في 26 مارس أعلنت مصر أنها ستنضم للحملة العسكرية التي تقودها السعودية ضد استيلاء الحوثيين المدعومين من إيران على اليمن، وبينما لم يتحدّد بعد مدى مشاركة مصر فإن قرار القاهرة يعكس اعتبارين هما: التصدي للتهديد النظري الذي يشكله الحوثيون على الأمن البحري في البحر الأحمر، ومساعدة حلفاء مصر في الخليج العربي على مقاومة طموحات الهيمنة الإيرانية.

Ad

ولم تكن مصر في لهفة للدخول في الصراع الحالي لأن تدخلها العسكري السابق في اليمن كان مكلفاً للغاية، فخلال الحرب الأهلية اليمنية التي دارت في الفترة بين 1962 و1970 قُتل نحو 26.000 جندي مصري خلال محاربتهم الملكيين المدعومين من المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ذلك، تخاطر مصر- من خلال دخولها في الصراع الحالي- ببسط قواتها بصورة ضعيفة، لأنها تقوم بالفعل بمحاربة الجهاديين الذين يدورون في فلك تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، و"الدولة الإسلامية" في كل من ليبيا وسيناء- دون تحقيق نجاح يذكر على أي من الجبهتين.

ولكن استيلاء الحوثيين على عدن في 25 مارس، أجبر القاهرة على التصرف على ما يبدو، فمن وجهة نظر مصر، أن سيطرة الحوثيين على المدينة الساحلية في جنوب غرب اليمن تهدد حركة الملاحة البحرية في باب المندب- المضيق الذي يربط البحر الأحمر مع خليج عدن. وتقلق القاهرة من أن الحوثيين قد يهددون حركة الملاحة في قناة السويس، التي كانت ومازالت أحد سيول عائدات الحكومة المصرية الأكثر ضماناً، فقد تم جمع أكثر من 5.4 مليارات دولار من عائدات القناة في عام 2014 وحده، وحالياً تقوم مصر بحفر قناة ثانية، حيث تتوقع القاهرة أن تؤدي هذه الأخيرة إلى زيادة الإيرادات إلى 13.5 مليار دولار في عام 2023.

ولهذا السبب، من المرجح أن تؤدّي القوات البحرية المصرية دوراً مركزياً في استراتيجية الحكومة تجاه اليمن، وكانت القوات البحرية المصرية والسعودية تستعدّ لمواجهة محتملة مع الحوثيين، لذا ركّزت التمارين التي أُجريت الشهر الماضي في البحر الأحمر على قابلية التنسيق البيني، بالإضافة إلى ذلك، أرسلت مصر أربع سفن حربية عبر قناة السويس باتجاه باب المندب، وقد يكون هدف القاهرة فرض حصار حول اليمن بعد وصول سفنها الأثقل في الأسبوع المقبل.

إن انخراط مصر في الصراع في اليمن يتيح أيضاً للرئيس عبدالفتاح السيسي الوفاء بوعده الذي كثيراً ما ذكره للمساعدة في حماية حلفاء مصر في الخليج، الذين قدّموا للقاهرة ما يقرب من 23 مليار دولار منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، وفي الواقع، بعد وقت قصير من توليه منصبه فى يونيو عام 2014، أعلن السيسي أن أمن الخليج كان "جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري"، ودعا مؤخراً إلى إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة للدفاع عن الخليج في وجه التهديدات الإقليمية. وبينما سيبلور التحالف الذي تقوده السعودية استراتيجية مصر تجاه اليمن أثناء مؤتمر رئيسي يُعقد في شرم الشيخ في نهاية هذا الأسبوع، أعلنت القاهرة بالفعل استعداداتها للقيام بالمزيد من العمليات الجوية ضد مواقع الحوثيين، وأشارت إلى أنها سترسل قوات برية ووحدات خاصة إذا لزم الأمر.

لدى واشنطن مصلحة قوية في مساعدة مصر على النجاح في اليمن، وتعتمد القوات العسكرية الأميركية على عبور آمن من خلال مضيق باب المندب لدعم جهود التحالف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، فضلاً عن الحفاظ على وجودها في المنطقة على نطاق أوسع. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت إدارة أوباما دعمها لقوات التحالف التي تقودها السعودية والتي "تهدف إلى استعادة السلطات الشرعية في اليمن"، ومن المرجح أن تكون مصر لاعباً رئيساً في هذا الجهد.

بالإضافة إلى ذلك، يمثل دخول مصر في الصراع فرصة مهمة لتوضيح سياسة الولايات المتحدة تجاه القاهرة وتحسين العلاقات الثنائية التي كانت متوترة منذ الإطاحة بمرسي، فمن خلال إرسال طائرات مقاتلة من طراز "F-16" وصواريخ "هاربون" كان قد تم حجبها منذ أكتوبر 2013، بإمكان واشنطن أن تؤكد شراكتها مع مصر وتجهز القاهرة بالأسلحة التي تحتاجها من أجل تعزيز المصالح الأمنية المشتركة في المنطقة. ومن خلال دعم المشاركة المصرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران، بإمكان الإدارة الأميركية أن تعيد طمأنة حلفاء الولايات المتحدة العرب بأنها لن تتخلى عنهم حتى في الوقت الذي تسعى فيه إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران.

إريك تراجر Eric Trager