يؤذن دخول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، بنشاط السياح الكويتيين في البحث عن وجهات سفرهم، لاسيما في ظل عدم توافر المقومات السياحية الجاذبة في البلاد، مؤثرين هذا العام الابتعاد عن أغلب الوجهات العربية لما تشهده دولها من توترات وعدم استقرار سياسي.

Ad

مع دخول فصل الصيف، وانتهاء العام الدراسي بدأت طلائع موسم الهجرة الكويتية تتجه إلى شتى المناطق السياحية في أنحاء العالم.

وإذا كان تزامن شهر رمضان مع بداية الصيف حمل عائلات كثيرة على إعادة جدولة مواعيدها السياحية، فإن قسما لا بأس به من المواطنين عقد العزم على الاستفادة من الصيف كله وتمضيته خارج البلاد، وهو ما تظهره معدلات الحجز لدى مكاتب وشركات السفر التي تظهر توزعا كبيرا في خريطة مناطق السياحة هذا العام.

وفي هذا السياق، أكد عدد ممن التقتهم "الجريدة" أن السياحة العربية في السابق كانت تشكل 50% من وجهات السياح الكويتيين، إلا أن عدم الاستقرار السياسي وحالات التوتر التي تشهدها دول المصايف العربية دعت إلى عدول السياح العرب عنها، والبحث عن وجهات أخرى، ما أدى إلى أن تكون السياحة العربية شبه معدومة، لينحصر البديل العربي السياحي في دبي والمملكة العربية السعودية.

وبينوا أن المرحلة الحالية تشهد تعدد وجهات السفر غير العربية، حيث تحظى أوروبا بزيادة في معدلات التوجه إليها أكثر من السابق، في وقت انخفضت نسبة التوجه إلى دول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلند هذا العام ما بين 20 و30% بسبب طفرة الأسعار فيها، والتي باتت تضاهي أسعار الدول الأوروبية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة بها.

وذهب آخرون إلى أن التوجه السياحي إلى الولايات المتحدة الأميركية لا يتوافق مع أصحاب السياحة ذات المدة القصيرة، وأصحاب سياحة الرحلات البحرية، بل تناسبه دول شرق آسيا خاصة في ماليزيا، مشيرين إلى أفضلية السياحة الفردية أو العائلية على السياحة ضمن "القروبات" التي تتطلب الالتزام والتقيد بالمواعيد والبرامج التي يتضمنها القروب، دون حرية التنقل واختيار البرامج.

ولفت بعضهم إلى أن هناك شركات طيران تستغل الأمر، وتقوم برفع أسعار تذاكر السفر لانحصار السياحة في شهر واحد بالسنة، والذي يتمثل هذا العام في أغسطس، حيث تتراوح نسبة الارتفاع من 50 إلى 100%، مشيرين إلى أن وجود شركات عالمية عبر الشبكة العنكبوتية سحب البساط من الشركات المحلية، حيث باتت تستحوذ على نحو 70% من زبائن السوق، بفضل ما تقدمه من أسعار، نظراً إلى ارتباطها المباشر بالفنادق.

توجه خارجي

من جانبه، ذكر محمد عبدالحميد، مدير إحدى شركات السياحة، ان التوجه السياحي بالنسبة للسائح الكويتي اصبح خارج نطاق الوطن العربي، حيث يتوجه الى الدول الاوروبية وخصوصا الاسكندنافية كالنمسا والمانيا وبريطانيا واسبانيا واليونان اضافة الى الولايات المتحدة ودول شرق آسيا واستراليا، وفقا لقياستها على حجم امكانية الحجز في الفنادق، لاسيما في ظل وجود مقومات جذب بها ابرزها التمتع بالطبيعة الجاذبة وسهولة التنقل فيها من مدينة الى اخرى وسهولة ايجاد السكن فيها.

وبين عبدالحميد ان الدول الاوروبية استحوذت على السياحة العالمية، حيث اصبحت اعداد السياح اليها تتزايد اكثر من اي جهة اخرى، بسبب غياب الاستقرار السياسي للدول العربية التي كان الكويتيون يقصدونها.

