تقدم النائب حسين القويعان الى الامانة العامة لمجلس الامة امس بطلب لاستجواب وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله بصفته وفقا للمادة 100 من الدستور.

ويتضمن طلب الاستجواب ثلاثة محاور اولها يتعلق "بالاخلال بالمشاريع الحيوية لوزارة الصحة" فيما يشير المحور الثاني الى "الفساد المالي والاداري"، اما المحور الثالث فيتطرقa الى ما أسماه "الاهمال المتعمد للوزارة والعزوف عن متابعة شؤونها الداخلية".

Ad

واكد القويعان في صحيفة الاستجواب أن إثارة المسؤولية السياسية للوزير لا تهدف الى النيل من شخصه أو اعتباره الذاتي، بقدر ما تسعى الى تحميله مسؤؤليات اخفاقه في النهوض بمسؤولياته.

وقال ان المادة 100 من الدستور نصت على ما يلي: "لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه الى سمو رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة في اختصاصاتهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب إلا بعد ثمانية أيام على الاقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير..." كما نصت المادة 101 من الدستورعلى أن "كل وزير مسؤول لدى مجلس الامة عن أعمال وزارته، وإذا قرر المجلس عدم الثقة باحد الوزراء اعتبر معتزلا للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة، ويقدم استقالته فورا...".

واضاف: لقد أكدت المحكمة الدستورية بالقرار التفسيري رقم 8 لسنة 2004 بـ"أن من أكبر مظاهر ما للسلطة التشريعية من الرقابة على السلطة التنفيذية، توجيه الاستجوابات إلي رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء، وهو الحق الدستوري المقرر لعضو مجلس الأمة – المادة (100) من الدستور، إذ تتجلى فيه المسؤولية السياسية ومبدأ المسؤولية الوزارية أمام المجلس النيابي، وإشراك الأمة في إدارة شؤون البلاد والإشراف على وضع قوانينها ومراقبة تنفيذها، ومدى التزام الحكومة في أعمالها وتصرفاتها بحدودها، والطريقة لتحقيق هذا المبدأ هي مناقشة الحكومة ومحاسبتها، وليس الاستجواب إلا محققا لهذا الغرض. وإنه وإن كان الاستجواب بالمعنى الاصطلاحي هو طلب الجواب، إلا أنه ليس استفهاما، وإنما هو توجيه النقد إلى المستجوب وتجريح سياسته).

وبناء على ما تقدم فإني أتقدم باستجوابي هذا لمساءلة وزير الصحة الشيخ محمد عبدالله المبارك بصفته من ثلاثة محاور.

المحور الأول: الإخلال بالمشاريع الحيوية للوزارة

إيذاناً ببدء خطة التنمية الكويتية، اعتمدت الحكومة خطة متوسطة المدى لأجل خمس سنوات، والتي تغطي من السنة المالية 2010/2011 إلى السنة المالية 2013/2014.

وتضمنت الخطة إجمالي 1100 مشروع، بما في ذلك عدد من المشاريع الضخمة، مع تركيز الإنفاق على القطاعين النفطي وغير النفطي، ومن بين هذه المشاريع:

- إنشاء مركز جديد للأعمال (مدينة الحرير).

- إنشاء ميناء ضخم للحاويات مع جسر بطول 25 كم.

- إنشاء خطوط سكك حديدية ومترو أنفاق.

- زيادة الإنفاق على إنشاء المدن الجديدة والبنية التحتية والخدمات (وخاصة في مجالي الصحة والتعليم).

من هذه المشاريع المعتمده للنهوض بالقطاع الصحي انشاء العديد من المستشفيات منها علي سبيل المثال لا الحصر أربعة مستشفيات للولادة والأطفال والرازي وابن سينا.

سعة هذه المستشفيات 500 سرير لكل من الرازي والاطفال وابن سينا و600 سرير لمستشفى الولادة.

هذه المستشفيات تمت مناقشتها بصورة مستفيضة من خلال اجتماعات مشتركة بين وزارتي الأشغال والجهة المستفيدة وزارة الصحة.

استمرت المناقشات من عام 2009 حتى ديسمبر 2012 وبعد إرساء المشروع شبه النهائي قامت وزارة الصحة بإرسال الكتب تلو الكتب مصرة على إلغاء المشاريع الأربعة لأسباب غير منطقية وبتنسيق مع وزير الأشغال.

