نجح فريق دولي من العلماء في فك شفرة الخريطة الجينية (الجينوم) لذبابة تسي تسي، التي تمص دماء البشر، وتتسبب في الإصابة بمرض النوم في أرجاء القارة الإفريقية، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام استغلال الأسرار البيولوجية لهذه الحشرة في استئصال شأفة هذا الداء الفتّاك.

وتتوج النتائج التي أُعلِنت اليلة قبل الماضية جهوداً استمرت عشر سنوات وتكلفت ملايين الدولارات وشارك فيها أكثر من 140 عالماً من 78 مؤسسة بحثية في 18 دولة. ونشرت نتائج الدراسة في دورية «ساينس» وفي دوريات أخرى.

Ad

ولسعة واحدة من «تسي تسي» كفيلة بانتقال كائن حي متطفل يسبب مرض النوم بين سكان منطقة جنوب الصحراء الكبرى، فضلاً عن نوع آخر من الأمراض يصيب الحيوانات يسمى ناجانا ويهدد بهلاك الثروة الحيوانية، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية.

ومن بين الأسرار البيولوجية الغريبة التي باحت بها دراسة التسلسل الجيني والجزيئي لذبابة التسي تسي، أنها تضع صغاراً بدلاً من وضع البيض مثلها مثل بقية الحشرات، وتغذي اليرقات داخل الرحم بنوع من اللبن، وتنجذب بصورة غير مألوفة نحو اللونين الأزرق والأسود، كما أنها لا تتغذى إلا على الدم.

وعبّر العلماء عن تفاؤلهم بأن اكتشاف المحتوى الجيني الكامل للذبابة قد يفضي إلى ابتكار سبل جديدة لمكافحة الحشرة، مثل استخدام مادة كيماوية توقف دورة حياة هذه الذبابة وتكاثرها، أو تحسين المصايد الحالية المستخدمة في اصطيادها وقتلها.

وقال دانييل ماسيجا أحد المشاركين في الدراسة، وهو أستاذ في البيولوجيا الجزيئية بالمركز الدولي لفسيولوجيا الحشرات والبيئة في كينيا: «هذا الاكتشاف كبقية الاكتشافات الأخرى سيكون هناك دروب جديدة ربما لا نراها الآن. إلا أنني متفائل بأن جوانب فريدة من بيولوجيا ذبابة تسي تسي ستقودنا إلى سبل جديدة لمكافحة المرض».

وداء النوم من الأمراض المعروفة التي تنتشر في المناطق الحارة وفي منطقة جنوب الصحراء الكبرى، والتي تفتك بالبشر إذا لم تعالج في حينها.

وفي المراحل المتقدمة من مرض النوم، الذي يهدد الملايين في 36 دولة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فإنه يستهدف الجهاز العصبي المركزي مما يتسبب في إصابة الساعة البيولوجية بالخلل، وما يترتب على ذلك من اضطراب في الشخصية والوظائف الفسيولوجية والتلعثم وصعوبة المشي والكلام وغيره من الأعراض الأخرى.

(رويترز)