هناك دول تصل إنجازاتها إلى أقصى ما يمكن، وهي بلا ديمقراطية، وأخرى بديمقراطية (كاملة) وإنجاز... هناك آراء أتفق معها إلى حد كبير، تقول إن ما نعانيه اليوم كله بسبب الديمقراطية أو ديمقراطيتنا، نعم فهي خاصة بنا، فالديمقراطية ذلك المصطلح الذي يجب أن نقف عنده، هي كلمة إغريقية تعني السيادة للشعب، ومتى توسعت فيها فستجد كيف تكون السيادة للشعب، حيث يتم ذلك بتبادل حقيقي للسلطة، ليكون الشعب هو الوحيد المخول تقسيم ثرواته، وإدارة بلده بالطريقة الذي يريدها، ويتم هذا كله بالاحتكام إلى صندوق الانتخاب عبر حكومة منتخبة مباشرة أو برلمانية.

الديمقراطية كانت في الكويت منذ النشأة، حيث جاءت عائلة الصباح باختيار الكويت، وكان الكويتيون يشاركون في اتخاذ القرار منذ النشأة، مما جعل هذا البلد مميزاً منذ نشأته وزاخراً على مر القرون الثلاثة التي مضت، إلى ما قبل الدستور، وبالتحديد في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث بدأت الكويت تتحرك بانسيابية أكثر نحو الحضارة وبداية الديمقراطية التي انتقلت من عُرف إلى مواد قانونية مع ولادة دستور 1962، حين اتفق رجالات الكويت آنذاك على قيدين، أولهما ألا يتم تقليص الحريات المكفولة في الدستور، والثاني قيد زمني، إذ إن الانتقال من مجتمعٍ، حدود معرفته ووعيه لا تتخطى مساحته، يتطلب وضعاً دستورياً يتماشى مع هذه الفترة، وكان القيد الزمني ٥ سنوات (وإلى اليوم لم يتم تعديله مواكبة لتطور الوعي والمعرفة).

Ad

وهنا أربط بين ما ذُكِر في القيد الثاني للدستور، وما بدأت به مقالي، فالصراع التي نعانيه اليوم هو بفعل ديمقراطية لا تتواكب مع تطور الوعي لدى الشعب، مقارنة بحقبة 1962، فالديمقراطية الكويتية اليوم هي نصف ديمقراطية، وهذا موطن الخلل، وجوهر الخلاف البيزنطي في الكويت اليوم، نصف الديمقراطية يعني صراعاً حتمياً وأبدياً، والديمقراطية الكاملة هي المخرج، فالكويت اليوم تقف بنصف النفق، فإما العودة إلى الوراء والخروج منه والتفرغ للإنجاز والتنمية، وإلغاء ما ابتدأه أجدادنا المؤسسون (ولست واثقاً من جدوى هذا الحل)، أو مواصلة الطريق معاً، بوفاق واقتباس حنكة الأجداد، إلى النور الذي بنهاية النفق الذي نقف في منتصفه منذ سنة 1962.