول الاخرى من خارج اوبك لإنتاجها كالبرازيل وكندا والصين وغيرها.

وتوقع قبازرد ان يمتد التأثير السلبي على النفوط ذات التكلفة المرتفعة ليس خلال العام الحالي ولكن خلال العام المقبل ومنها النفط الصخري والرملي والبحري.

كما توقع أن تزيد الولايات المتحدة انتاجها مرة أخرى بنحو 600 الف برميل العام المقبل، مضيفا ان السوق مقبلة على زيادة في الانتاج ووفرة في المعروض واذا ما خفضت «اوبك» انتاجها فستتحرك الدول الاخرى في السوق وتستحوذ على عملائها.

وأوضح أن الاسعار بالتالي لن ترتفع لان حجم الطلب سيفي به العرض وربما يزيد ولن تنال دول «أوبك» الا خسارة أسواقها متوقعا ان تترك «اوبك» السوق هذه المرة توازن نفسها وتصحح اوضاعها في الاسعار وقد يستمر ذلك لعام ونصف او عامين مقبلين.

ولفت الى وجود ارهاصات كانعكاس على انخفاض الاسعار منها تقلص عدد ابراج الحفر في الولايات المتحدة والبالغة في الاساس وقبل هبوط الاسعار نحو 1600 برج وتراجع عدد العاملة منها بنحو 50 برج حفر «والعمل الآن أصبح لديهم اكثر تركيزا على الحقول المنتجة وليس الاستكشاف او العمل في الحقول الضعيفة الانتاج او ذات التكلفة المرتفعة».

وذكر قبازرد ان نتائج تدهور أسعار النفط ستكون على المدى البعيد لا الان فقط، مشيرا الى السيولة النقدية التي وفرتها البنوك خلال الفترة الماضية للشركات المنتجة لإقامة مشاريعها وذلك عندما كانت الاسعار في حدود الـ 100 دولار كانت سهلة أما في المستقبل فلن تقبل البنوك بضمان السيولة لتلك الشركات وسعر البرميل عند الـ 60 دولارا لأن الجدوى من المشروعات او نسبة الارباح المتوقعة شيء مهم لكي تمنح البنوك تلك السيولة للشركات.

وقال إن السوق حتما ستوازن نفسها في النهاية والانتاج سيستقر لان تلك الابار المنتجة حديثا في الولايات المتحدة على سبيل المثال سيثبت حجم انتاجها إن لم يقل وذلك خصوصا في آبار النفط الصخري او الرملي في كندا او البحري ذي التكلفة المرتفعة متوقعا ان يحدث ذلك في نهاية 2015.

وذكر قبازرد أن من الابعاد المفترض وضعها في الحسبان ان هبوط الاسعار سيدفع المستهلكين من عامة الناس الى زيادة استهلاكهم وبالتالي يزيد الطلب على النفط ومن ثم ترتفع الاسعار متوقعا أن تدور أسعار النفط حتى بعد اجتماع «اوبك» في فلك 70 الى 80 دولارا ومع بداية العام المقبل سترتفع الى ما بين 80 الى 90 دولارا للبرميل لمدة عام أو عام ونصف ومن ثم تعاود موجة الارتفاع مرة اخرى.

فائض ضخم

وبخصوص الاجراءات اللازمة لوقف تدهور الاسعار في الوقت الراهن أوضح قبازرد أنه لا توجد حلول إلا أن تخفض «أوبك» انتاجها بين 1 الى 1.5 مليون برميل يوميا «وهو كما قلنا له اضراره».

وأشار الى دراسات «أوبك» نفسها التي تقول إنه على المدى المتوسط سيظل احتياج العالم من نفط «أوبك» عند 29 مليون برميل يوميا وهذا الاحتياج سيقل من عام 2015 الى عام 2020 وسيكون النمو في غير دول «أوبك» ومن ثم يبدأ يرتفع بالنسبة لهذه المنظمة.

وقال إن الاقتصاد الكويتي حتما سيتأثر بانخفاض الاسعار «ولكن الكويت في وضع أفضل من أي دولة اخرى حيث كان للكويت فائض ضخم على مدى السنوات الماضية كما تمتلك صندوق الاجيال القادمة ولديها استثمارات خارجية كبيرة وهو ما يجعل الكويت تتحمل انخفاض الاسعار لفترة تمتد الى سنتين أو ثلاث سنوات».

وأضاف أن الكويت بحاجة الى خطة وطنية عاجلة لزيادة الكفاءة وتنويع مصادر الدخل «فقد صرفنا الكثير على التعليم ولدينا كفاءات وطنية ممتازة لكن نحتاج الى المزيد من هذه الكفاءات كما نحتاج الى الاستثمار في مشاريع عملاقة داخل وخارج الكويت وبالأخص في البتروكيماويات ولابد أيضا من استغلال الثروات الاخرى ومنها البحر».

