لسنا بالمدينة الفاضلة بكل تأكيد ولن نقول انظروا إلى إمارات الحاضر وقطر المستقبل، فالكويت فيها من العقول والخير ما يجعلها أفضل مما هي عليه أضعاف المرات، ولكن ما ينقصها هو المبادرة وتطبيق القانون الذي فقد الكثير من هيبته أمام حجم الفساد، وكم الفضائح المستترة الضمير.

Ad

المشاركة في الصوت الواحد لا تعني إطلاقا الموافقة على مخرجات المجلس ولا مباركة لأداء السلطة التنفيذية والتشريعية الذي لم يرتقِ إلى المطلوب، مع الأخذ في الاعتبار أن المشاركة لم تكن رغبة في الصوت الواحد لذاته، ولكن لأن بعض من تصدّر مشهد المعارضة لم يكن سوى بوق إقصائي رفع راية لا تستقيم معها مسلمات الديمقراطية، ومع ذلك لم تستفد الحكومة من مخرجات المجلس الحالي بالشكل المطلوب وما صاحبه من هدوء نسبي.  

على الطرف الآخر لم تنتظر المعارضة  كثيراً كي تقدم رؤاها الإصلاحية من خلال تقديمها مسودة دستور جديد رغم علمها باستحالة تطبيقه من الناحية الدستورية، لكنها محاولة قد تجذب المواطن الذي يتطلع إلى الإنجاز، وأن ما هو موجود يعتبر وسيلة ضغط وطوق نجاة للوضع الحالي المتردي.

تعديل الدستور يحتاج إلى فتح الحوار وثقة متبادلة من جميع الأطراف كي يتطور إلى مشروع وطني يتوافق عليه كل أطياف الشعب كمرحلة أولى، ومن ثم تبنيها من داخل مجلس الأمة، والذي لن يتحقق في هكذا أجواء من التخوين، فلكل فعل هناك ردة معاكسة.

حجة الوقت المناسب هي بذاتها ستظهر من النافذة كل مرة؛ لذا ستستمر الحال على ما هي عليه، ولن يتم المساس بالدستور إلا من خلال حسن النوايا وإدراك الجميع أهمية مواكبة المستجدات، ومن هنا أرى أن أي مبادرة لا تشترك فيها الحكومة ميتة من الناحية العملية؛ لذا فتح الحوار والثقة من مسؤوليتها كونها من يملك المباركة النهائية لهذا الاستحقاق.    

لسنا بالمدينة الفاضلة بكل تأكيد ولن نقول انظروا إلى إمارات الحاضر وقطر المستقبل، فالكويت فيها من العقول والخير ما يجعلها أفضل مما هي عليه أضعاف المرات، ولكن ما ينقصها هو المبادرة وتطبيق القانون الذي فقد الكثير من هيبته أمام حجم الفساد، وكم الفضائح المستترة الضمير.

تتوالى الفضائح والجاني لا يجرؤ أحد على ذكره، وكأننا في مدينة أشباح، ومن يجرؤ على ذكر الحيثيات يبلع لسانه أمام كشف أسماء رموز الفساد والقضية كأنها تنظير في تنظير أما باب الحقيقة فمغلق.

كل يوم يطلع لنا أحد الأبطال يذكر لنا أرقاماً مهولة يجعلنا نلف حول أنفسنا نخمن ونضرب أخماساً بأسداس، فلا هو كشف "المتعوس ولا خايب الرجا" ولا ذهب إلى ما هو أقل من ذلك بتقديم ما لديه من "بلاوي" إلى النائب العام.

نعم ندرك أن هناك ثراء غير مشروع للبعض، وقد تحصّل عليه بغير وجه حق، ومن قوت الشعب، والسبيل الوحيد لوقف هذا النزيف يكمن في الالتفات إلى مشروع قانون يعطي الصلاحيات الكاملة للنائب العام بمساءلة أي كان، وذلك من خلال إلزام من تدور حوله الشبهات بكشف ذمته المالية، فهي أس الحقيقة، وسؤال من أين لك هذا؟ هو عنوان الإصلاح ووقف الفساد.

ودمتم سالمين.