«ما هو وزنك؟»! لم تكفّ الفتيات عن طرح هذا السؤال على ابنة ماري آن ماكنيش الطويلة والقوية البنية في مدرسة سانت تيريز الشمالية في مدينة كانساس، ميسوري. فكانت تجيب: «لا، شكراً». لم تكن تعلم كيفية التعامل مع هذا الاهتمام المفاجئ بوزنها. بدأ الجميع يقارنون بين أوزانهم فجأةً. وسخر صبيّان من صبي سمين آخر.لا عجب أن ثقافة المقارنة بدأت تقضي على احترامنا لنفسنا! سألتُ تلك الفتاة التي كانت في الصف الرابع عن شعورها إذا اضطرت إلى الصعود على الميزان أمام رفاقها في الصف. فأجابت: {سأشعر بالسوء. قلت لهم ألا ينظروا لكني أشعر بأن أحداً نظر إلي. كان الحاضرون يتحدثون عن أنفسهم مع الآخرين ويسألون عن أوزانهم. شعرت بالتوتر}.مهما حاول الأهل أن يزرعوا الثقة في أولادهم ويعكسوا صورة إيجابية عن الجسم، هم يواجهون تحديات كثيرة. يظهر المراهقون على موقع يوتيوب للترويج لحميات غذائية غريبة ويعرضون فيديوهات بعنوان {أنا قبيح} ويقومون بتنزيل تطبيقات تعزز تلك النظرة السلبية عن ذواتهم.أما النزعة الأخيرة، فقد عززها الهوس بالمشاهير: إنها الفجوة بين الفخذين. تتلقى عارضات الأزياء النحيلات من أمثال كارا ديليفين إشادة واسعة بسبب المسافة بين ساقيها، وقد أنشأ معجبوها حساباً لها على موقع تويتر لهذا السبب. يتداول المراهقون على الإنترنت نصائح لتخفيف الوزن والحصول على الشكل المثالي. في المقابل، صُنّفت روبين لولي في خانة العارضات السمينات كونها ممتلئة أكثر من الأخريات لأن المسافة بين فخذيها لا تُقارن بغيرها.معركة متواصلةهل تعلمون أن أكثر من نصف المراهقات وحوالى ثلث المراهقين يخجلون من وزنهم؟ وفق {الجمعية الوطنية لفقدان الشهية العصبي والاضطرابات ذات الصلة} في الولايات المتحدة، هم يفوّتون وجبات الطعام أو يمتنعون عن الأكل ويأخذون مليّنات المعدة ويقومون بأمور أخرى لفقدان الوزن.تقول ماري آن: {بصفتي أم، أحاول إقناع الأولاد بأن الناس يولَدون بأشكال وأحجام وألوان مختلفة وأن كل شخص يختلف عن الآخر. إنها معركة متواصلة لكني أحاول أن أكون قدوة لهم وأقنعهم بأن داخل الشخص هو المهم وليس الصور المفبركة أو شكل العارضات في المجلات. هذا واجبي كأم. لكن كان يجب التعامل بطريقة مختلفة مع ما حصل في المدرسة. الرشاقة تتعلق بعادات الأكل الصحي وأسلوب الحياة والنشاط الدائم. فهي لا تقتصر على رقم يظهر على الميزان}.علمت أنها ستواجه هذا النوع من المشاكل حين تكبر ابنتها. لكنّ ما حصل في صف الرياضة كان غير متوقع. تقول ماري آن: {يريد الأولاد دوماً أن يكبروا وهم يتحمسون لمعرفة وزنهم ويريدون أن تطول قامتهم وتزداد قوتهم. لكنها المرة الأولى التي تركز فيها ابنتي على وزنها، وقد كانت التجربة مبنية على المقارنة والسلبية. لقد زرعوا في رأسها أفكاراً جديدة كنت أحاول تجنبها}.تقول كارول لينز، مديرة مدرسة سانت تيريز الشمالية، إن سياسة المدرسة لا تقضي بقياس وزن الأولاد أمام التلامذة الآخرين: {يدرك أساتذة التربية البدنية أهمية نشر صورة إيجابية عن الجسم وهم يساعدون الطلاب على تعلم عادات العيش الصحية التي تشمل ممارسة الرياضة وتناول المأكولات الصحية}.تضيف لينز أن ما حصل حدث لمرة واحدة فقط. كان أستاذ الرياضة يحاول تسجيل مؤشر كتلة الجسم عند التلاميذ لتدوينه ضمن {برنامج رشاقة الشباب}، لكن لن يحصل ذلك علناً في المرة المقبلة.أنا أدعم الرشاقة والصحة لكني أتساءل أحياناً: هل نبالغ في التركيز على صورة الجسم؟الخط الفاصل بين تعليم العادات الصحية والتركيز المفرط على محيط الخصر وعدد التمارين التي يمكن القيام بها رفيع جداً. هل تتذكرون {اختبار الرشاقة الجسدية} الذي نستعمله لتعذيب الأولاد الذين لا يستطيعون الركض بسرعة كافية أو التسلق على علو كاف أو القيام بحركة الدفع نحو الأعلى؟ خلال هذه السنة الدراسية، استُبدلت تلك الطريقة بهدف إبداء الصحة على الأداء.في السنة الماضية قال بول روترت، مسؤول تنفيذي بارز في {التحالف الأميركي للصحة والتربية البدنية والترفيه والرقص}: {للحفاظ على صورة إيجابية للرشاقة، لن تُستعمل درجة الرشاقة الفردية للأولاد كمعيار لوضع العلامات في حصة التربية البدنية وسيبقى الموضوع سرياً بين الأستاذ والتلميذ والأهل}.ما حدث في مدرسة سانت تيريز الشمالية لم يكن صائباً. أفهم ذلك. لكن يجب أن نفكر ملياً بطريقة تعاملنا مع مفهوم الرشاقة والأولاد. يبدو أننا نغرقهم ونغرق أنفسنا بصور غير واقعية ورسائل مغلوطة عن الجمال وتقدير الذات استناداً إلى الميزان والمرآة. المظهر الصحي يختلف من شخص إلى آخر. ولا يمكن قياس الجمال طبعاً بعدد الكيلوغرامات.
توابل
هوس الرشاقة يجتاح الطفولة
11-01-2014