من جانبه، قال الخبير في استراتيجيات النفط ورئيس شركة الشرق للاستشارات البترولية الدكتور عبدالسميع بهبهاني إن أسواق النفط العالمية تتأثر بالاجواء السياسية ذلك أن تأثير العوامل الفنية «لا يستمر طوال كل هذه الفترة الممتدة لأربعة أشهر ناهيك عن تراجع المنسوب البياني للأسعار بين 6 و7 دولارات شهريا منذ يوليو».

وأضاف بهبهاني ان المضاربات في الاسواق النفطية أصبحت قليلة حيث أصبح المضاربون قلقين ومترددين بسبب السياسة التي تتلاعب بأسعار النفط ولا يمكن توقعها أو انها سريعة التقلب، مؤكدا ان فكرة المنافسة البحتة وزيادة العرض عن الطلب لا تعد سببا مقنعا لانخفاض اسعار النفط بهذه الوتيرة المتسارعة.

وتوقع بهبهاني عدم خروج منظمة الدول المصدرة للبترول «اوبك» في اجتماعها المقبل بنتائج حاسمة مؤكدا ضرورة أن تتخذ المنظمة اجراءات بخفض انتاجها من النفط للحد من تدهور الاسعار الحاصل في الاسواق العالمية. وأوضح أن المنظمة الدولية منقسمة الى قسمين أحدهما مؤيد لخفض الانتاج والآخر غير مرحب بهذه الفكرة التي قد تنتقص من حصصهم السوقية مبينا أن قطبي «اوبك» هما المملكة العربية السعودية التي تساندها دول مجلس التعاون الخليجي وهو القطب الرافض لخفض الانتاج من جانب وايران وتساندها فنزويلا والاكوادور والعراق «وهو القطب الداعم لفكرة خفض الانتاج».

وأشار الى أن الاوضاع الحالية «والحرب النفطية السياسية» القائمة تذكر بتلك التي كانت موجودة قبل تأسيس «اوبك» وإن كانت الكويت حاولت لم شمل دول الخليج العربية ونجحت بشكل كبير لكن المتوقع ان الاسعار ستستمر في الهبوط الى ما هو أقل من 65 دولارا للبرميل.

وأفاد بهبهاني بأن الأمل مازال موجودا بأن ترتفع الاسعار من جديد «ومن يعلم ربما تتبدل الاوضاع بعد اجتماع (أوبك) 27 الجاري الا ان النتائج لن تكون سريعة». وأشار الى أن عقود البيع للنفط حاليا خصوصا في شهر فبراير الذي يقل الطلب فيه بشكل طبيعي بسبب اعتدال حرارة المناخ وتراجع حركة الطيران والسفر خاصة في الدول المستهلكة الكبرى للنفط كدول شرق اسيا.

بهبهاني: ضرورة استخدام الفوائض في مشروعات ضخمة

أوضح بهبهاني بشأن مدى تأثير انخفاض اسعار النفط على الاقتصاد الكويتي ان تحليله المستند الى البيانات المتوفرة يبين عدة حقائق مفادها أن «متوسط سعر النفط الكويتي خلال السنة المالية التي تبدأ من أول ابريل الماضي وحتى نوفمبر الجاري هو حوالي 97 دولارا وان الاسعار اذا استمرت عند مستوياتها حتى نهاية السنة المالية في مارس المقبل فسيكون متوسط سعر برميل النفط الكويتي بحدود 86 دولارا ما يعني أن الميزانية التي يبلغ السعر المقدر لبرميل النفط فيها 75 دولارا لن تتأثر».

وعن توقعاته للسنة الجديدة توقع أن تنخفض أسعار النفط أكثر مما هي عليه الان، لافتا الى أهمية حساب الميزانية على أسعار أقل لبرميل النفط بحسب توقعات لمنظمات معتمدة وخبراء معتبرين لئلا يتم حساب البرميل بأسعار اعلى أو اقل بكثير لما ستكون عليه.

وبين بهبهاني أن الاقتصاد الكويتي ليس لديه مشكلة بشأن الدعم والتموين والذي لا تتجاوز قيمته المليار دينار كويتي لكن المقلق «المشروعات الكبيرة المدرجة في الميزانية وبأي حال هذه العقود تحتاج لمراجعات واعادة النظر بها من جديد وعدم توقيع عقود جديدة الا بعد أن تكون الدراسات اثبتت اهميتها وضرورة العمل عليها فورا دون تأخير».

واشار الى ضرورة أن تستخدم الكويت جزءا من الفوائض لديها لإقامة مشروعات في البلاد والاستحواذ على مشروعات ضخمة ومثمرة في الخارج تستطيع تعويض بعض من المفقود بسبب انخفاض اسعار النفط مع ضرورة الاستثمار في مشروعات اكثر ضمانا وامنا وعدم الاعتماد على مشروعات نسبة الانتكاسات بها عالية.