انتهت جلسة البرلمان أمس الأول، التي ناقشت تقارير ديوان المحاسبة حول الأجهزة والمؤسسات الحكومية، على خلاف ما كان متوقعاً لها، فالتصريحات التي سبقت الجلسة كانت تشير إلى استعدادات نيابية فنية لمناقشة التقارير، غير أن الجلسة انتهت بـ"براءة ذمة" الوزراء بعد تجاهل النواب النقاش الجدي لهذه التقارير.

Ad

موضوع الجلسة بحد ذاته يمثل تحولاً إيجابياً - إذا استمر- في تاريخ الحياة البرلمانية، فطرح ملاحظات ومخالفات "المحاسبة" للنقاش العام في قاعة عبدالله السالم أعاد الحياة إلى التقارير، بعد أن كادت تصبح مجرد "روتين رقابي" يقدم في أكتوبر من كل عام، وتناقش في لجنة برلمانية دون تفاعل حكومي أو نيابي "حقيقي" حيالها.

وكان لافتاً استعداد الوزراء للجلسة وشرح كل الخطوات التي اتُّخِذت لمعالجة ما ورد من مخالفات وملاحظات في تقارير الديوان. فعلى مدى 11 ساعة متواصلة استعرض الوزراء إجراءاتهم، وكانت فرصة لهم لتحديث البيانات والمعلومات التي كانت غائبة عن النواب، وعلى سبيل المثال ما أعلنه رئيس مؤسسة البترول الوطنية نزار العدساني عن تحصيل قيمة مديونية مستحقة للمؤسسة بلغت 600 مليون دينار، ليرد رئيس لجنة الميزانيات البرلمانية النائب عدنان عبدالصمد بأن وزير النفط وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. علي العمير لم يبلغهم بذلك خلال مناقشة اللجنة لميزانيات الشركات النفطية الحكومية!

إلا أن نجاح الوزراء في استعراض خطواتهم "الإجرائية" غاب عنه الكشف عن إجراءات المحاسبة، وهو ما كان محل تساؤلات نيابية، فإعلان الوزراء تحصيل مبالغ مختلسة أو تصحيح عقود غير منصفة لم يواكبه الإعلان عن إحالة مسؤولين أو قياديين إلى النيابة إلا ما ندر.

في المقابل، لم يكن الأداء النيابي على مستوى طموح الجلسة وأهمية موضوعها، فكانت القاعة شبه خالية من النواب خلال حديث الوزراء، وهو سلوك أصبح لصيقاً بالجلسات ذات الطابع الرقابي، بل بدأ ينتقل إلى الجلسات العامة.

كذلك، غاب النقاش الفني والجدي المتعلق بالتقارير عن مداخلات غالبية النواب، وهو ما يشير إلى تجاهلهم التقارير والاطلاع عليها، فكان الجزء المخصص من الجلسة للنواب خارج النص، فعوضاً عن مناقشة ردود الوزراء على "المحاسبة" انحرف النقاش إلى قضايا أخرى لا علاقة لها بملاحظات الديوان، كطرح النائب عبدالله الطريجي مثلاً قضية تملك رئيس نقابة الجمارك لشركة!

وقد أعطى عدم تفاعل النواب مع الجلسة بشكل حقيقي، الوزراء "براءة ذمة" في كثير من ملاحظات ومخالفات تقارير "المحاسبة"، ومن ثم يمكن القول إن الحكومة سجلت هدفاً في مرمى المجلس بسبب استعداد الوزراء وإهمال النواب.