قام العديد من المستكشفين الأوروبيين والعرب برحلات استكشافية تاريخية لمنطقة الخليج ودونوا ملاحظاتهم ويومياتهم التي تحولت فيما بعد الى كتب قيمة تحتوي على معلومات مهمة جداً فيما يتعلق بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة في الخليج آنذاك.

ومن أشهر هذه الرحلات رحلة القائد العثماني «سيدي علي التركي» عام 1553، ورحلة الحاج «مرتضى بن علوان» السوري عام 1709، ورحلة «يوهان بوركهارت» السويسري الذي أمضي عامين بين مكة والمدينة وذلك في الفترة من 1814 و1816، ورحلتي «جورج اوغست فالين» الفنلندي عام 1845 وعام 1848، ورحلة «شارل ديدييه» الفرنسي الى مكة المكرمة عام 1854، ورحلة «ويليام بلغريف» عام 1862، ورحلة الكرنل «لويس بيلي» عام 1865، ورحلة الليدي «آن بلنت» الإنكليزية وزوجها عام 1879/1880 ورحلة «أمين الريحاني» عام 1922، ورحلات أخرى كثيرة في بدايات القرن العشرين.

Ad

وكتب هؤلاء الرحالة الذين كانوا مدفوعين بحب الاستكشاف، او الرغبة في التجسس، أو غير ذلك كتابات مهمة جدا عن تاريخ منطقتنا، وحياة القبائل، والتطورات السياسية، وحياة الناس وعاداتهم، وغير ذلك. وتعتبر كتاباتهم اليوم مصادر أساسية في تثبيت وتأكيد حوادث التاريخ الماضية.

وعثرت في زيارتي الأخيرة إلى المكتبة البريطانية على تفاصيل رحلة في عام 1863م لم اقرأ عن تفاصيلها في المصادر المتاحة أمامي، وهي رحلة لموظف في مكتب المقيم البريطاني في بوشهر اسمه حاجي احمد، قام بزيارة مدينة المحمرة والفلاحية والبصرة والكويت، وكتب يومياته المحفوظة في أرشيف المكتبة البريطانية. وسأحاول في عدة مقالات أن ألخص أهم ما ورد من معلومات في هذه الرحلة التاريخية.  

بدأت يوميات الرحلة بيوم الثلاثاء الخامس من رمضان سنة 1279 هجري الموافق 24 فبراير 1863 حيث انطلق حاجي احمد (الملقب بالمنشي) مع المقيم البريطاني في الخليج وآخرون في الساعة الثانية ظهرا في مركب دخاني (وأظنه يقصد باخرة) ووجدوا في السفينة مجموعة من تجار الكويت منهم الشيخ محمد بن رزق، وموسى بن جوعان، وإبراهيم بن سالم، وداود بن يوسف بن بدر، وغيرهم.

كما وجدوا في الباخرة شخصيات أخرى مهمة منها محمد علي، وهو ابن أخ ملك التجار في لنجة الميناء العربي المزدهر آنذاك على الساحل الشرقي للخليج. ومن الشخصيات الأخرى المهمة التي شاهدوها أخت سلطان لكنهو في الهند، ومعها مجموعة من الهنود يرافقونها وهي ذاهبة الى مكة المكرمة للزيارة.

وقبل أن أمضي قدما في استعراض اليوميات، لا بد أن أوضح من هي الشخصيات التي ورد ذكرها. أما الشيخ محمد بن رزق (مواليد الزبارة عام 1780م) فهو حفيد الشيخ محمد بن حسين بن رزق التاجر الكبير الذي قدم الى الكويت من الإحساء عند نشأتها، ثم هاجر بعد سنوات عديدة واستقر في بلدة «الزبارة» بقطر فترة طويلة، وتوفي فيها عام 1797 .

وأما بن جوعان فهو موسى بن علي احد أجداد أسرة الجوعان الكريمة، وورد ذكره كشاهد في وثيقة عدسانية عام 1860م، وأما إبراهيم بن سالم فهو ابن التاجر سالم العبدالرزاق الذي قدم الى الكويت من الزبارة وذريته موجودة في الكويت الى اليوم. وأما داود بن يوسف بن بدر فهو ابن التاجر يوسف بن عبدالمحسن البدر الذي جاء ذكره في إطعام الفقراء والجائعين في سنة الهيلق عام 1867، وقد ذكره لويس بلي في رحلته عام 1865 وقال ان عمره 72 سنة في ذلك العام.

وفيما يتعلق بأخت سلطان لكهنو، فهذا السلطان كان حاكما على مدينة لكهنو الهندية وهي عاصمة ولاية اوتر براديش والتي يبلغ سكانها اليوم حوالي 3 ملايين نسمة واسمه السلطان أبي المظفر مصلح الدين محمد أمجد علي شاه.وأما محمد علي ملك التجار، فهو كبير تجار بندر لنجة الشهير.

في المقال المقبل سنتحدث إن شاء الله عن الطوفان الذي ضرب الباخرة وتسبب في وفاة احد ركابها.