تحاشياً للشبهات وأيضاً للاتهامات كان على الإخوان المسلمين، ليس في الأردن فقط، بل في الإطار العالمي وفروعه في كل مكان، ألا يعلنوا أنَّ الحرب على "داعش" ليست حربهم، وليس لهم أي علاقة بها، فهذا التنظيم أثبت أنه تنظيم قتلة، وأنه تنظيم إرهابي، وقد أساء للإسلام السمح المتسامح أكثر من تنظيم القاعدة الذي شوه هذا الدين الحنيف بما ارتكبه من جرائم، وأكثر من "القرامطة"، و"الحشاشين"، و"بوكو حرام" التي ارتكبت أفعالاً شائنة جعلت الأفارقة البسطاء يعتقدون أن ما تقوم به من جرائم هو الحقيقة الإسلامية... وهذا تشويه ما بعده تشويه، وإساءة ما بعدها إساءة.

Ad

لماذا هذه الحربُ على "داعش" وجرائمه ليست حربَ الإخوان المسلمين؟!... اللهم إلا إذا كان صحيحاً أنهم على صلة بهذا التنظيم المجرم... واللهم إلا إذا كان صحيحاً أنهم مازالوا في المعسكر الإيراني، وأنهم لم يقطعوا حبل الود وصلات القربى السياسية مع هذا النظام السوري، حيث لم يخجل أحد قادة فرعهم في الأردن، رغم "شيبته"، عندما لم يتمالك نفسه قبل عدة أعوام وبادر إلى هزِّ أردافه طرباً أمام بشار الأسد، لأنه "تمهزأ" على الشعار الأردني "الأردن أولاً"، وقال: "الآن الأردن أولاً ثم ستكون إسرائيل ثانياً!".

لماذا هذه الحرب التي أُعلِنت على الإرهاب ليست حرب الإخوان؟ وهل الحرب التي تعنيهم هي الحرب التي تُشن على مصر والنظام المصري الجديد باسم حركيٍّ مستعار هو: "أنصار بيت المقدس"؟ وهل حربهم هي تلك الحرب المدمرة التي يشنونها على الاستقرار في ليبيا، هذه الحرب المعروفة تمويلاً وتسليحاً، والتي تهدف إلى إنشاء "قاعدة" متقدمة لإسقاط نظام مصر الذي أزاح نظامهم، استجابة لرغبة الشعب المصري الذي خرج أكثر من ثلاثين مليوناً من أبنائه يطالبون بالتغيير؟!

ولعلَّ ما يعزز الاعتقاد بأن للإخوان المسلمين صلةً "ما" بـ"داعش" جعلتهم يصفون الحرب على هذا التنظيم بأنها ليست حربهم، هو أنه لم تصدر عنهم أي إدانة لـ"القاعدة" حتى الآن رغم كل ما ارتكبه من جرائم في معظم الدول العربية، ومن بينها المملكة الأردنية الهاشمية في عام 2005، وهو أنهم حتى فترة قريبة بقوا يزينون غلاف أسبوعيتهم "السبيل"، التي كانت ولا تزال تنطق باسمهم وباسم فرعهم في الأردن، بصورة أسامة بن لادن وبقوا لا يتفوهون بكلمة ضد أيمن الظواهري، الذي يسود اعتقاد أنه يقيم الآن "على الرحب والسعة" في دولة توصف بأنها العمود الأوسط لـ"فسطاط الممانعة والمقاومة"!

كان الإخوان المسلمون خلال تسلم السلطة في مصر، وقبل ذلك وبعد ذلك قد اتفقوا مع الولايات المتحدة على أنْ تعتمدهم كقوة رادعة وحيدة لمواجهة الإرهاب والمنظمات الإرهابية... وهذا أمرٌ معلن ومعروف، ولذلك: "فما الذي عدا حتى بدا" حتى يغير هؤلاء موقفهم ويعلنوا أن حرب مواجهة "داعش" ليست حربهم... هل لأن الأميركيين غيّروا عن مواقفهم واضطروا، تحاشياً لحدوث أي فراغٍ في المنطقة، إلى الانفتاح على الرئيس عبدالفتاح السيسي والنظام المصري الجديد بعدما اكتشفوا أن مراهنتهم السابقة على هذه "الجماعة" كانت حماقة سياسية كبيرة، وأن هؤلاء مجرد نمرٍ من ورق، وأنهم ربما يحسنون الهدم لكنهم لا يحسنون البناء؟!

لماذا هذه الحرب على تنظيم إرهابي، أثبت خلال فترة قصيرة أنه أسوأ من جماعة حمدان القرمطي، وأسوأ من حشاشي قلعة "ألْموت"، ليست حرب الإخوان المسلمين... هل لأنهم يعتقدون أنَّ مكانهم إلى جانب "داعش"، وبالتالي إلى جانب إيران، وإلى جانب روسيا ونظام بشار الأسد؟!... لماذا هذه الحرب ليست حرب الإخوان المسلمين؟!