أكد ديوان المحاسبة، في دراسة قانونية أعدها عن مكافأة المشاركة في النجاح، التي تقدم للعاملين في شركات القطاع النفطي، أن قرار مؤسسة البترول الكويتية بهذا الشأن يعد خروجاً عن الاختصاص لها قانونا بموجب مرسوم انشائها.

وأوضحت الدراسة ان «الاختصاص بإصدار واعتماد اللوائح الداخلية ينعقد للمجلس الأعلى للبترول، بينما يقتصر دور مجلس الإدارة في هذا المجال على الاقتراح فقط».

Ad

ولفتت الى أن قيام مجلس إدارة المؤسسة بإقرار مكافأة المشاركة في النجاح دون عرضها على مجلس الخدمة المدنية فيه مخالفة لما ورد بشأن مفهوم نظم المرتبات حسب القرارات والتعاميم.

وذكرت ان القرار صادر من غير صاحب الاختصاص، وأن القانون يتطلب عرضه على المجلس الأعلى للبترول لاعتماده، وعلى مجلس الخدمة المدنية لإدخاله في مفهوم المرتب وفق المادة «38».

وفي ما يلي نص الرأي القانوني لديوان المحاسبة بشأن مكافأة المشاركة في النجاح:

المبحث الأول: مفهوم الاختصاص كأحد أركان القرار الإداري وتطبيقه على مدى اختصاص مجلس إدارة المؤسسة بإصدار قرار منح مكافأة المشاركة في النجاح:

استقر الفقه والقضاء على أن القرار الإداري هو "إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكنا وجائزا قانونا، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة".

ولسلامة هذا القرار يلزم توافر خمسة أركان هي: الاختصاص والشكل، والغاية، والسبب، والمحل، واختلال أي منها يؤثر على مشروعية القرار وقد يؤدي إلى بطلانه. فيتعين على جهة الإدارة أن تلتزم وتتقيد بحدود الاختصاصات الممنوحة لها وفق القواعد والقوانين المنظمة عند مباشرتها لأعمالها الإدارية، وأن يصدر القرار الإداري من الجهة التي حددها المشرع.

لوائح داخلية

وحيث إن المادة "14" من مرسوم بالقانون رقم "6" لسنة 1980 بإنشاء مؤسسة البترول الكويتية في الفقرة "ز" نصت على أنه "لمجلس الإدارة السلطات اللازمة لإدارة المؤسسة، وله على الأخص: اقتراح مشروعات اللوائح الداخلية للمؤسسة".

كما نصت المادة "16" من المرسوم ذاته على أن:

"يتولى المجلس الأعلى للبترول:

3- إقرار اللوائح الإدارية والمالية للمؤسسة.

4- وضع نظام الموظفين والعاملين في المؤسسة دون اخلال بأحكام المادتين "5" و"38" من القانون "15" لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية".

تبين من ذلك أن المشرع حدد آلية إصدار اللوائح والأنظمة في مؤسسة البترول الكويتية، إذ إن السلطة المختصة بإقرار اللوائح المالية والإدارية للمؤسسة ووضع نظام للموظفين هي المجلس الأعلى للبترول، بعد اقتراح مجلس إدارة المؤسسة مع مراعاة القوانين ذات الصلة.

وعليه فإن الاختصاص بإصدار واعتماد اللوائح الداخلية ينعقد للمجلس الأعلى للبترول، بينما يقتصر دور مجلس الإدارة في هذا المجال على الاقتراح فقط، إذ إن المشرع حدد للقرار الإداري أركانه، كما حدد لكل جهة -وفق النص المشار إليه- اختصاصاتها، ويتعين عند مباشرة هذه الاختصاصات التقيد في حدود ونطاق الموضوعات التي حددها المشرع تلافيا للعيوب التي قد تشوب القرار الإداري.

الأمر الذي يفيد بأن قيام مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية بإصدار قرار يضمن بموجبه منح مكافأة المشاركة في النجاح يعد خروجا على الاختصاص الممنوح له قانونا بموجب مرسوم بقانون إنشاء المؤسسة.

