التعهد بتلبية 12 ألف طلب يجب ألا يكون ضمن سياسات شراء الوقت أو بيع الوهم

Ad

 دعم الطاقة يربط حل الأزمة الإسكانية بملفات إصلاح الميزانية

مؤشرات الفشل الحكومي في المشاريع لا تدعم التفاؤل بحل الأزمة الإسكانية، وعلينا أن نستذكر أين وصلت "مشاريع الدولة" الكبرى، كخطة التنمية أو مشروع التحول إلى مركز تجارى ومالي، لنعرف بالضبط أين نقف.

شهد الأسبوع الجاري انعقاد مؤتمر الكويت للإسكان بهدف مناقشة ووضع حلول لأحد أكبر التحديات الخدمية التي تواجه الكويت بكل ما فيها من رعاية سكنية، وما يرتبط به من خدمات وبنى تحتية.

وواكب المؤتمر حالة تفاؤل مشوبة بدرجة عالية من الحذر، فرغم التصريحات الرسمية، وأهمها تعهد وزير الإسكان ياسر أبل، بتلبية 12 ألف طلب اسكاني هذا العام، فإن المخاوف من ان تكون السياسات الحكومية المعهودة في شراء الوقت وبيع الوهم هي الاساس في كل ما قيل من قضايا وحلول واقتراحات في المؤتمر، حتى إن توافرت النوايا الصادقة لحل الأزمة الإسكانية, لأن التجارب السابقة، القريبة منها والبعيدة، لا تشيع الجو المناسب للتفاؤل في مواجهة ازمة حقيقية ترتبط بما يفوق 108 آلاف طلب إسكاني، وتمس نحو نصف مليون مواطن.

والتجارب السابقة تشير الى ان مشروع مطار الكويت الدولي الجديد الذي كان من المفترض الانتهاء من تنفيذه عام 2016 سيتم الانتهاء منه في عام 2020، وجامعة الشدادية مدد مجلس الامة، امس الأول، عملياتها إلى خمس سنوات اضافية بعد انتهاء المدة المقررة لإنجاز مشاريعها، فضلاً عن تأخر مشاريع لم تبدأ حتى الآن رغم إقرارها منذ سنوات كمشروع تطوير فيلكا، او مشاريع بطيئة التنفيذ كميناء مبارك في جزيرة بوبيان والذي مضى عليه أكثر من 10 سنوات ولم تكتمل المرحلة الأولى منه حتى الآن.

كما تحدثنا التجارب السابقة عن تقارير لجان حظيت باهتمام أعلى المستويات في البلاد، كتقرير لجنة اصلاح المسار الاقتصادي عام 2000 وتقرير اللجنة الاستشارية الاقتصادية عام 2012، وأخيراً تقرير المجلس الأعلى للتخطيط قبل شهر، وكلها حددت المشكلات في الاقتصاد والميزانية والخدمات وغيرها، ووضعت الحلول، ولم يتم الأخذ بها حتى الآن، وهذا ما يدعو الى عدم رفع التوقعات من مؤتمر الإسكان في حل الأزمة، خصوصا انه - حتى الآن - لم يقدم الحلول المطلوبة منه لهذه الأزمة.

مؤشرات الفشل

مؤشرات الفشل الحكومي في المشاريع لا تدعم التفاؤل بحل الأزمة الإسكانية، وعلينا ان نستذكر إلى اين وصلت «مشاريع الدولة» الكبرى، كخطة التنمية التي تتحدث وزيرة التخطيط هند الصبيح عن ضرورة اعداد خطة «واقعية» جديدة، بعد ان اعلنت الحكومة قبل اشهر انها اكتشفت ان الخطة التي تبنتها للسنوات الخمس الماضية تضم «أخطاء» وتجب اعادة النظر فيها كاملة، كما يجب ان نستذكر مشروع تحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي منذ 11 عاما، وما هي النتائج اليوم على الصعيد المالي والتجاري والاستثماري في بلد لايزال الأعلى عالميا في الاعتماد على النفط في ايراداته، رغم تصاعد المخاطر في سوق النفط وفي الإنفاق المالي على حد سواء.

حتى لا يكون الأمر إفراطا في التشاؤم فإن على الحكومة، إذا ارادت ان تتبنى حل الأزمة الاسكانية، ان تتخذ مجموعة من الخطوات، اولاها ان تعدل كل القوانين التي ترى انها تعرقل حل الازمة الاسكانية وتحصل على الاعتمادات المالية اللازمة للتمويل والتنفيذ، وأن تلزم نفسها بإعلان تقرير ربع سنوي يبين مراحل الانجاز بشكل دوري كي يكون بوسع الجميع معرفة الأمر على حقيقته، خصوصا ان هناك صعوبات كبرى تواجه تنفيذ الطلبات الاسكانية، اولاها كلفة دعم الطاقة، اذ اعلن وزير الكهرباء والماء عبدالعزيز الابراهيم في المؤتمر ان الكلفة الحالية التي تبلغ 3 مليارات دينار سنويا ستصل الى 9 مليارات سنويا بحلول عام 2030، مما يعادل 20 في المئة من انتاج النفط .

حديث الوزير الإبراهيم بشأن الطاقة ودعمها يجعل حل الازمة الإسكانية مرتبطا بملفات اخرى تتعلق بالميزانية العامة فهل سيتم تطبيق التوصيات المحلية والدولية الخاصة بخفض قيمة دعم الطاقة في الميزانية؟ ام سيتم الاعتماد على الطاقة الشمسية في وقت تحبو الكويت في هذا المشروع مقارنة بدول الخليج؟ ام سيتم خفض مساحات السكن وزيادة نسبة الشقق السكنية، بدلا من المساكن التقليدية لخفض فاتورة الدعم؟

بديل مخدر

هذه أسئلة رغم استحقاقها لم يجب عنها المؤتمر الاسكاني، مما يخفف جانباً مهماً من التفاؤل بوجود امكانية حل للازمة من ادارة لم تعتد ان تحل الكثير من الملفات التي واجهتها، وهي اصغر بكثير من الازمة الاسكانية، بل ان الخوف من ان تكون سياسة المؤتمرات هي البديل المخدر عن سياسة اللجان، التي لطالما انهكت الكويت وكانت وسيلة لشراء الوقت والتي أجلت اتخاذ القرار سنوات طويلة.

على الحكومة عندما تحدثنا عن حل الأزمة الإسكانية ان تحدثنا ايضاً عن الآلية التي بموجبها ستتمكن من تنفيذ 12 الف وحدة سكنية سنويا، رغم ان رقمها القياسي لا يتجاوز 4700 وحدة حسب الخطط التي لم يكتمل تنفيذها في السنوات الأخيرة.

هذه المرة، قضية السكن التي كانت مجرد مشكلة، تطورت الى ازمة، وهي مرشحة قريبا لأن تتحول الى كارثة، فالازمة الاسكانية ليست كغيرها من قضايا، نظراً إلى ارتباطها بشريحة عمرية متصاعدة، إذ إن 60 في المئة من الكويتيين دون سن 24 عاما، وهذا يعطي مؤشراً قوياً إلى أن الطلب الاسكاني سيتصاعد في السنوات القادمة اكثر من الآن، وهذا وحده يجعل الفشل او محاولات شراء الوقت امرا غير مقبول، وفيه من الأضرار الاجتماعية والأمنية ما يجر إلى عواقب وخيمة.