وزاد ان بعد المسافة في التوجه السياحي للولايات المتحدة لا يتوافق مع اصحاب السياحة ذات المدة القصيرة، بل تتناسب اصحاب السياحة الطويلة التي لا تقل مدتها عن شهر من حيث النسبة والتناسب لكلفة المصروفات التي يبذلها السياح.

واكد ان الاسباب الرئيسية التي دعت الى احجام السياح العرب عن الدول العربية، والبحث عن وجهات سياحية اخرى، عدم الاستقرار السياسي لهذه الدول، لاسيما تأثرها بالثورات التي تسمى بالربيع العربي، ما ادى الى شبه انعدام السياحة العربية، مبينا ان بعض المناطق في المدن التي استقطبت السياح العرب والخليجيين بصفة خاصة عمدت إلى استغلال رفع اسعار السكن فيها بسبب محدودية المسكن وكثافة الاقبال السياحي.

واضاف ان بعض الشركات المحلية كانت لديها محاولات تسويق لاستقطاب السياحة العربية الى فنادق الكويت، الا انه وللاسف الشديد لم يكن هناك اي اقبال رغم تعاون الادارة العامة للهجرة ورخص اسعار الاقامة في الفنادق، وذلك لعدم وجود المرافق التي تشجع على جذب السياحة الى البلاد.

واردف ان شركات الطيران ترفع أسعار التذاكر خلال شهر واحد طوال العام، وهو ما بعد فترة عيد الفطر، والذي يتزامن هذا العام في أغسطس، بحيث تصل نسبة الارتفاع من 50 الى 100%، مشيرا الى ان وجود شركات عالمية عبر الانترنت ادى إلى سحب البساط من الشركات المحلية، لاستحواذها على نحو 70% من زبائن السوق، نظرا لما تقدمه من ناحية الاسعار، كونها اصبحت ذات ارتباط مباشر بالفنادق واسعارها.

تغيرات عديدة

من ناحيته، اكد مايكل حسيب، موظف في إحدى شركات السياحة والسفر، انه خلال السنوات الاخيرة اصبح هناك العديد من التغيرات في بعض الدول العربية من ثورات كما حصل في مصر وسورية والبحرين، والتي نجم عنها عدم الاستقرار السياسي في هذه البلدان، ما اثر كثيرا على السياحة في هذه الدول، حيث اتجهت السياحة العربية الى كل من دبي والسعودية لتكون بديلا للسياحة العربية العربية.

وزاد حسيب ان بعض السياح يتوجهون الى تركيا، الا ان ما تشهده من ارتفاع في درجات الحرارة حاليا دفعهم الى الدول الاوروبية اكثر، كالمانيا والنمسا، كما ان ارتفاع درجات الحرارة اضر بالسياحة بدول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلند والمالديف، كما بدأ الانفتاح حاليا الى كل من سريلانكا والهند.

وشدد على ان انحسار التوجه السياحي العربي العربي لبعض الدول سواء الخليجية أثر في ارتفاع اسعار تذاكر السفر دون وجود امكانية توفير متطلبات السياح كالمساكن والفنادق، في حين لم ترتفع الاسعار في الدول السياحية الأوروبية كونها لم تستحوذ على النسبة الكبيرة من السياحة العربية العربية، وان كان هناك تحول وتغيير وجهة بعض محبي السياحة العربية الى الدول الاوروبية.

وجهات السفر

بدوره، أشار بسام الوظائفي وهو يعمل مديراً لإحدى شركات السياحة والسفر المحلية إلى تعدد وجهات السفر في المرحلة الحالية، حيث حظيت أوروبا بمعدلات زيادة في نسبة التوجه إليها أكثر مما كانت عليه في السنوات الماضية، فسابقاً كانت الوجهات منقسمة، إذ إن بعضها يتوجه إلى دول شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلند التي انخفضت نسبتها هذا العام من 20 إلى 30 في المئة، بسبب ما تشهده من طفرة في ارتفاع أسعار التذاكر والمتطلبات السياحية التي باتت تضاهي كلفة التوجه إلى أوروبا خصوصاً في ماليزيا، إلى جانب عوامل ارتفاع درجات الحرارة في هذه البلدان، ما أسهم في توجه سياحها إلى أوروبا، نظراً لما تتسم به من أجواء باردة، فضلاً عن أن الحصول على الشينغن أصبح أسهل من ذي قبل.