نظام المرتبات

المبحث الثاني: مفهوم نظام المرتبات وفق المادة "38" من مرسوم بالقانون 15/1979 بشأن الخدمة المدنية:

نصت المادة "16" من مرسوم بالقانون رقم "6" لسنة 1980 بإنشاء مؤسسة البترول الكويتية على أن:

"يتولى المجلس الأعلى للبترول:

3- إقرار اللوائح الإدارية والمالية للمؤسسة.

4- وضع نظام الموظفين والعاملين في المؤسسة دون اخلال بأحكام المادتين "5" و"38" من القانون "15" لسنة 1979 المشار إليه".

كما أن المادة "38" من المرسوم بالقانون رقم "15" لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية تقضي بعرض نظم المرتبات المعمول بها في الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها أو تعديلها حسب الأحوال، ولا يجوز بعد ذلك إجراء أي تعديل على هذه النظم إلا بموافقة مجلس الخدمة المدنية.

لما كانت المؤسسة قد وضعت نظاماً للمكافأة لم يكن منصوصاً عليه في اللوائح الإدارية ونظام العاملين المعتمد سابقاً من الجهات المعنية، فإنه يلزم إصداره من السلطة المختصة قانونا، كما يجب عرضه على الجهات المعنية للنظر في إقراره أو تعديله تطبيقا لنص المواد المشار إليها.

وقد أرسل ديوان الموظفين في 13/2/1990 كتاباً إلى إدارة الفتوى والتشريع بشأن إبداء الرأي حول بيان المقصود بنظم المرتبات التي يجب عرضها على مجلس الخدمة المدنية إعمالاً لحكم المادة "38" من المرسوم بالقانون رقم "15" لسنة 1979 بشأن الخدمة المدنية، وهل تقتصر على جداول المرتبات أو تشمل جداول المرتبات والبدلات والعلاوات الإضافية وأي مزايا مادية أو عينية، أم انها تعني هذه المفردات جميعا إضافة إلى القواعد والأحكام المنظمة لها كقواعد التعيين والترقية ومنح البدلات والعلاوات، وكان رد إدارة الفتوى والتشريع بأنها عرضت الموضوع على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري بها في جلستها المنعقدة بتاريخ 17/2/1990 وانتهى الرأي إلى ما يلي:

"ان اختصاص مجلس الخدمة المدنية بإقرار وتعديل نظم المرتبات يشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية والبدلات وأي مزايا مادية أو عينية أخرى تتقرر لموظف، وأن مباشرة هذا الاختصاص يوجب على الهيئة أو المؤسسة العامة أو الشركة حسب الأحوال أن تعرض على المجلس النظام الوظيفي الخاص بها.

لذا يجب الالتزام بذلك تماشيا مع ما نصت عليه مكاتبات ديوان الموظفين الموجهة لبعض الجهات المستقلة، حيث نصت على أنه تبين ما يلي:

"قام ديوان الموظفين ببحث مدلول أو ماهية نظم المرتبات التي توجب المادة "38" المبينة أعلاه عرضها على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها أو تعديلها حسب الأحوال، والتي يتعين على الهيئات والمؤسسات العامة عدم الإخلال بها، واستطلع الديوان رأي إدارة الفتوى والتشريع آنذاك بهذا الشأن، حيث اتفق رأيها مع رأي الديوان في أن "نظم المرتبات" في تطبيق هذه المادة "38" المبينة أعلاه تشمل جداول المرتبات والبدلات والعلاوات الإضافية وأي مزايا مادية أو عينية، وكذلك القواعد والأحكام المنظمة لها جميعا.

ولدى عرض الموضوع على مجلس الخدمة المدنية بجلسته رقم 2/90 المنعقدة بتاريخ 17/4/1990، قرر المجلس ما يلي: "إن اختصاص مجلس الخدمة المدنية في إقرار أو تعديل نظم المرتبات وفقا لنص المادة (38) من قانون الخدمة المدنية يشمل المرتبات الأساسية والعلاوات الدورية والأجور الإضافية، وأي مزايا مادية أو عينية أخرى تتقرر للموظف، وأن مباشرة هذا الاختصاص يوجب على الهيئة أو المؤسسة العامة حسب الأحوال أن تعرض على المجلس النظام الوظيفي الخاص بها".

