تحركات جديدة تقوم بها مؤسسات حكومية على مستوى استثماراتها وإعادة هيكلة الأوضاع من جديد، بعد تقييم شامل لاستثماراتها، كما تخلت عن مساعدة الشركات المتعثرة، في وقت كلفت «هيئة الاستثمار» شركات استثمارية ذات أداء إيجابي بإدارة جزء من «المحفظة الوطنية».

Ad

تراجعت المساهمات الحكومية في 45 شركة مدرجة (تتجاوز نسبتها 5 في المئة)، من 6.1 مليارات دينار في بداية عام 2008 إلى 4 مليارات في أغسطس الماضي، أي بانخفاض نسبته 34 في المئة، كما تراجعت استثمارات المحفظة الوطنية التي أقرتها الحكومة.

وكشفت مصادر مسؤولة لـ"الجريدة" أن جهات حكومية أبلغت ديوان المحاسبة حول خطواتها على اثر تراجع بعض استثماراتها، وتعرضها لخسائر دفترية، إضافة إلى تأثر جزء منها وتكبدها نوعا من الخسائر أنها قامت بتحويل جزء من أصول المحافظ الاستثمارية لها إلى مديرين آخرين، وفي الإطار ذاته، ستحدد "هيئة الاستثمار" خلال الأيام القادمة شركتين أو ثلاثا لإدارة "الدفعة الثانية" من "المحفظة الوطنية".

وقالت ان الجهات الحكومية طلبت من بعض شركات الاستثمار المديرة للأصول معلومات حول مراكزها المالية وحجم الأصول التي تديرها من خلال تقارير وافية، من أجل تعيين مديرين جدد، مشيرة الى أن 80 في المئة من حجم الأصول المدارة تقتصر على 6 شركات مدرجة في السوق، ويجري تقييم شركات منها.

ولفتت الى أن هناك شركات لادارة الأصول غير مدرجة حققت أرباحا جيدة على كافة مؤشرات الأسواق التي تستثمر فيها، وطلبت ادارة جزء من أموال المحفظة الوطنية، ولكن ذلك قوبل بالرفض، نظرا لطلبها تكاليف ادارية عالية.

وأوضحت المصادر أنه بعد تغيير خارطة شركات الاستثمار وتعرض بعضها لهزات عنيفة، مما أثر على أداء تلك الشركات وانخراطها في حل مشاكلها ودخولها في مرحلة التعثر، اتجهت المؤسسات الحكومية إلى سحب جزء من محافظ تديرها شركات، وتعدى الأمر في بعضها إلى سحب محافظ بالكامل من شركات فشلت إدارة الأصول فيها ونقلها إلى شركات أخرى لإداراتها.

خطط إنقاذ

وأضافت أنه بالرغم من أن قرار استثمار المؤسسات الحكومية في هذه الشركات جاء بعد دراسة كافة الفرص المتاحة، وأن الاستثمار في نموذج هذه الشركات من المفترض أن يحقق أفضل النتائج للمال العام، اتخذت هذه المؤسسات قرارا بعدم الدخول في أي زيادة في رؤوس أموال شركات الاستثمار أو حتى المساهمة في أي اكتتابات جديدة.

وأشارت إلى أن الأزمة المالية كشفت عن مشكلات كبيرة في نماذج عمل هذه الشركات، فسرعان ما أعلنت عن مشكلات كبيرة في قوامها المالي، وأنها بحاجة إلى خطط مكوكية لإعادة هيكلتها من جديد، وقد فشلت محاولات عديدة لهذه الشركات لإقناع الجهات الحكومية بمساعدتها أو تقديم أي حلول لها، بل ان بعض هذه المؤسسات الحكومية تخلى عن مساهماته في بعض الشركات المتعثرة، وتجاوز الأمر إلى اختفاء ملكيته من بين قائمة كبار ملاك هذه الشركات.

مقترحات مرفوضة

وانتقد ديوان المحاسبة الشفافية والإفصاح حول تأثر استثمارات الجهات الحكومية بالأزمات التي مرت عليها، درءا للشبهات، بالإضافة إلى طريقة دعمها لاستثماراتها بعدما تعرضت بعض الشركات التي تساهم فيها إلى الخسائر، وعدم تحيق أي عوائد للمال العام خلال الفترة الماضية، خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية والتداعيات التي ظهرت على الشركات التي تساهم فيها الجهات الحكومية.

