كانت المنطقة الواقعة بين بغداد والشاطئ الشمالي للخليج العربي تعجّ بالفوضى بعد هجمة المغول، وفي خضم هذه الفوضى، ظهرت إلى الوجود إمارة عربية استطاعت أن تؤدي أدواراً كبيرة على الساحتين المحلية والإقليمية منذ نشأتها منتصف القرن السادس عشر حتى بداية القرن العشرين.

Ad

وكان بإمكان الإمارة في بعض فترات قوتها أن تكوِّن دولة مستقلة في مناطق نفوذها، لكن شيئاً من هذا لم يحدث لأن عقلية أمرائها وفكرهم الإداري لم يكن يتجاوز عقلية المشيخة ومنطقها القبلي، وطموحهم لم يكن يتجاوز أيضاً الرضا بالتبعية والمصالح الضيقة، وتوسيع النفوذ والصراعات الداخلية والخارجية كانت جميعها تسير في حدود الفوضى والعقل والأفق المحدود.

ولعل الظروف المحلية كانت مواتية مرات عدة، كما أن العديد من الفرص التي وفَّرتها بعض القوى العظمى لاستقلال الإمارة عن الإقليم العراقي كانت مواتية، لكن كل تلك الظروف والفرص لم تستغل أبداً، أو لم تجد من يستغلها على وجه الدقة، ولذا فإن المرور على تاريخ هذه الإمارة يكون مهماً لسببين منطقيين: أولهما مساحتها والمجاميع القبلية التي انضوت تحتها ومدة بقائها الطويلة، وثانيهما علاقتها بالقوى المجاورة، ما يجعل من تتبع أحوال الإمارة وأحداثها ومحاولة تدوينها تدويناً للمنطقة كلها.

ويعتبر سعدون باشا المنصور السبب الرئيسي في انهيار الإمارة إلى الأبد لكثرة الحماقات التي ارتكبها، حيث لم يترك إمارة أو قبيلة إلا كسب عداوتها وحاربها دون مسوغات مقنعة.

احتلال الأحساء وإلحاقها بالمنتفق

كان للاستغاثة التي أرسلها الأمير سعود الفيصل طالباً إعانته على أخيه عبدالله الفرصة التي انتظرها مدحت باشا بفارغ الصبر لانتزاع الأحساء من الدولة السعودية، فجهز جيشاً بقيادة فهد العلي السعدون وبمساندة القوات العثمانية بقيادة نافذ باشا والبصرية بقيادة نقيب البصرة وعشائر الفرات الأوسط، وقد انتصرت الجيوش العراقية بمعركة الخوير فاستولت على الأحساء، وقام ناصر الأشقر بتعيين بزيع محمد العريعر أميراً على الأحساء، وكان الأول متزوجاً أخت الثاني، فحصل على ترقية جديدة من خلال تعيينه عضواً في مجلس حكم بغداد، وتعيين ابنه فالح أميراً على المنتفق في عام 1874، ولم يكتف بذلك بل اتجه إلى إسطنبول في زيارة لمجلس الأعيان والالتقاء بحاشية السلطان العثماني، وبعد وصوله باشر في دفع الرشا الكبيرة لمراكز القوى في إسطنبول حتى أخذ فرمانا من الباب العالي بفصل البصرة عن بغداد وتحويلها من متسلمية تابعة للأخيرة إلى ولاية منفصلة ومتساوية مع بغداد في الوضع الإداري، وعاد ناصر الأشقر من إسطنبول والياً على البصرة التي تتكون من أربعة ألوية أو متسلميات هي البصرة، والمنتفق، والعمارة، والأحساء.