نظام وظيفي

وعلى أثر ذلك طلب ديوان الموظفين آنذاك موافاته بالنظام الوظيفي الخاص المعمول به لديهم وفقا لآخر تعديل طرأ عليه، والقرارات التنظيمية الصادرة استنادا له، وتتضمن تقرير مزايا مالية أو عينية لكل الموظفين أو لفئات معينة منهم، كما طلب أيضا جدول المرتبات المعمول به لديهم وما يتضمنه من بدلات أو علاوات إضافية أو مكافآت تشجيعية في حالة لم يكن أي منها قد أقر من مجلس الخدمة المدنية، لعرضها على مجلس الخدمة المدنية لتقرير ما يراه مناسبا بشأنها.

كما ان ديوان المحاسبة تبنى ذات الرأي في تعميم رقم (1) لسنة 1992 الصادر في 11/1/1992 بشأن عرض نظم المرتبات على مجلس الخدمة المدنية للنظر في إقرارها أو تعديلها، حيث نبه بموجبه على أنه يتعين على الهيئات والمؤسسات العامة والشركات المملوكة للدولة ملكية كاملة أن تعرض على مجلس الخدمة المدنية النظام الوظيفي الخاص المعمول به لديها وفقا لآخر تعديل طرأ عليه والقرارات التنظيمية الصادرة استنادا لهذا النظام إذا تضمنت تقرير مزايا مالية أو عينية لكل الموظفين أو لفئات معينة منهم، وقد نص التعميم على أن ذلك لإسباغ الصفة الشرعية والاستقرار القانوني على نظم المرتبات المعمول بها لديكم (الجهات المستقلة) وحتى لا يكون تنفيذها قد تم على أساس غير قانوني مما يستلزم معه وقفها واسترداد ما تم صرفه دون سند قانوني".

وتجدر الإشارة إلى أن إدارة الفتوى والتشريع قد أصدرت في 16/12/2010 رأيا قانونيا بناء على استفتاء مؤسسة البترول الكويتية لها مختلفا عن الرأي السابق المشار إليه، إذ انتهت فيه إلى أن "اختصاص مجلس الخدمة المدنية في إقرار وتعديل نظم المرتبات لا يشمل المكافآت التشجيعية المكافآت الخاصة مقابل الأعمال المميزة والجهود الإضافية وأن المؤسسة غير ملزمة بالعرض على مجلس الخدمة المدنية، سواء في ما يخص المكافآت التشجيعية، المكافآت الخاصة مقابل الأعمال الميزة والجهود الإضافية، وكذلك القرار الصادر بتوحيد تذاكر السفر لكل العاملين الذكر والانثى".

الأمر الذي يفيد بأن قيام مجلس إدارة المؤسسة بإقرار مكافأة المشاركة في النجاح دون عرضها على مجلس الخدمة المدنية فيه مخالفة لما ورد بشأن مفهوم نظم المرتبات حسب القرارات والتعاميم المشار إليها.

سلامة التفويض

المبحث الثالث: مدى سلامة التفويض المنصوص عليه في المادة الثانية من قرار مجلس الإدارة (1) لسنة 2011 من الناحية القانونية:

صدر قرار مجلس إدارة المؤسسة رقم (1) لسنة 2011 المؤرخ 6/1/2011 الصادر بشأن تعديل أسس ومعايير وضوابط صرف مكافأة المشاركة في النجاح للعاملين والقياديين في مؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة، ونصت المادة الثانية منه على "تفويض رئيس مجلس الإدارة أو نائب الرئيس وضع شروط استحقاق مكافأة المشاركة في النجاح".

ولما كان حق مجلس الإدارة بشأن اللوائح الداخلية مقتصرا على الاقتراح، إذ لا يأخذ النظام شكله النهائي إلا باعتماد مجلس الإدارة، حيث نص حكم المحكمة الإدارية العليا على أنه "ليس يكفي لتوفر صفة النهائية للقرار الإداري أن يكون صادرا من صاحب اختصاص بإصداره، بل ينبغي أن يقصد مصدره الذي يملك إصداره تحقيق أثره القانوني فورا ومباشرة بمجرد صدوره، وألا تكون ثمة سلطة إدارية للتعقيب عليه، وإلا كان بمثابة اقتراح أو ابداء رأي لا يترتب عليه الأثر القانوني كقرار إداري" (المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 234 جلسة 20/11/1966- من قضاء الدولة المصري)، فيلزم أن يكون التفويض من صاحب الاختصاص الأصيل بإصدار القرار.