وأوضح أن أكثر البلدان الأوروبية استقطاباً لوجهات السياحة الأوروبية حالياً ألمانيا والنمسا لكونهما نقطة انطلاق إلى باقي الدول الأوروبية، حيث تتميزان بالمحافظة على الأسعار، إضافة إلى عوامل الأجواء الباردة نسبياً.

وبيّن أن السياحة العربية في السابق كانت تشكل 50% من نسبة السياحة الى مختلف دول العالم، إلا أن عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده تلك البلدان في السنوات القليلة الماضية أعدم السياحة إليها، مشيراً إلى بدء تعافي السياحة العربية إلى مصر ولبنان.

مقومات سياحية

وأوضح المواطن فراج العربيد أنه في ظل عدم وجود

المقومات السياحية الجاذبة للسياحة في البلاد، وارتفاع درجات الحرارة خلال فترة الصيف أصبح الكويتي لا يستغني عن السفر إلى الخارج.

وقال "أقضي أنا وأفراد أسرتي إجازة الصيف خارج البلاد، ووجهتي المفضلة أميركا لأسباب عديدة، منها ان الأسعار فيها أرخص من أوروبا والدول العربية، ومن وجهة نظري تأتي أميركا في المرتبة الأولى، فأوروبا لاسيما لندن ثانية التي تعتبر وجهة مفضلة للكثيرين، ومن ثم ألمانيا، أما الدول العربية فتأتي في المرتبة الثالثة".

وزارد "ان اسعار السكن في بعض البلدان العربية مرتفعة جداً، وهذا الأمر يجعل السياح يفرون من تلك الدول، وعلى سبيل المثال فإن سعر الغرفة في دبي يعادل 80 ديناراً، وفي أميركا تجد ثلاث غرف وحمام سباحة بما يعادل 30 ديناراً، كما أن التسوق في الولايات المتحدة الأميركية يعادل نصف التسوق في غيرها من الدول الأخرى، إضافة إلى أن السلع الأميركية أجود من غيرها".

وأشار إلى أن السياح يتوجهون إلى الدول الأوروبية بسبب الثورات التي حدثت في البلدان العربية، وعدم استقرار الأمن فيها، اضافة إلى أنهم يبحثون عن الأمن والتسوق والاستمتاع، كما أن السياحة في الدول العربية أصبحت غالية جداً، وهذا سبيل تنفير منها.

من جهته، قال المواطن حسن الجزاف "أنوي في هذا العام التوجه لقضاء الإجازة الصيفية في الولايات المتحدة الأميركية، نظرا لملاءمة المصروفات، خصوصا أن أميركا تعتبر من الدول المناسبة للسياحة، لاسيما أن السكن متوافر بسعر مناسب، وكذلك تعتبر أقل كلفة من الدول الأوروبية".

وأوضح أن السفر إليها يتطلب المعرفة والخبرة التامة في كيفية التعامل السياحي، حتى لا يكون السائح ضحية، خصوصا في ما يتعلق بالمواصلات اثناء التنقل من موقع لآخر، مشددا على ضرورة أن يعتمد السائح على وسائل النقل الجماعية، لتجنب عمليات زيادة الكلفة التي يلجأ اليها بعض أصحاب سيارات النقل الخاص، نتيجة عدم معرفة السائح لخط سيره.

وبيّن أن معظم الشباب السائحين يكونون عرضة للاستغلال أثناء عمليات التنقل، لعدم وجود برنامج زمني لديهم في البحث عن أوقات رحلات التنقل عبر الحافلات أو وسائل النقل الجماعية الأخرى، التي تكون كلفتها زهيدة مقارنة بكلفة سيارات النقل المخصصة للأجرة.