لكن ناصر باشا وجد مشكلة كبرى في انتظاره حال وصوله، إذ استطاعت القوات السعودية استعادة الأحساء بعد خروج القوات المنتفقية والعثمانية منها نتيجة ضعف متصرفها بزيع العريعر الذي كان مكروها من الأحسائيين، فبدأ ناصر باشا بتجهيز حملة استعادتها، وقد انطلقت الحملة بحراً في بداية عام 1875م بقيادة ناصر شخصياً، في حين انطلقت قوتان بريتان منفصلتان، إحداهما بقيادة ابنه مزيد والأخرى بقيادة ابنه فالح، ونجحت الحملة في استعادة الأحساء بسهولة ونهبت القوات المنتفقية الأحساء ونكلت بأهلها، ثم أمر ناصر باشا بوقف التعديات على الأهالي وعزل الوالي بزيع العريعر وعين مزيد محله، وترك معه قوة كبيرة من العثمانيين والبصريين ومقاتلي المنتفق، وعاد إلى دياره منتشياً بالنصر، وقد كان النصر محل تقدير الباب العالي فأرسل السلطان مبلغاً من المال مكافأة لناصر باشا على ما قام به، لكن ناصر بذكاء منه أعاد المبلغ كتبرع منه لخزينة الدولة، مما اضطر السلطان أن يرد التحية بمثلها فمنحه الوشاح المجيدي من الدرجة الأولى ورفع مرتبته من أمير إلى أمير أمراء.

قاصمة الظهر

كان شيخ الزبير سليمان الزهير وكيلا لناصر على أملاك البصرة، فاتهمه بالتقصير وعزله عن مشيخة الزبير وعين عبداللطيف العون بديلا عنه، وقد اضطر سليمان الزهير إلى رهن بعض أملاكه الخاصة لدى ناصر باشا إلى حين تسديد ما بذمته، لكن سليمان توفي قبل أن يسدد ما بذمته وأصبح المسؤول عن التركة ابن عمه قاسم الزهير الذي طالبه ناصر الأشقر بما له في ذمة سليمان الزهير من أموال، فما كان من قاسم إلا أن أسمع ناصر كلاما جارحا ورفض دفع أي مبلغ له، وطالبه بإعادة الأملاك فوراً وإلا فسيضطر إلى الذهاب إلى إسطنبول للشكوى، ولم يعرف لسكوت ناصر على قاسم سبب، وهو المعروف بالغرور والنرجسية، فسمح لقاسم بالمغادرة رغم إشارة المقربين منه بعدم السماح له بالمغادرة؛ لأن له معارف وصداقات هناك؛ ولأن قاسم الزهير يملك من حلاوة الحديث وبلاغة الحجة ما يستطيع بها أن ينال عطف الباب العالي، وأن أفضل الحلول قتله ثم إرضاء ذويه بالدية.

ويبدو أن قاسم الزهير كان عارفا بقدرته على قلب الموازين، فتكلم بالعام قبل الخاص، ما أوغر به قلب السلطان الذي أصدر فرمانا يطالبه بالقدوم الى إسطنبول فوراً، وهناك حوكم الاثنان واسترضيا فتم تعيينهما بمجلس الأعيان في إسطنبول ومنعا من العودة الى المنتفق والزبير نهائياً؛ لتنتهي حكاية أخطر أمراء المنتفق وأكثرهم نفوذاً وطموحاً وذكاء بهذه الطريقة البسيطة التي لا يمكن تخيلها، وفي عام 1885م توفي ناصر باشا السعدون ليدفن هناك وتطوى أهم صفحات الإمارة المنتفقية.

مؤامرات متبادلة

لم تدم ولاية فالح ناصر السعدون الذي خلف أبيه طويلا، إذ سرعان ما استطاع فهد باشا العلي السعدون التخلص منه وإقناع بغداد بأحقيته بها، وإن كانت المشيخة لم تعد مغرية كالسابق، إذ كان والي بغداد قد اقتطع الكثير من مزاياها وصلاحيات شيخها السابق ناصر باشا الأشقر وألحقها ببغداد أو البصرة، وبعد عامين من المؤامرات المتتالية والدسائس المستمرة استطاع فالح الناصر أن ينال ثقة بغداد ويعين أميراً للمنتفق بديلا لفهد باشا، وذلك في عام 1877م، وقد كان فالح خبيراً في إدارة أمور الإمارة، حيث تعلم من والده ناصر الكثير من خفايا الإمارة ودهاليز السياسة، فاستغل الظروف السائدة لتأليب الناس على بغداد من أجل استعادة الكثير من المزايا التي سلبت منه، وكانت المحصلة ثورة قبائل المنتفق وعشائرها، فأعيدت الكثير من مزايا الإمارة لفالح، كما انسحبت القوات التركية المرابطة في أراضي الإمارة، وأعيد جميع الموظفين الأتراك إلى بغداد عدا ثلاثة منهم استُبقوا لتحصيل حقوق الدولة من الإمارة.