وعلى أثر ذلك نفضت مؤسسات الحكومية مثل التأمينات الأجتماعية وهيئة الاستثمار يدها من مساعدة أي من الشركات المتعثرة فهناك شركات عرضت على الهيئة العامة للاستثمار المساهمة في صناديق تضم أصولها مقابل حصص عينية لها في رأسمال الصندوق، على أن تدخل الهيئة بالرأسمال النقدي إلا أن هذه المقترحات قوبلت بالرفض خوفا من الانتقادات التي ستواجهها تلك المؤسسات من مجلس الأمة، الذي ركز بشكل كبير على تحركات المؤسسات الحكومية في الشركات التي تساهم فيها.

خسائر تجاوزت 30%

وأشارت المصادر إلى أن ديوان المحاسبة رصد خسائر في الصناديق الاستثمارية التي تساهم فيها المؤسسات الحكومية، نظرا لتراجع أسعار هذه الاستثمارات عن كلفتها الشرائية، حيث وصلت خسائر بعض الصناديق إلى ما يتجاوز 30 في المئة من قيمة المساهمات على أثر انخفاض أسعار هذه الأسهم عن قيمتها الدفترية وانجراف أسعارها بفعل الهزات التي تعرضت إليها البورصة سواء لعوامل خارجية أو داخلية، إضافة إلى تعرض بعض الشركات التي تساهم فيها المؤسسات الحكومية بملكيات استراتيجية إلى هزات عنيفة.

وحسب ما أفادت به المصادر فان ديوان المحاسبة انتقد عدم التنسيق بين الجهات الحكومية واستثماراتها في بعض الشركات المدرجة، إضافة إلى عدم وجود جهات تقيم محايدة لتقييم هذه الاستثمارات، وخضوعها لتقدير ورؤية مديري هذه الصناديق.

وطلب ديوان المحاسبة من المؤسسات الحكومية تقريرا وافيا حول أداء استثماراتها في الشركات المدرجة وبعض الشركات غير المدرجة للتدقيق في جدوى هذه الاستثمارات، والفصل في تحقيقها عوائد للمال العام، مع الأخذ في الأرباح القيمة الدفترية لهذه الاستثمارات والتوزيعات التي استفادت منها تلك الجهات خلال الفترة الماضية.

«المحفظة الوطنية»

وفي سياق متصل، علمت "الجريدة" أن من المتوقع أن تكلف "هيئة الاستثمار" خلال الأيام القادمة، شركتين أو ثلاثا، من الشركات الاستثمارية الكويتية المعروفة بأدائها الإيجابي لإدارة أصول الغير، وذلك لإدارة جزء من رأسمال المحفظة الوطنية لم تحدد قيمته حتى الآن كدفعة ثانية منها، حيث تشير بعض المصادر إلى انها تبلغ 300 مليون دينار، والاستفادة من الفرص المتاحة في السوق في الوقت الحالي.

وسبق لـ"هيئة الاستثمار" أن قامت بمخاطبة شركتي مشاريع الكويت لإدارة الاصول الاستثمارية (كامكو) وشركة الاستثمارات الوطنية بشأن الدفعة الثانية لرأسمال المحفظة الوطنية المليارية، وأرسلت كتاباً تستفسر فيه عن بعض التفاصيل الخاصة بإدارتي أصول هاتين الشركتين للوقوف – ربما- على جاهزيتهم في حال إسناد المهمة، كما أرسلت كتاباً إلى العديد من الشركات الاستثمارية المحلية تستفسر فيه عن بعض البيانات المالية الخاصة بها، من أجل تولي مهمة إدارة الدفعة الثانية من "المحفظة المليارية"، وقامت الشركات بالرد على تلك الاستفسارات في حينها.

وكانت استفسارات "هيئة الاستثمار" مرتكزة على بعض المعلومات الفنية المتعلقة بإدارة الأصول ونتائج الشركات في هذا المجال وأدائها بشكل عام، مشيرةً إلى أنها تدرس ميزانية الشركات وأدائها المالي وتفاصيل مالية أخرى قبل تحديد الطرف – أو الأطراف – التي ستقوم بإسناد مهمة إدارة الأموال إليها.

وسبق أن أشارت "الجريدة" إلى أن هناك توجهاً من اللجنة لاستبعاد الشركات الاستثمارية التي تعمل وفق الشريعة الإسلامية، وبررت المصادر ذلك بوجود تجارب سابقة مع بعضها ولم تكن وفق المستوى المطلوب الذي حددتها لها، مشيرةً إلى أن اللجنة قامت بوضع معايير معينة لن يكون بمقدور الشركات الاستثمارية الاسلامية تحقيقها.

وكان العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار بدر السعد أكد في وقت سابق أن "الهيئة" لا تنوي التخارج من السوق الكويتي، وأنها مستمرة من خلال استثمارات المحفظة الوطنية.