السياحة التاريخية في الوطن العربي مجال واسع، ومن خلاله يمكن للمهتمين في الشأن التاريخي الاطلاع على كنوز من الآثار التي لا مثيل لها في العالم غير العربي، والاطلاع على تاريخ رائع تجاهلناه مع مرور الزمن لسبب أو لآخر. لقد كتب الله لي ولإخوة أعزاء أن نرحل معاً في زيارة إلى مدائن صالح في المملكة العربية السعودية الشقيقة قبل فترة قصيرة من الزمن، وهناك شاهدنا ما كنا نتطلع إلى مشاهدته وهو آثار قوم ثمود والنبي صالح. ولنبدأ الحديث عن هذه الآثار بما ورد في القرآن الكريم عنها، فقد ورد في سورة الأعراف:

Ad

 {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ * فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ * فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِين}. (الأعراف: 73-79)

وتلخص هذه الآيات قصة النبي صالح مع قوم ثمود الذين عاشوا في رغد من العيش ورزقهم الله الخيرات ومكنهم في الأرض، إذ إنهم بنوا قصوراً في السهول وبيوتاً في الجبال مازالت قائمة إلى اليوم، ولكنهم عصوا أمر ربهم ولم يطيعوا نبيهم، فعاقبهم الله بالصيحة أو الرجفة بعد أن أنذرهم نبيهم صالح بأن العذاب قادم إليهم بعد ثلاثة أيام وتركهم وغادر مع مجموعة من المؤمنين به.

وقوم ثمود قبيلة مشهورة اشتهرت باسم جدها ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح، وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحِجر الذي بين الحجاز وتبوك، وقد مرَّ به رسول الله  وهو ذاهب إلى غزوة تبوك بمن معه من المسلمين. أما نبيهم فهو صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح، وآيته لهم الناقة التي خرجت من الجبل وكانت تزودهم وحدها بالحليب فتكفي جميع من في البلدة، إلا أن مجموعة منهم تآمرت على قتلها، واستطاع أحدهم أن يعقرها فماتت، فحق عليهم عقاب الله تعالى، وهو رجفة أو صيحة دمرت القرية بمن فيها وأهلكتهم جميعًا إلا من آمن وصدق صالحأ وخرج معه من القرية قبل وقوع العذاب. والزائر لمدائن صالح يرى فيها المقابر التي شيدها قوم ثمود، وهي نوع من الإعجاز ماثل أمام أعيننا، فكيف استطاع هؤلاء القوم قبل آلاف السنين تكسير الصخور الصلبة وحفرها ونحت المقابر بداخلها بهذا الشكل الذي ظل قائماً إلى يومنا هذا. والأعجب أن ما كتبوه من كلام باللغة النبطية القديمة فوق كل مدفن من المدافن العديدة المنتشرة في المنطقة يشير إلى اسم المتوفى واسم الملك الذي كان يحكم في تلك الفترة ويحذر من الدفن غير المشروع لأشخاص لا يرتبطون بالمتوفى وذريته. وقد وردت قصة قوم ثمود في عدد من السور في القرآن الكريم منها الشعراء والنمل والقمر والأعراف وغيرها. وفي الختام، أقدم لكم بعض الصور التي التقطتها في مدائن صالح للاطلاع على تلك الحضارة العجيبة التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم.