رغم توصيات الأجهزة الحكومية لمجلس الوزراء بعدم إنشاء هيئات جديدة، أقرت الحكومة، في اجتماعها مساء أمس الأول، مشروع قانون هيئة الشباب العامة، مخالفة تلك التوصيات التي حذرت من خطورة تضخم الجهاز الحكومي بهيئات ومؤسسات جديدة من شأنها أن تشكل عبئاً إضافياً على الموازنة العامة للدولة.

Ad

مبررات مجلس الوزراء في إقرار مشروع القانون لم تختلف كثيراً عن الأسباب التي وضعها في تأسيس وزارة الدولة لشؤون الشباب، وقبلها هيئة الشباب والرياضة، فتوجيه الشباب ودعم طاقاتهم وتعزيز روح المواطنة والمساهمة في بناء الكويت، إضافة إلى غيرها من الأسباب، تكررت جميعاً مع تأسيس الجهتين السابقتين، إلا أن أياً من تلك الأهداف لم يتحقق كما يبدو، ما دعا الحكومة إلى إقرار الهيئة الجديدة دون محاسبة مسؤولي الجهات القائمة عن إخفاقاتهم في تحقيق الأهداف والدور المنوط بهم.

في المقابل، نجد أن المسار الحكومي في تأسيس الهيئات المستقلة، مثل «الشباب» و»النقل البري» و»الغذاء» وغيرها، وما هو قادم في الطريق مثل هيئة المراقبين الماليين، لم يكن قائماً على منهجية واضحة تجاه أجهزة الدولة، ففي حين تريد الحكومة تخفيف الأعباء المالية عن الموازنة العامة، وخصوصاً في ما يتعلق بباب الرواتب عبر توجيه التوظيف إلى القطاع الخاص، وتفكيك عدة قطاعات حكومية تمهيداً لخصخصتها، نراها تعيد خلق القطاعات أو الوزارات ولكن بأسماء جديدة، فهي تقوم بـ«نقل الجمل بما حمل» من الوزارة أو القطاع إلى الهيئة، كما حدث، على سبيل المثال، عبر تحويل قطاع العمل في وزارة الشؤون إلى هيئة مستقلة، حيث نقلت إليها الموظفين، الجيد والسيئ معاً، لتنتهي إلى هيئة جديدة شكلياً، لكنْ بأدوات وآليات قديمة فعلياً.

كذلك، لا يمكن تجاوز حقيقة شح الكفاءات الوظيفية في القطاع الحكومي، وبالتالي نجد أن أغلب الهيئات الجديدة يتولى إدارتها متقاعدون غير متخصصين، الأمر الذي ينعكس سلباً على أداء هذه الهيئات.

وتأسيس الهيئات المستقلة يُفتَرض أن يكون حلاً جذرياً لمشاكل حكومية كالبيروقراطية والفساد في أجهزتها، غير أن ما يحدث اليوم هو هروب من استئصال أسباب الأمراض من الجسد، ونقلها إلى مكان آخر.