حيث إن المقصود في التفويض في الاختصاص أن يعهد صاحب الاختصاص الأصيل بجزء من اختصاصاته سواء في مسألة معينة أو نوع معين من المسائل إلى شخص آخر، والتفويض الجائز وفقا للقواعد العامة إنما ينصرف إلى الاختصاصات الأصيلة التي يستمدها المفوض من القوانين.

وقد نظم المشرع الكويتي التفويض في المرسوم بقانون رقم "116" لسنة 1992 بشأن التنظيم الإداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها، وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة "11" منه على أنه "ولا يسري هذا التفويض على توقيع القرارات أو الوثائق التي يتطلب الأمر عرضها على جهات أعلى".

الأمر الذي يفيد معه أن التفويض المذكور في القرار المشار إليه قد خالف القانون من ناحيتين: الأولى: انه صادر من غير صاحب الاختصاص، الثانية: أن القانون يتطلب عرض القرار المشار إليه على المجلس الأعلى للبترول لاعتماده وعلى مجلس الخدمة المدنية لدخوله في مفهوم المرتب وفق المادة "38" كما سبق بيانه.

النتائج: مكافأة بقرار الإدارة!

- صدر قرار منح مكافأة المشاركة في النجاح من مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية رغم عدم اختصاصه قانونا، ودون الحصول على موافقة مجلس الخدمة المدنية رغم أن البند الرابع من القرار رقم (15/2003) نص على "رفع التعديلات على النظم الحالية بصورتها النهائية للمجلس الأعلى للبترول، ومن ثم مجلس الخدمة المدنية لأخذ الموافقات اللازمة".

- قرار مجلس الإدارة رقم (1) لسنة 2011، الذي فوض بموجبه رئيس مجلس الإدارة وضع شروط استحقاق مكافأة المشاركة في النجاح، فيه تجاوز للاختصاص، حيث لا يملك مجلس الإدارة إلا الاقتراح لا الإقرار، كما أن القانون يتطلب عرض مثل هذه القرارات على جهات محددة قانونا للاعتماد.

- إن مكافأة المشاركة في النجاح تصرف لمؤسسة البترول الكويتية وشركاتها التابعة، حتى وإن كانت إحدى هذه الشركات حققت خسائر فعلية في نهاية السنة المالية، مخالفة للمبدأ الذي وضعت من أجله المكافأة، وهو تحفيز الموظفين لبذل مزيد من الجهد للوصول إلى الأهداف المرجوة، وعلى سبيل المثال، فإن شركة الناقلات الكويتية في السنة المالية 2010-2011 حققت خسائر تبلغ نحو 22 مليون دينار، ورغم ذلك تم صرف مكافأة المشاركة في النجاح للعاملين فيها.

- عدم قيام المؤسسة بمقارنة الأرباح الفعلية لكل شركة تابعة بموازنتها التقديرية، لتحديد نسب صرف المكافأة، بل تتم مقارنة الأرباح الفعلية المجمعة للمؤسسة وشركاتها التابعة بموازنتها التقديرية المجمعة.

التوصيات: مراعاة التفويض وإعادة النظر

- ضرورة صدور القرار من الجهة المختصة، ووجوب الحصول على موافقة مجلس الخدمة المدنية التي يتطلبها القانون، تلافيا للآثار المترتبة على مخالفة ذلك.

- وجوب مراعاة أحكام التفويض المنظمة قانونا بالمرسوم رقم (116) لسنة 1992.

- توجيه المكافأة للأهداف التي أنشئت من أجلها، وهو تحفيز الشركات والعاملين بها على بذل مزيد من الجهد لتحقيق الأهداف المخطط لها.

- إيجاد طريقة في الثبات على منهجية واحدة في طريقة احتساب المكافأة وأسس الصرف لها.

- إعادة النظر في عدالة توزيع نسب الصرف لكل شركة من الشركات التابعة للمؤسسة، وبما يتناسب مع النتائج المالية المحققة منها.