تعتبر "أزمة التيكيلا" في المكسيك المثال الأنموذجي لمخاطر "الخطيئة الأصلية". وهي تحمل أيضاً بعض الدروس التحذيرية لأولئك الذين يعتقدون أن أسعار الصرف المعوّمة وعدم الإسراف في الاقتراض الأجنبي للأسواق الناشئة يحمي البلدان من الأزمات الآن.

ففي بداية التسعينيات من القرن الماضي تدفقت الأموال في المكسيك، لكن عندما رفع ألان جرينسبان، رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفدرالي في ذلك الحين، أسعار الفائدة عام 1994 وصل الازدهار إلى نهاية مفاجئة - ووضع الدولار ضغطا على ارتباط البيزو بالعملة الأميركية. ومن ثم فقدت الحكومة موقعها بسبب سنداتها التي عرفت باسم "تيسبونوز" - وهي سندات بالبيزو مرتبطة بمؤشر الدولار لطمأنة المستثمرين القلقين الذين يخشون من تخفيض قيمة العملة. وعندما انهار البيزو لم تتمكن الدولة من دفع سندات تيسبونوز وكان لا بد من إنقاذها من قبل الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.

Ad

اليوم تحسنت أوضاع المالية في المكسيك. ونحو 80 في المئة من سنداتها مقومة الآن بالبيزو، وتعوّمت العملة وأصبحت احتياطيات البنك المركزي قريبة من 180 مليار دولار. وتم التخلص من الخطيئة الأصلية تقريباً وأصبحت البلاد مفضلة للمستثمرين بشكل كبير.

لكن أزمة التيكيلا تحمل درساً حيوياً آخر لصنّاع السياسة والمستثمرين الذين شعروا بالارتياح من الانخفاض البارز في الخطيئة الأصلية: وهو أن هناك غالباً جانب ضعف غير معروف يظهر فقط عند اندلاع إحدى الأزمات.

وتفاقم انهيار المكسيك عام 1994 بسبب حقيقة أن البنوك المحلية التي تم تخصيصها قبل ذلك بعهد قريب، دخلت بهدوء في تعاملات ضخمة في سندات تيسبونوز. وبالتالي دخل انخفاض قيمة العملة إلى القطاع المصرفي المحلي بالكامل، بدلاً من إيذاء البنوك الأميركية فقط، ما تسبب في ردود فعل اهتزازية في جميع أنحاء أميركا اللاتينية.

لم تكن المكسيك تبدو عرضة للضعف قبل أن تضرب الأزمة. فعلى الرغم من أن عجز الحساب الجاري في ذلك الحين كان واسعاً وكان التضخم مرتفعاً، فإن الميزانية لم تكن في حالة مريعة وكان النمو في 1994 هو الأسرع منذ أربع سنوات. ويقول جويليرمو كالفو، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا: "كانت المكسيك الصورة المشرقة لأميركا اللاتينية. لكن حين انفجرت فقاعات السيولة، كشفت عن مواطن ضعف لا نستطيع أن نراها الآن".

(فايننشال تايمز)