لكن قبائل المنتفق لم يعجبها الاتفاق الأخير الذي حصد أبناء السعدون كل ثماره وأحست بالغبن، فبدأ بعض شيوخ القبائل بمراسلة منصور الراشد المقيم ببغداد؛ مما شجعه على الهرب والالتحاق بقبائل المنتفق البدوية كالبدور والضفير والجشعم والحميد ومطالبته لابن أخيه فالح الناصر بالتخلي عن التزاماته مع بغداد والانضمام إلى الثوار، كما بدأ ومن معه من شيوخ القبائل بتحريض بقية القبائل على الثورة خصوصاً العشائر الزراعية، وقد أجاد فالح قراءة الأحداث فانضم إلى الثوار وتبعه فهد باشا وبدأوا بطرد الموظفين الأتراك والاستيلاء على المخازن وطرق السفر البرية والنهرية، ورفعوا كتاباً إلى الباب العالي يطالبونه بإعادة ناصر باشا الأشقر إلى المقيم إجبارياً في إسطنبول أميراً على المنتفق، مع إعادة كامل صلاحياته السابقة، لكن الباب العالي كان قد حسم أمره بقمع الثورة.

حرب الريس

كانت أولى خطوات إسطنبول إعفاء الوالي عبدالرحمن باشا الضعيف من منصبه، وتعيين تقي الدين باشا المعروف ببطشه الشديد والياً في عام 1881م، كما أرسلت قوة عسكرية من إسطنبول بقيادة عزت باشا الريس لإخماد الثورة، وبعد وصول القوة إلى بغداد لحقت بها القوات التركية الموجودة هناك، ثم تبعتها قبائل زبيد وبني لام وربيعة لتصل القوات إلى الحي، فتلتقي مع قوات المنتفق في أم الشعير، وقد دارت معركة كبرى ليومين كان النصر أخيراً من نصيب الريس وقواته، وتفرقت قبائل المنتفق البدوية إلى الصحراء الجنوبية والعشائر الزراعية إلى الأحواز لتنتهي الثورة بما عرف في الوجدان الشعبي المنتفقي بحرب الريس، وقد بقيت قبائل المنتفق متفرقة في المناطق المذكورة حتى عام 1884م عندما بدأ مزعل المرداو وساطته مع بغداد من أجل عودة المنتفق إلى ديارهم، وهي الوساطة التي تكللت بالنجاح فعاد المنتفق إلى ديارهم كمواطنين عاديين دون العودة إلى الإمارة السابقة التي ألغيت وألحقت أراضيها ومسؤولياتها ببغداد والبصرة.

انقسام المنتفق

كانت عودة فالح الناصر محبطة، إذ عاد يائساً من استعادة إمارته المفقودة، فقرر ومن أيده من قبائل الاستقرار شرق الفرات بما يعرف بالجزيرة، في حين طلب منصور الراشد العودة مجددا إلى بغداد والاستقرار هناك، بينما اختار فهد باشا العلي الاستقرار في أملاكه بالبصرة، أما سعدون المنصور فقد رفض الإذلال الذي تعرض له أبناء السعدون من مصادرة الأملاك والنفي والتشريد والتجاوز المستمر من الموظفين العثمانيين، فقرر الخروج على بغداد والاستقرار في الصحراء المجاورة للمنتفق مع قبائل المنتفق البدوية التي رفضت سياسة الإذلال، وقد بدأ سعدون المنصور بممارسة الفوضى من خلال اعتدائه على أملاك السادة الياسر، ثم طرده لعشيرة البدير من أراضيها وأخذ الأراضي عنوة في عام 1896م، ولم يوافق الأتراك على هذه الاعتداءات، فأمرت بغداد بإعادة أراضي البدير لهم بعد عام من الاعتداء، لكن بغداد نفسها اضطرت إلى الاستعانة بسعدون لجمع الالتزامات القبلية المفروضة على المنتفق، مما ساهم في إضفاء الشرعية المطلوبة لسعدون، وفي عام 1898م كان سعدون قد فرض سطوته على عموم العشائر والقبائل المقيمة في المنطقة الممتدة بين النجف وشمال الكويت بموافقة السلطة التركية.

