يبدأ هذه الأيام الحديث عن سيناء، وذلك لسبب واضح تماماً، وهو ما تشهده من أعمال إرهابية تستهدف في الأساس إسقاط هيبة الدولة وجيش الوطن، السبب الثاني هو أن شهر أكتوبر موسم الحديث عن سيناء في ذكرى انتصارات أكتوبر.

Ad

 وأنا سأتحدث اليوم عن سيناء، مشاركة منّي في الاحتفالات، ولكن بشكل مختلف، وأعتبر أن الحديث عن سيناء بشكل مختلف هو شكل من أشكال التقدير للشهداء الذين دفعوا حياتهم دفاعاً عن هذا الوطن، والحديث بشكل مختلف، بهدف حدوث تغيير حقيقي في مصر وفي سيناء كجزء أصيل من جسد الوطن هو شكل من أشكال التعزية.

 أذكر أن أحد الأصدقاء سألني منذ فترة قصيرة "هل هناك بنود سرية التزمت بها مصر في معاهدة كامب ديفيد تحد من حريتها في الاستثمار والتنمية في سيناء؟"، كانت إجابتي، وفق ما أعلم، بالنفي القاطع، ولكن الصديق استدرك متسائلاً: "لماذا لم يتم التعامل مع سيناء، كما أكدت الحكومات المتعاقبة منذ تحريرها باستهداف تحقيق التنمية الحقيقية في سيناء، وجعلها امتداداً للوادي، ومعالجة الخلل السكاني الواضح فيها بتسكين جزء من أهل الوادي بها؟ ولماذا لا يتم الاعتناء بتطويرها سياحياً عدا شرم الشيخ؟ ولماذا لم يتم تنفيذ إقامة القرى فيها، ولماذا لم يستكمل خط السكة الحديد بها؟ ولماذا لم يتم وضع خطة واضحة لزراعة كل الممكن زراعته فيها؟ ولماذا لم تصل المياه إليها بشكل كامل، رغم الخطط السابقة الخاصة بترعة الإسماعيلية وتعديل مسارها أو إقامة ترعة السلام؟".

هذه التساؤلات خلقت الشك مرة أخرى في نفسي، ودفعتني للتساؤل عن مدى وجود بنود سرية تمنع مصر من ذلك، ودفعني هذا الشك لأن أسأل أصدقاء أثق بعلمهم وقدرتهم على حسم الشك حول ما إذا كان هناك ما يمنع مصر من ذلك، فأكدوا لي بشكل قاطع حرية مصر الكاملة في التعامل مع سيناء، فهي أرض مصرية ملك للمصريين، وليس لأحد شبر فيها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

 وهذه الإجابة تتفق مع ما أنا مقتنع به، قبل أن تثير تساؤلات صديقي الشكوك، وبالفعل زالت الشكوك وتأكدت قناعتي، ولكن ثارت تساؤلات محلها، لماذا لم نفعل ما كان ينبغي أن نفعل؟ لماذا توقفنا عند حدود الغناء لعودة سيناء، ولم نكمل ما بدأناه من خطوات سابقة؟ لماذا لا تكتمل الجمل التي نبدأها بشكل رائع ونقف في وسط الجملة، ولا نكملها لنبدأ جملة جديدة؟!

هنا لا أنكر ما حدث على أرض سيناء من مشروعات مهمة ومحاولات جادة، ولكن ينبغي هنا أن نسأل، هل هذا يكفي؟ بدأنا في مشروعات لتأكيد اتصال الأرض المصرية جميعها: سيناء بالوادي، ولكن هل هذا يفي بالغرض؟ من المسؤول عن عدم استكمال خط السكك الحديدية الذي سرقت قضبان الجزء الذي بدأنا به ثم توقفنا، من المسؤول عن عدم استكمال البنية الأساسية بالمناطق السياحية الأخرى في سيناء غير شرم الشيخ؟ لماذا لم يتم تنفيذ مشروعات المطارات التي سبقت الإشارة إليها؟ من المسؤول عن عدم تنفيذ مشروع استصلاح 400 ألف فدان وضعت هدفاً منذ المرحلة الأولى من تحرير سيناء، وفي أي درج من الأدراج يرقد مشروع إنشاء 400 قرية في سيناء؟

إذا أردنا محاربة الإرهاب من جذوره، فالحل هو تغيير المناخ الذي يترعرع فيه، ويجد مؤيدين من بين أبناء المنطقة بسبب الحاجة، أو اتقاء شر هذه الجماعات الإرهابية، تغيير المناخ المحيط يبدأ بالاعتراف بأن لدينا مشكلة، وأننا لم نعمل على حلها، ومن ثم نبدأ باتباع الأساليب العلمية.