حيث ذكر وزير الاشغال في مؤتمره الصحافي الذي عقده في 26/10/2013 "أن المستفيد هو وزارة الصحة وهي من طالبت بالغاء المناقصات وإعادة ترسيتها" (القبس 27 أكتوبر 2013).

وعلى النقيض كان وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الخدمات العامة والصيانة قد نفى ما يثار حول تسبب وزارة الصحة في وقف مناقصات المستشفيات الجديدة الرازي وابن سينا والولادة والأطفال، مؤكدا أن الأمر يختص فقط بوزارة الأشغال ولجنة المناقصات... (جريدة الانباء 27 سبتمبر 2013).

وإزاء هذا التناقض في مواقف وزارة الاشغال ووزارة الصحة ونفي كل طرف مسؤولية وزارته من الإلغاء قمت بتوجيه سؤال برلماني الى وزير الصحة مطالبا إياه بإيضاح موقفه من الغاء المستشفيات الاربعة وعلى أي اسس فنية تم هذا الإلغاء. الا انه لم يقم بالرد ولم يقف للدفاع عن هذه المشاريع الحيوية بالرغم من الزخم الشعبي الذي أخذه هذا الإلغاء والتفاعل الكبير من النواب والشارع الكويتي وكأن الأمر لا يعنيه.

المحور الثاني: الفساد

المالي والإداري

1- في الوقت الذي يتهاون الوزير تجاه إلغاء المستشفيات نراه يخالف قرار المحكمة تجاه إيقاف التنفيذ في مناقصة انشاء وتجهيز طبي وتأثيث وصيانة تشغيلية لتوسعة المستشفى الاميري.

حيث انه تم إرساء المناقصة على ثاني أقل الأسعار وبفارق 14 مليون دينار ما دفع الشركة الأقل سعرا الى تقديم شكوى في القضاء مطالبة بأحقيتها في هذه المناقصة. وأيضا قمت بتوجيه اسئلة برلمانية للاستيضاح من الوزير في هذه القضايا إلا أنه كالعادة لم يقم بالرد.

2- قيام وكيل وزارة الصحة المساعد لشؤون الخدمات العامة والصيانة بالتلاعب والتدخل في التقرير النهائي للجنة الفنية المشكلة للتحقيق في تجاوزات التوسعة الاميرية في مستشفيات الأميري والجهراء والفروانية.

ومن أهم مظاهر ودلائل التجاوزات أن وزارة الصحة هي من يفترض أن يطلب أوامر التغيير، ويتعين عليها القيام بمخاطبة مدير المشروع كتابيا للتغيير، لتتم دراسته وبعد الانتهاء من الدراسة تتم مخاطبة المقاول والذي عليه إبلاغ مدير المشروع برأيه في التغيير، بعد إبداء رأيه الهندسي والفني. الا أن أوامر التغيير التي تمت في مشاريع الانشاءات الصحية في ثلاثة مستشفيات الأميري والجهراء والفروانية حسب المذكرات القانونية ولجان التحقيق الأولية، قامت من خلال مدير المشروع بمخاطبته للوزارة بالتغييرات دون موافقته عليها، ولم يتم اتخاذ الخطوات القانونية المفترض اتخاذها. وهي تثير العديد من التساؤلات حول قانونيتها ومدى استيفائها للخطوات الرقابية المقررة في هذا الشأن.

3- قيام احد المهندسين بالتلاعب في مناقصة تخص منطقة العاصمة الصحية وذلك بالتوقيع على معاملة الصرف بدلا عن رئيس مكتب الشؤون الهندسية منطقة العاصمة الصحية والذي كان على رأس عمله وهو المسؤول الأول عن مقاول الانشاءات الصغيرة التابع له وبالرغم من تقديم العديد من الشكاوى من قبل مدير منطقة العاصمة الصحية ورئيس مكتب الشؤون الهندسية في منطقة العاصمة الصحية ومدير إدارة الشؤون الهندسية إلا أنه لم يتم اتخاذ أي اجراء بحق هذا الشخص المتجاوز.

المحور الثالث: الإهمال المتعمد للوزارة والعزوف عن متابعة شؤونها الداخلية

وزير الصحة في نفس الوقت يتولى حقيبة وزارة الدولة لشؤون مجلس الوزراء والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية والإدارة العامة للإطفاء، لذلك كان تواجد الوزير في مكتبه في وزارة الصحة وتفقده للعمل محدودا جدا.