رفض البريطانيين

قرر سعدون المنصور التوقف عن مراسلة البريطانيين للحصول على اتفاقية حماية منهم مشابهة للاتفاقية التي حصل عليها الشيخ مبارك الصباح عام 1899 خصوصاً بعد تسلمه بعض الإشارات التي تدل على معرفة الأتراك باتصالاته مع البريطانيين، لكنه لم يركن إلى الهدوء بعد فشله في مسعاه بل استمر في خلق المشاكل لنفسه ولحلف المنتفق الذي يتزعمه، واستمر كذلك بممارسة هوايته في تأجيج النزاعات مع محيطه الإقليمي.

الاعتداء على شمر

هاجم سعدون المنصور بعض قبائل شمر القاطنة غرب الكوت في أواخر عام 1899م دون سبب، فغنم منها الغنائم وقتل بعض رجالها، وحين علم عبدالعزيز بن رشيد أمير حائل باعتداء سعدون على أبناء عمومته جهز جيشاً وغزا به ديار المنتفق، وحين وصل إلى الخميسية استقبله ابن خميس ونصحه بالعودة إلى حائل، لأن خبر غزوه قد وصل إلى سعدون المنصور، والمنتفق قد استعدوا للمعركة وعدد مقاتلي ابن رشيد وأسلحتهم لا تتناسب مع تجهيزات المنتفق، وقبل ابن رشيد النصيحة فعاد من حيث أتى، لكن سعدون المولع بالاعتداءات لم يترك تجهيزاته تذهب سدى فلحق بجيش حائل، واختلف المؤرخون حول وقوع المعركة أو عودة المنتفق دون قتال، لكن المؤكد أن سعدون المنصور أمر بمنع قبائل شمر من دخول بادية العراق أو التزود من مدن المنتفق بالمؤونة كما جرت العادة، كما أنه أضمر الشر لابن رشيد فبدأ يتحين الفرص للاعتداء عليه، فهاجم قافلة لأهل حائل في منطقة عين الصيد واستولى على ما معهم، وهاجم ابن رشيد بدوره أطراف إمارة المنتفق وغنم بعض الغنائم، ثم اشتكى لمتصرف البصرة من اعتداءات سعدون المنصور المتكررة فوعده المتصرف بكفّ يد سعدون عن إمارة ابن رشيد، ووجه تنبيهاً شديداً لسعدون بعدم تكرار هذه الأفعال وإلا فإنه سيرفع الأمر إلى بغداد، وقد وعده سعدون بعدم تكرار ذلك لكنه لم يكن صادقاً في وعده أبداً.