ضيق الموسم

واوضح المواطن جاسم المطوع انه غير متأكد من انه سيقضي اجازة صيفية هذا العام خارج البلاد، مشيرا الى ان هذا التردد يأتي بسبب ارتفاع الاسعار، نظرا لضيق موسم السياحة لدخول شهر رمضان، ما يوجد كثافة في الرغبة في السفر خلال هذا الشهر، الامر الذي يتطلب ان تكون خطوط الرحلات عبر الترانزيت لتقليل كلفة التذاكر".

ولفت المطوع إلى انه يرغب في التوجه هذا العام الى لندن لقضاء اجازته الصيفية في رحلة سياحية عائلية، لتكون خلاف رحلاته السابقة التي امضاها في عدد من الدول الاوروبية كالمانيا وهولندا وتركيا، اضافة الى دول شرق آسيا، مبينا ان اسباب التوجه الى لندن تعود الى تمتعها بالاجواء، وحصيلته اللغوية التي تمكنه من التعامل مع الآخرين واخلاقيات التعامل لدى شعبها اضافة الى سهولة السياحة والتسوق.

وتابع ان الاوضاع الراهنة، التي تعيشها بعض الدول العربية، اثرت سلبا على السياحة العربية، ولم تتبق سوى السياحة العربية في دبي، الا ان حرارة اجوائها خلال فترة الصيف لا تساعد في المصيف بها.

ورأى أن "السياحة في الدول العربية افضل من الدول الاخرى لعدة اسباب، منها مناسبتها للسياحة العائلية، نظرا لتقارب العادات والتقاليد، وان اطعمتها تكون حلالا رغم عدم مقارنة اجوائها باجواء الدول الاوروبية والدول الغربية واختلاف طبيعتها وما تتمتع به الدول غير العربية بجودة سلعها بالنسبة لعشاق التسوق لعدم وجود الاحتكار الذي تعانيه بلادنا العربية والذي يتسبب في ارتفاع الاسعار".

وقال: "افضل السياحة الفردية او العائلية على السياحة ضمن القروبات كوني اعمل على تنظيم برنامجي السياحي مع الاستعانة بالخرائط لتسهيل مهمة التنقل كون برامج القروبات يتطلب الالتزام والتقيد بالمواعيد والبرامج التي يتضمنها القروب ولا يعطي حرية التنقل واختيار البرامج"، مشددا على ضرورة الاهتمام بالسياحة في الكويت من خلال الاعتناء بالجزر وتحويلها الى وجهات ومعالم سياحية، مؤكدا ضرورة ايجاد المقومات التي من شأنها تحويل البلاد الى وجهة سياحية.

السياحة الأوروبية

اتفق عدد ممن التقتهم "الجريدة" على ان الربيع العربي، الذي اجتاح بعض الدول، كان السبب الرئيسي في نفور السياح عنها، بسبب افتقاد الامن والاستقرار السياسي، وتغير الاوضاع التي كان يلتمسها السياح في بعض الدول، ما جعلهم يلجأون الى السياحة في بعض الدول الآسيوية، التي استغلت تلك العوامل في رفع الاسعار واستنزاف "جيوب" السياح، فضلا عن الدول الاوروبية، بسبب توافر السياحة وانتعاش الاجواء، وتوافر الامن وجميع متطلبات السياحة بأسعار معقولة ومناسبة كما يراها البعض.

انفجار الأسعار

شدد بعض المواطنين على ان موسم السفر يشهد انفجارا في اسعار حجوزات الطيران والفنادق، حتى وصلت إلى مبالغ خيالية، بسبب كثرة السياح الذين ينوون السفر، وهذا الامر بات يشكل حجر عثرة امام العديد من الذين ينوون السياحة".

وقال هؤلاء إنه من غير المعقول ان اسرة تنوي السفر تتكبد قيمة تذاكر تفوق كلفة مصاريف الرحلة ذاتها، موضحين ان بعض المسافرين يقدمون رحلات السفر خلال شهر رمضان لانخفاض اسعار التذاكر واعداد المسافرين، مطالبين شركات الطيران بمراعاة أحوال الاسر خلال موسم السفر.