بعد الإيدز وأنفلونزا الطيور، يذكر فيروس إيبولا بالمخاوف القديمة من تفشي الأوبئة الفتاكة، حتى لو أنه لا يمكن مقارنة الأوضاع الراهنة بتلك السابقة، كما يقول مؤرخ الأمراض باتريك زيلبرمن. س: هل يتعين على العالم أن يتخوف من الوباء الحالي للحمى النزفية إيبولا؟ج: الخوف القديم من وباء يقضي على جميع الناس ما زال راسخاً في أعماقنا، لكن من الصعوبة مقارنة حمى إيبولا مع الأوبئة الكبيرة في السابق، مثل الطاعون الذي لم يكن أمام أجدادنا إلا الصلاة لمواجهته.ولدى تفشي الأنفلونزا الإسبانية في 1918-1919 التي حصدت 50 مليون ضحية في العالم، منها 250 ألفاً في فرنسا، لم تكن المضادات الحيوية موجودة (لمعالجة المضاعفات)، ولم يكن الفيروس معروفاً، ولم تكن تتوافر أجهزة طوارىء وانعاش.وتتوافر للبلدان الغربية اليوم أجهزة صحية فعالة تتيح الحد وبالتالي تجنب تفشي الفيروسات، وهذا ما لا يتوافر في البلدان التي انتشرت فيها حمى إيبولا.ومن وجهة نظر عامة جداً، فإن الأزمة الراهنة تشبه إلى حد ما الأزمة الناجمة عن وباء الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، مع فارق بسيط يتمثل في أن البلدان الأفريقية أضعف بكثير على الصعيد الطبي - الاجتماعي والسياسي من الصين في 2003 (وباء سارس الذي ظهر في جنوب الصين أواخر 2002، تسبب باندلاع أزمة عالمية في السنة التالية وأسفر عن مصرع 800 شخص في الإجمال كان القسم الأكبر منهم في آسيا).س: الأزمات الصحية تتعاقب، فهل ازدادت فعلاً فيروسات الأمراض، وما هي الخطوات التي يتعين القيام بها لطمأنة الناس؟ج: منذ منتصف القرن العشرين، نجد مزيداً من الفيروسات، لأنها موجودة في الأصل ولأن معرفتنا بالكشف عنها قد تطورت، ثمة ازدياد للأحداث الوبائية في بلدان الجنوب. وفي ما يتعلق بإيبولا وحده، ثمة عشرون وباء ايبولا منذ 1976 في أفريقيا، لكنه لم يتفش إلا في بعض القرى وليس في المدن، كما هي الحال في الوقت الراهن.من الأهمية بمكان توعية الناس المصابين بطرق العدوى، على ألا نكتفي بتوزيع المنشورات، في حين لا يعرفون القراءة.لكن القلق يتزايد في البلدان الأخرى التي تتخوف من وباء مستورد يترافق مع مشكلة حساسة للسلطات الصحية، وهي تزويدهم بالمعلومات الصحيحة بما يحصل، مع الحرص على تجنب تفشي مظاهر القلق الشديد، الذي من شأنه التسبب ببروز قلق اشد فداحة.س: ما هي أبرز عوامل خطورة الوباء الحالي؟ج: رغم أن فيروس ايبولا لا يتفشى بالسهولة التي يتفشى فيها فيروس الأنفلونزا (ينتقل باللمس اللصيق وليس عبر التنفس)، يشهد الوباء الحالي تطوراً سريعاً في أفريقيا، أما العلاقة بين عدد الوفيات وعدد الحالات فكبيرة جدا وتبلغ 50 إلى 90%، لانعدام العلاج النوعي، فيما كانت هذه النسبة 2,5% في الأنلفونزا الاسبانية، ويجهل الناس المصابون طرق الانتقال ويحرصون على لمس وتقبيل المتوفين، على غرار ما كان يفعل أجدادنا خلال موجات الكوليرا التي كانت تفتك بأوروبا في القرن التاسع عشر.لكنم لا يثقون خصوصا بسلطات بلدانهم، وهذا ما يفسر اقدامهم على طرد الفرق الطبية ورميهم بالحجارة، أو سعيهم إلى القبض عليهم تمهيدا لقتلهم، والثقة عامل بالغ الأهمية، ولقد رأيناه في فرنسا خلال الانفلونزا الوبائية في 2009 عندما استبعد الأطباء خلال حملة التلقيح المنهجي التي قامت بها السلطات العامة.
آخر الأخبار
بعد الايدز وانفلونزا الطيور، هل على العالم أن يخشى ايبولا؟
09-08-2014