معركة هدية

لم يحافظ سعدون على علاقة الود التي كانت تربطه مع الشيخ مبارك الصباح طويلاً، خصوصاً بعد تغير المعادلة العثمانية بعزل عبدالحميد وصعود جمعية الاتحاد والترقي إلى سدة الحكم، وتقريبهم سعدون مع اتساع الهوة بينهم وبين الشيخ مبارك الصباح، إذ اعتدى بعض أتباعه على قافلة تابعة لعثمان الراشد من تجار الكويت ونهبوها، وتلاها سعدون نفسه بهجوم على عريب دار قرب الجهراء استولى فيه على مواشيهم، ما أغضب الشيخ مبارك الذي اعتبر سعدون ناكراً للجميل، فجهز مقاتليه ودفع ابن سعود للمشاركة معه في المعركة رغم أن سعدون اعتذر فيما بعد وردّ بعض المنهوبات من أجل تبريد الجبهة التي قاربت على الانفجار، خصوصاً أنه كان قد عزم على مهاجمة نوري الشعلان، ما هدّأ من أجواء الحرب قليلاً، لكن سعدون ومقاتلي المنتفق تلقوا هزيمة قاسية على يد عنزة، ما جعل الشيخ مبارك الصباح يسرع في التجهيز لقتال المنتفق المنهكين للتو من المعركة والهزيمة رغم تحذير عبدالعزيز آل سعود للشيخ مبارك، ويبدو أن تقدير الكويتيين للطرف الآخر لم يكن واقعياً، فكانت المعركة هزيمة كبيرة لهم وكانت غنائم سعدون كبيرة جداً وأشبه بالهدية منها إلى الغنيمة.

اللعب مع الكبار

على الرغم من أن السلطة التركية ساعدت سعدون المنصور في بسط نفوذه على المنطقة الواسعة المذكورة سابقاً فإنه بدأ في عام 1899م تحركا مريبا لم يسبقه عليه أحد من أمراء المنتفق، فبدأ بترتيب أوراقه من أجل الاستقلال بإمارة المنتفق من خلال توقيع اتفاقية حماية مع الإمبراطورية البريطانية شبيهة باتفاقية الحماية التي وقعها أمير الكويت مبارك الصباح للتو مع ذات الإمبراطورية، ولم يبدأ سعدون بمراسلة البريطانيين بنفسه بل من خلال أخيه سليمان الذي تقدم بطلب مكتوب للقنصل البريطاني في البصرة طالباً الحماية من بغداد، لكن طلب سليمان قوبل بالرفض من المكتب البريطاني في الهند، فلم يفهم سعدون الرسالة جيداً فأمر بعض شيوخ العشائر المنتفقية بإرسال كتاب آخر للبريطانيين يتضمن ذات الرغبة، وقد رفض الطلب مرة أخرى، مما جعل سعدون المنصور يتوقف عن الاتصال بالبريطانيين خصوصاً بعد أن وصله خبر بعلم الأتراك ببعض هذه الاتصالات.

معركة الصريف

كان عبدالعزيز بن رشيد أمير حائل من النوع الذي يحارب على كل الجبهات، ويكسب العداوات بسهولة وبلا سبب أحياناً شأنه شأن سعدون المنصور، ولذا بدأ حلف أعدائه يجهز للمعركة الكبرى، فتحالف سعدون المنصور والشيخ مبارك الصباح أمير الكويت وعبدالعزيز آل سعود ابن أمير الرياض عبدالرحمن الذي فقد إمارته قبل سنوات على يد محمد بن رشيد أمير حائل السابق ولجأ إلى الكويت، وكان سعدون ينتظر المعركة بفارغ الصبر لما سلف من عداء بين الاثنين، وأما مبارك الصباح فقد عانى الأمرّين من الهجمات المتواصلة على أطراف الكويت وعلى القوافل القادمة إلى الكويت أو المغادرة منها من أجل التبضع من قبائل شمر والقبائل الأخرى الموالية لحائل، وأما عبد العزيز آل سعود فإنه كان الأكثر حماساً لاستعادة إمارة آبائه، فوقعت المعركة الكبرى في مكان يسمى «الصريف» وكانت الغلبة لابن رشيد الذي هزم الحلفاء الثلاثة، وغنم الكثير من الغنائم وأجهز على الأسرى جميعاً، وأمر مقاتليه بالإجهاز على الجرحى وملاحقة الفارين وقتلهم، فلم يعد من قوات المنتفق إلا مئة مقاتل وصلوا إلى الكويت في طريقهم إلى ديارهم، وأما مقاتلو الكويت وآل سعود فإن مصيرهم كان مشابهاً لمصير مقاتلي سعدون.

ولم يوقف ابن سعدون استعداداته لملاقاة ابن رشيد في جولة قادمة فأخذ يجهز لها لدى عودته إلى إمارة المنتفق.