منذ عاش المصريون على ضفاف النيل لم يتوقفوا عن محاولة التواصل مع الحاكم، مصر دولة مركز وستظل كذلك، وسيظل لرئيسها مكانة خاصة ومميزة، لذلك عندما يشكو المصري "الفصيح" منذ القدم يتوجه بشكواه إلى من يعتلي سدة الحكم، لذلك لم أستغرب أن كل شكوى أو اقتراح أو أمل أو مشاعر حب موجهة بشكل أساسي إلى السيسي.

Ad

ولأن أمل المصريين تعلق بالسيسي، وراهنوا ورهنوا مستقبلهم مع الرجل الذي دفعوه دفعاً لتولي المسؤولية فإنهم عندما يشكون أو ينتقدون فإنهم يفعلون ذلك تحت مظلة أساسية هي مزيج من الحب والأمل والعشم، وتستمر الرسائل... يستمر المصري الفصيح في رسائله لزعيمه الجديد، فيقول الناس في مجالسهم إن حركة المسؤولين بين الناس أمر لاقى قدراً كبيراً من التقدير لدى الناس، وعلى رأس هؤلاء رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب الذي كانت حركته بين الناس أحد أهم الدوافع لاختياره لقيادة الحكومة المصرية في مرحلة البناء واستعادة الثقة، لكن... ما الأهداف من حركة وتواجد المسؤولين بين الناس؟ هل هو "الشو" الإعلامي أم محاولة إرضاء الرئيس أم حركة مخططة بالفعل؟ الأمر الآخر عندما يتحرك المسؤول الكبير هل يتحرك وحده أم تصاب وزارته بشلل تام، لأن الوزير نزل الشارع ومعه بقية قيادات الوزارة؟

يضيف الأهل والأصدقاء أن ما يحدث هو الشلل في هذه المصالح والحكومات، لأن كبار المسؤولين "نزلوا الشارع" مع السيد المسؤول، ولتذهب أعمال الناس المجمدة إلى الجحيم حتى يعودوا من "الشارع".

يلاحظ المصريون أن الحكومة لن يتم إنجازها بطول الاجتماعات، فلا يمكن تخيل دولة تدور عجلتها التنفيذية والإدارية بينما كل كبار المسؤولين من الوزراء مازالوا محبوسين -بإرادتهم الحرة- داخل اجتماعات ماراثونية تمتد في بعض الأحيان إلى حوالي الساعات العشر، ثبت علمياً أن طاقة استيعاب الإنسان "الطبيعي" تتأثر كثيراً بشكل سلبي إذا استمر في اجتماع واحد أكثر من ساعتين بتركيز حقيقي، هذا يعني أن لدينا مشكلة في إدارة الوقت، وهذه آفة المشاكل، إن الأيادي "لسه" مرتعشة، لا أحد من المسؤولين يأخذ قراراً خوفاً من تبعاته، مازالت مصالح الناس كباراً وصغاراً معطلة لأن المسؤول خائف، ومازال له الحق في ذلك، من أن يجد نفسه خلف القضبان، وفي أحسن الظروف محل مساءلة، والناس هنا يتحدثون عن الأمور الصغيرة والكبيرة، فهناك استثمارات بآلاف الملايين مهددة بالتوقف وبعضها سيذهب إلى التحكيم لأنه لا يوجد من يستطيع أن يقف في وجه الخوف ويقاوم الارتعاش.

إن الكلام عن المشروعات الجديدة التي هي غاية في الأهمية لا يغني عن متابعة المشروعات القائمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح ما فسد منها وانحرف، ومراجعة المشروعات التي بدأت ولم تتم أبداً لأسباب لا نعلمها، المشروعات الكبيرة لن تغني أبداً عن وجود مشروعات صغيرة ومتوسطة تنتشر في أوساط مصر، ريفها وحضرها، لتوقف غول البطالة والتخلف والتطرف، أما عن التعليم فلو لم يُصلح فلن ينصلح حال البلد حتى لو جعل في كل شارع مشروع، وإصلاح التعليم لن يكون فقط بإنشاء المباني، التي هي غاية في الأهمية، بل بإصلاح العقول التي تخطط وترسم ملامح التعليم، لا بأس من أن يأخذ هذا الموضوع حقه من الدراسة، ولكن على الأقل يكون هناك من يدرس قبل أن يقرر، وأن يبحث أين وصل العالم حتى لا نبدأ في اختراع العجلة مرة أخرى.

لسان المصري البسيط، وهو يعبر عما يجيش بصدره، يقول إننا عندما نحاول أن نبلغ السيسي بكل ذلك فإن هذا من منطلق واحد ورئيسي، إننا نحبه ولا نرى غيره قادراً على حمل آلامنا وآمالنا، وثقنا به ووضعنا فيه أملنا، وندعو له أن يجد من يعينه.