هذا الإهمال لأعمال الوزارة أدى إلى:

1- عدم متابعة تفشي الأمراض المعدية مثل الدرن والتهاب الكبد الوبائي والأوبئة الاخرى دون أي تحرك جدي وملموس لوزارة الصحة نحو محاصرة هذه الظواهر.

ولعل من اخطر هذه الظواهر تساهل وزارة الصحة مع الوافدين الحاملين لمرض الايدز وبقاءهم في البلد بالرغم من ثبوت حملهم لهذا المرض الخطير والمعدي في نفس الوقت.

2- انتشار أمراض خطيرة مثل أمراض السرطان والذي أصبح – للأسف -لا يخلو بيت في الكويت من هذا المرض الفتاك وكالعادة لم تتعامل الوزارة لا مهنيا ولا إداريا مع هذه الظاهرة.

3- انتشار أمراض جلدية مثل الليشمانيا في مناطق مثل محافظة الجهراء وبالرغم من تنبيه منظمة الصحة العالمية لمثل هذه الظاهرة الغريبة على الكويت فإن وزارة الصحة لم تعلق ولم تتخذ أي إجراءات تجاه محاصرة وعلاج هذا المرض.

4- التلاعب في أسعار بعض الفحوصات المختصة بمرضى الايدز حتى بلغت زيادة 300% خلال فترة وجيزة.

5- الإخلال بحقوق الصيادلة بالرغم من لجوئهم لوزير الصحة وطلبهم للإنصاف منه، إلا أنه لم يرد على مطالبهم ولم يتخذ أي إجراء من شأنه دراسة مطالبهم على الأقل والتي تمت بتاريخ 17/09/2013.

6- القصور الواضح في خدمة الإسعافات، على الرغم من أن الوزير قد صرح بجهوزية خدمة الطوارئ والاسعافات خلال الاجتماع الطارئ بين عدد من الوزراء وعدد من النواب لمناقشة خطة الطوارئ اثناء أزمة التهديدات الاميركية بضرب النظام السوري، ومما يؤكد ذلك:

أ‌- ما تم تداوله من وفاة مواطنة بسبب عدم استطاعة فني الاسعاف من تشغيل جهاز الأوكسجين في سيارة الاسعاف. (جريدة المستقبل 2 اكتوبر2013).

ب‌- سرقة سيارة الإسعاف الذي تم مؤخرا وتم ضبطها من قبل وزارة الداخلية. (الانباء 12 سبتمبر 2013).

ت‌- تصريح من مسوؤل في إدارة الطوارئ بعدم استعدادهم ووجود قصور كبير. (الانباء 17 سبتمبر 2013).

7- الإهمال في متابعة ملف التعاون مع المستشفيات العالمية مثل ميغيل وتورنتو. حيث لم تتحقق الاستفادة من هذه المعاهدات بالرغم من التكاليف الباهظه لهذه الاتفاقيات.

حيث لم تلتزم جامعة ميغيل باستقبال المتدربين الكويتيين في البورد الكندي لبرنامج القلب بالرغم من النص على ذلك في الاتفاقية المبرمة بين الطرفين.

وفي زيارة لوفد استشاريين من جامعة تورنتو لمركز مكي الجمعة للجراحات التخصصية في الفترة من 21 الى 25 أكتوبر 2013 غاب ثلاثة استشاريين من اصل اربعة عن الزيارة وذلك لخروجهم في اجازات عادية ما أدى الى عدم استفادة المركز من هذه الزيارة ومما يدل على عدم الجدية في التعامل مع هذه الفرق العالمية.

الخاتمة

بالرغم من أهمية وزارة الصحة للمواطنين والوافدين فان الحكومة أهملتها وجاءت وبكل اسف في ذيل اهتماماتها فصارت هدفا سهلا للمتنفعين وبعض التجار والاسوأ انها جعلت منها معتركا سياسيا لمن تريد انهاءه أو تكريمه بمسمى وزير سابق.

من تلك الأسباب مجتمعة واستشعارا بمسؤوليتي النيابية والوطنية الملحة قدمت هذا الاستجواب وبما فيه من محاور وموضوعات وقضايا انتشالا للوطن من حالة التردي التي بلغها ولإعادة التوازن قبل فوات الأوان وتلاشي فرص الإصلاح. ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.