يعتبر العراق واحداً من أكبر مصدري النفط في العالم، ومن هذا المنطلق قد تدفع الهجمات الأخيرة التي قامت بها ميليشيات على أكبر مصفاة للنفط في ذلك البلد في خضم تدهور الوضع الأمني في العراق إلى مخاوف عالمية من حدوث نقص في إمدادات النفط وإلى ارتفاع كبير في أسعاره.

Ad

ولكن حقيقة الأمر أن أسعار النفط ظلت كما كانت قبل ما يقارب السنة، على الرغم من صعودها البطيء خلال الشهور القليلة الماضية، والسؤال هو ما سبب انتفاء الهلع؟ والجواب هو أن إمدادات الخام العراقي آمنة في الوقت الراهن لأن القسم الأكبر من إنتاج النفط في ذلك البلد– ما يقارب 2.5 مليون برميل يومياً- يوجد في جنوب البلاد بعيداً عن التمرد الحالي، كما يقول محللون.

ويقول ريتشارد مالينسون وهو محلل جيوسياسي في لندن "إن إنتاج النفط العراقي موزع على شتى أنحاء البلاد، ويوجد نحو 10 في المئة إلى 15 في المئة في الجزء الشمالي من العراق، حيث تدور حركة التمرد السنية".

ويخوض تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وهو مجموعة سنية مقاتلة، والذي يدعو نفسه الآن "الدولة الإسلامية" أو دولة الخلافة تخوض ضد الحكومة المركزية التي تهيمن عليها الطائفة الشيعية. وقال الثوار في نهاية الشهر الماضي إنهم يسيطرون على مصفاة بيجي النفطية، لكن الحكومة تقول إنها استعادت السيطرة عليها.

وقد أغلق سعر خام غرب "إكس إيه إس" عند أعلى مستوى له في 10 أشهر ليصل إلى 107 دولارات للبرميل في العشرين من شهر يونيو الماضي، وبحلول يوم الخميس قبل الماضي هبط السعر إلى 104 دولارات للبرميل وهو انخفاض لليوم السادس على التوالي، ولكن على الرغم من ذلك فإن الأسواق العالمية تظل متوترة إزاء ما يمكن أن يحفل به المستقبل إذا تردت توترات العراق الطائفية والإقليمية.

حقول النفط الرئيسية

من غير المتوقع وصول التمرد إلى حقول النفط الرئيسية في العراق في جنوب البلاد والمناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في الشمال في وقت قريب، ولكن في الأجل الطويل– يقول رعد القادري وهو عضو منتدب لدى "آي إتش إس إنرجي" وهي شركة استشارية تتخذ من لندن مقراً لها في بريد إلكتروني بعث به إلى صحيفة "يو إس أي توداي: "البنية التحتية وكذلك أصول الإنتاج ستتحول إلى أهداف مغرية إذا ما تقدمت حملة الدولة الإسلامية في العراق والشام نحو مستويات أعلى". وأضاف "إن أي انقطاع جديد في الإمدادات يمكن أن يرفع أسعار النفط إلى ما قد يصل إلى 120 دولاراً للبرميل".

وقد أفضى الوضع في العراق إلى قلق في أوساط قادة العالم لأن ذلك البلد– إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية– كان يتوقع له أن يكون واحداً من مناطق النمو الرئيسية في إنتاج النفط، مع زيادة الطلب في أسواق ضيقة في الأساس، بحسب رأي محللين.

ويقول مالينستون "إذا لم يتمكن العراق من تسليم تلك الإمدادات فإن الأسواق تبدو أكثر حدة، وإذا حدثت عرقلة في العراق في الأجل القصير، فإن المملكة العربية السعودية سوف تكون الدولة التي تزيد من إنتاجها النفطي من أجل تحقيق توازن في الإمداد وتعويض الفارق".

إعاقة الاستثمارات

ويضيف مالينستون إن حالة عدم الاستقرار، ووجود حكومة ضعيفة مع موارد يعاد توجيهها يمكن أن تعرقل الاستثمارات اللازمة من أجل تطوير الإنتاج النفطي في العراق في الأجل الطويل، مما يعني حدوث صعوبة في التعامل مع اضطرابات مستقبلية وتلبية الطلب المتزايد، وقد بدأت الشركات العالمية بنقل موظفيها والإعداد لإخراج كل عمالها بسرعة، ويرى مالينستون أن "ذلك يشير إلى ارتفاع أسعار النفط في الأجل المتوسط".

ويمكن لقدرة العراق على حشد قواته أن تؤثر أيضاً في خطط الحكومة المركزية في بغداد المتعلقة بالسيطرة على الصادرات في إقليم كردستان المنتج للنفط والذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، وكانت حكومة كردستان العراق تدفع نحو مزيد من الاستقلال الذاتي السياسي، ونحو درجة أكبر من السيطرة على النفط المنتج من الإقليم الشمالي في البلاد.

وعلى الرغم من اعتراضات الحكومة في بغداد فإن الحكومة الكردية تخطط لتصدير النفط بصورة مباشرة إلى تركيا، وهي الطريقة الوحيدة التي تعتقد أنها سوف تمكنها من الحصول على حصة عادلة من ثروة البلاد النفطية.

وبينما قالت حكومة بغداد إنها سوف تتعاون مع قوات الأمن الماهرة في كردستان (البيشمركة) من أجل محاربة "داعش" يقول محللون إن الأكراد كانوا يستخدمون أزمة العراق الأمنية من أجل توسيع سيطرتهم السياسية والاقتصادية.

ويقول مالينستون "ما حدث هو أن الأكراد كما يبدو ينتهزون كل فرصة ممكنة من أجل المضي في مبيعات ذاتية وتحقيق قدر أكبر من السيطرة، وقد احتلت قواتهم مدينة كركوك التي تضم حقول نفط رئيسية كما أنهم يحاولون السيطرة هناك، وأوضحوا بجلاء أنهم لا يزالون يعتزمون تصدير نفطهم من دون موافقة حكومة بغداد".

Jennifer Collins, Gligamesh and Ammar Al Shamary