يطلب الأطباء من المرضى الجري على طاحون الدوس (جهاز اختبار الجهد) لمعرفة مدى قدرة قلوبهم على التحمل، وتفعل جهات التنظيم الشيء ذاته مع البنوك، باستثناء اللجوء الى استخدام جهاز الجري، وتجعل اختبارات التحمل المالية مؤسسات الإقراض تمر عبر تمرينات مماثلة بغية تحديد البنوك التي تستطيع الصمود في وجه حالة تحطم وفصلها عن تلك التي تعجز عن ذلك: والسؤال هو ماذا لو ارتفعت معدلات الفائدة؟ وماذا لو أن المنازل فقدت خمس قيمتها؟ وماذا لو تعثر نمو الاقتصاد وارتفع معدل البطالة؟ وماذا إذا حدثت كل تلك التغيرات في الوقت نفسه؟

Ad

لقد أصبح التحقق من سلامة وضع مؤسسات الإقراض أحد أعمدة الإشراف المصرفي في أعقاب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت في سنة 2008، ولكن المشكلة هي أن إجراءات التحقق المشار اليها ليست موثوقة دائماً، وعندما يشكك المستثمر في أن اختبار التحمل اشتمل على قدر كبير من السهولة قد يفضي ذلك الى حال من التشويش والإرباك في الأسواق والى تقويض الثقة، وربما يضيف المزيد الى مشاعر القلق إزاء تحديد البنوك التي غدت ضعيفة.

فشل الاختبارات

لقد أخفقت 25 مؤسسة من أصل 130 من مؤسسات الإقراض في أكبر اختبارات التحمل التي قادها البنك المركزي الأوروبي ونشرت في 26 أكتوبر الماضي، كما كشفت تلك الاختبارات وجود نقص إجمالي بلغ 25 مليار يورو (32 مليار دولار) وكان نصيب إيطاليا الأكبر في هذه العملية، كما أن دستة من تلك البنوك عمدت الى زيادة الأموال وكان على البقية تحسين رأس المال أو مواجهة الإغلاق خلال تسعة أشهر، ويعتبر هذا الاختبار جزءاً من مراجعة سنوية أوسع تشمل أصول البنوك من البنك المركزي الأوروبي الذي يستعد لأن يصبح المشرف الوحيد على كتلة اليورو التي تضم 18 عضواً، وذلك في الرابع من شهر نوفمبر الجاري، وقد حصل على تلك السلطة من جهات التنظيم الوطنية في أماكن مثل روما وباريس.

وفي هذه المرة، على أي حال، لن يتعلق الأمر بعدد البنوك التي فشلت في الاختبار الرئيسي الذي يتمحور حول توافر ما يكفي من رأس المال لاستيعاب الخسائر في انكماش مماثل، وكانت هناك عمليات تمحيص مفصلة لسجلات القروض والضمانات المتعلقة بالديون المعدومة، وتحتاج أوروبا إلى استعادة الثقة ببنوكها من أجل وضع حد للانكماش المستمر منذ سنتين في الإقراض الذي عاق بشدة التعافي الاقتصادي فيها.

خلفية الاختبارات

قد يكون الاختبار الأول للتحمل الذي قام به مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في شهر مايو من سنة 2009 هو الأكثر فعالية وكفاءة، يومها، وفي خضم أسوأ انهيار مالي منذ الركود الكبير أسقط مجلس الاحتياطي الفدرالي 10 بنوك من بين 19 بنكاً من الأهلية نتيجة نقص في رأس المال بلغ 75 مليار دولار، وبمجرد سد تلك الفجوة شعر المستثمرون بالرضا والاقتناع بعدم وجود مفاجآت سيئة أخرى، وبأن مجلس الاحتياطي الفدرالي أدرك مستوى المشكلة وتفهم أبعادها.

ثم أفضت اختبارات التحمل التي جرت في الولايات المتحدة الى إضفاء سمة الفشل على قلة من البنوك التي أوقفت توزيع أرباحها وغيرت خططها المتعلقة برأس المال تلبية لمطالب جهات التنظيم، وجاء دور أوروبا في سنة 2010 ثم في سنة 2011 عندما راكمت أزمة الديون السيادية خسائر على مؤسسات الإقراض التي كانت تحتفظ بسندات حكومية يونانية وإسبانية وإيطالية وبرتغالية.  وكان السؤال الرئيسي الذي أراد المستثمرون الحصول على جواب له هو: ماذا لو أن دولة في منطقة اليورو تخلفت عن السداد؟ اختبار التحمل لم يشتمل على تلك النقطة، وقد اجتاز مصرفان أيرلنديان الاختبار في سنة 2010 وكانا في حاجة إلى عملية إنقاذ حكومية في وقت لاحق من تلك السنة، كما أن مؤسسة الإقراض البلجيكية "دكسيا" حصلت على شهادة سلامة مالية في سنة 2011 ثم انهارت بعد ثلاثة شهور.

محور الجدال

تعمد جهات التنظيم إلى ترتيب اختبارات التحمل بحيث تكون متينة بما يكفي من أجل تعضيد الثقة بالبنوك من دون إنهاك وتعطيل الائتمان، وأي سوء حساب في أي اتجاه يمكن أن يقوض الثقة أو يفضي إلى هلع إزاء فشل العديد من البنوك، يذكر أن البنوك هي شركات مبهمة، والتمويل عملية عويصة في أحسن الحالات، ولذلك فإن أسوأ نتيجة محتملة تتمثل بكون الاختبار غير واضح أو غير موثوق.

 وفي حال عدم القدرة على الاقتراض والإقراض قد تصبح البنوك صورة للفشل التام، وتعول أوروبا على أن هذه الجولة تعتبر من اختبارات التحمل أكثر متانة ورسوخاً، كما أن البنوك الخاضعة للتمحيص استعدت لهذه العملية عن طريق زيادة رأس المال عبر مبيعات أسهم وسندات وأصول، والأكثر من ذلك أن سمعة البنك المركزي الأوروبي غدت على المحك، وفي الاختبارات السابقة كافحت جهات التنظيم لتوجيه وتيرة البنوك في وجه معارضة من المسؤولين الوطنيين، وعلى العكس من ذلك كان مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي يتمتع بسلطة فرض إرادته ضمن حد أدنى من التدخل السياسي.

Yalman Onaran و Ben moshinsky