لايزال الوضع الأمني في محافظة الأنبار يشوبه الكثير من التوتر والقلق والخوف، خصوصاً بعدما وعدت الحكومة العراقية مرات عديدة بإنهاء الوضع والخلاص من تنظيم «داعش» والفصائل المسلحة، وعودة الأهالي إلى منازلهم لكن دون جدوى.

Ad

تتداول وسائل الإعلام المحلية في العراق معلومات عن قيام الجيش العراقي بنحو أربعين هجوما فاشلا لاقتحام الفلوجة خلال خمسة أشهر من حرب الأنبار مع فصائل مسلحة بينها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، ومجاميع تابعة لعشائر تعارض رئيس الحكومة نوري المالكي.

وتتناقل وسائل الإعلام أنباء مترددة بشأن تحقيق الجيش بعض التقدم هنا وهناك، لكنها تحار في عجزه عن حسم المعركة، رغم مرور فترة طويلة على اندلاع الاشتباكات، وخروج الفلوجة التي لا تبعد عن بغداد سوى نحو 40 كم، عن السيطرة.

وتحدث ضابط عراقي رفيع لـ«الجريدة» شرط عدم كشف هويته، بأسف شديد حول مجريات المعارك.

وقال الضابط: «تأتينا استغاثات من قطعاتنا الى مقر القيادة في بغداد، ونعجز عن اغاثتهم بأي دعم، فالجيش يتآكل ضمن حرب شوارع لم يكن مستعدا لها، والقيادة السياسية تلقت تقارير خاطئة حول ردة فعل الناس في الأنبار»، موضحاً «هناك من قام بتضليل السياسيين، وإقناعهم بأن فض اعتصام الأنبار بالقوة واعتقال منظميه مثل النائب أحمد العلواني، لن يترك رد فعل يذكر، وهنا بدأت التقديرات الخاطئة تشتغل وازداد توريط المؤسسة العسكرية في قتال مع العشائر، دونما قناعة من معظم الضباط الكبار، واستغل تنظيم داعش الفرصة بنحو مأساوي».

ولا يمتلك الضابط تصورا حول سيناريو نهاية الحرب، وقال إن «المسلحين يهجمون ليلا حيث لا غطاء جوي، فطيارونا لا يتقنون تنظيم طلعات ليلية ناجحة، أما في النهار فإن المسلحين يخيفون المروحيات القتالية بمدفع ستريلا الذي حصلوا عليه من مخازن صدام حسين القديمة».

ولا يعتبر الضابط أن حرب الأنبار فرصة لتطوير خبرات الجيش، بل يعتقد أنها كشفت ضعف التدريب، مضيفا بحزن «لقد ذرفنا الدمع على أفواج الطوارئ غير المؤهلة للقتال والتي جرى استدعاؤها بكثافة من محافظات الجنوب فأبيدت في مواجهات غير متكافئة مع مسلحين متدربين على قتال الشوارع الشرس».

ويذكر أن المواجهات كشفت أيضا النقص الرهيب في الانضباط والفساد المالي الذي يتم برضا القيادات السياسية، اذ تصاعدت معدلات هروب الجند من الثكنات رفضا للمشاركة في الحرب، وخسرت بعض الفرق العسكرية نصف عددها من جراء ذلك، بينما «شعر بعض الضباط بالسعادة وظلوا يتسلمون المرتبات الشهرية للجنود الفارين طوال شهور»، دون اعتراض من بغداد التي اعتبرت ذلك «حوافز» للضباط تدفعهم للصمود أمام المسلحين رغم سوء الظروف القتالية، حسب تعبيره.

ويضيف أن «العراق كان يتفاخر بامتلاكه نحو 170 دبابة أميركية من طراز إبراهامز، لكن نحو نصفها تعرض لأضرار كبيرة خلال مواجهات الأنبار، وحين زار فريق تقني أميركي معسكر التاجي شمال بغداد لمعاينة أضرار هذا السلاح الاستراتيجي، قال الخبراء إن معظم الدبابات المعطلة غير قابل للاصلاح والصيانة».

ويستدرك الضابط «على أي حال لم تكن هذه الدبابات سلاحا فاعلا في مواجهة متمردين يتنقلون من دار الى دار، كما أن ضباطنا لم يتقنوا استخدام مدافعها بشكل مناسب، فجيشنا لايزال يفضل السلاح الشرقي الأسهل استعمالا، ويحن الى حقبة الثمانينيات».

وكان مصدر مقرب من أجواء مفاوضات تجري بين بغداد وعشائر الأنبار قال لـ»الجريدة» إن تلك المحادثات منحت القوات العراقية شحنة معنوية لمحاولة اقتحام مدينة الفلوجة، إلا أن كل المفاوضات وما يقال عن «مال سخي» دفعه المالكي لشيوخ العشائر، لا يعني بعد، امكانية طرد تنظيم «داعش» من هناك.

ويقول معارضو المالكي إنه فرط في فرص تهدئة مهمة، وجاء الى طاولة المفاوضات «متأخرا جدا» ولذلك فإن المدنيين والجيش سيظلون يدفعون الثمن أسابيع إضافية، بسبب استمرار القتال، رغم هدوء نسبي في الرمادي المحاذية، مركز محافظة الأنبار.

انفجار بغداد

إلى ذلك، قتل 19 شخصا، وأصيب نحو 34 بجروح في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف حسينية أبو التمن وسط بغداد أمس.

الفتلاوي

على صعيد آخر، وجهت أمس النائبة عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، حنان الفتلاوي المرشحة لمنصب نائب رئيس الحكومة إذا بقي المالكي لولاية ثالثة انتقادا شديد اللهجة الى حكومة إقليم كردستان لتصديرها النفط دون موافقة الحكومة المركزية، عادّة ذلك «خرقا للسيادة وسرقة علنية»، وفي حين انتقدت الكتل السياسية الصامتة عن هذا الخرق، طالبت الحكومة باتخاذ اجراءات رادعة ومنها «ايقاف موازنة الإقليم وكل الوزراء الكرد لحين رجوع حكومة الإقليم عن غطرستها».