الحياة في سيناء في غاية الصعوبة نظراً لصعوبة التنقل وخطورتها، حياة يحيط بها الحذر والخطر دائما إما من العدو الخارجي أو الداخلي الذي يتمثل بعصابات المخدرات واﻷسلحة وغيرها من إجراءات أمنية متبعة في المنطقة،

Ad

فكانت المرة الأولى التي أذهب فيها إلى سيناء، حيث اختلطت لدي مشاعر الانتماء والفخر من عبق التاريخ بأرض ارتوت من دماء أبطال الجنود والقادة المصريين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن تظل هذه الأرض مصرية بسيادة كاملة.  هذه المرة كنت مجندا في سلاح المهندسين بالقوات المسلحة المصرية، حيث العمل الشاق واﻻستعداد القتالي في التدريب واﻻستعداد القتالي حتى ﻻ يتكرر تاريخ اﻻحتلال الأسود ممن تسول له نفسه غزوها مرة أخرى، وعندما علمنا أنا وزملائي خبر أداء الخدمة العسكرية بسيناء كان منا من حزن ومنا من اشتاق للتاريخ والأرض لينال شرف الدفاع عنها، مساحات كبيرة من صحراء ممتدة وطبيعة جميلة تصلح لفنان يخط بريشته أجمل المناظر، ومنا من سالت دموعة لبعد مكان الخدمة وطبيعة المهمة المكلف بها، وسمعت الكثير من المجندين الذين لم يكفوا عن ندب حظهم منذ بداية الرحلة حتى نقطة الوصول للواء 313 مشاة بطور سيناء حيث جمال الطبيعة.

بعيدا عن السياسة ونفاقها وأخطائها أقدم مشهدا من مشاهد يعيشها يوميا جنودنا ممن شرفهم الله بأداء الخدمة بسيناء بوجه عام، فالخدمة العسكرية في سيناء غاية في الصعوبة، وتتطلب استعدادا قتاليا كبيرا ولياقة عالية، دائما في حالة تفتيش ومشاريع حرب بشكل يدعو للاستغراب منا كجنود، وكنا دائما ما نسأل قادتنا هي الحرب بكرة، ويكون جوابه دائما لنا "الحرب الآن وليس غدا، فالعدو لن يستأذنكم كي يحاربكم إنتوا مش عارفين نفسكم بتخدموا فين ... العدو شايفكم...".

هذه الكلمات تذكرتها عندما رأيت وسمعت خبر تفجير جنودنا رحمهم الله، حيث طالتهم يد الغدر والخسة وانتهت حياتهم بطريقة بشعة ﻻ تبرر من أبناء الوطن تحت أي مسمى إﻻ أنه عمل إرهابي إجرامي، فإن كانت هناك أخطاء سياسية فلماذا تتم تصفيتها من هؤﻻء الذين ﻻ ذنب لهم؟

كنا نواصل الليل بالنهار خدمة وتدريبا وعملا، الضاحية وما أدراك ما الضاحية؟ وطابور السير وطابور الصباح وحركة وتفتيش دائما؟ الإجازات تقريبا كل شهرين 7 أيام منها 3 أيام سفر، وكنت دائما ما أتساءل في نفسي: خدمتي لن تتعدى 9 شهور في هذه المنطقة فكيف بمن تكون خدمته سنتين أو 3 سنوات أو دائم الخدمة من ضباط صف وقادة؟

هؤﻻء الجنود يتحملون ما ﻻ يتحمله أحد من ظروف طقس غاية في الصعوبة من برد شديد وحر، وأتذكر كم كانت معاناتنا أثناء الخدمة ليلا أحشاؤنا ترتعد من شدة البرد ونتحمل ونصبّر أنفسنا؛ حياة شاقة جدا، تخيل كل هذا ينتهي بتفجير ينهي الحياة أشلاء... حسبنا الله ونعم الوكيل.