تحت قطرات المطر المتساقطة والرياح الجارفة وقفت أفكاري تحته، وهي تنظر والقطرات تهوي إلى الأرض بكل انسيابية ورقّة حين تسقط على الوجوه الناعسة، لكن في بعض الأحيان يكون سقوطها عنيفاً على القلوب المتألمة.

Ad

نادت أفكاري بكل قوة وشجن اذرفي يا سماء دموعك بكل ما استطعتِ حتى تغسلي أفكاري وتمحي من ذاكرتي وجوهاً وأسماءً وأشياء لا أريد أن أتذكرها.

أعلم أن لكل قطرة تنزل من السماء قصةً وحكايةً تتساقط بين أيدينا، وقد رُسمت عليها حكايتنا التي تكون تارة تعيسة وأخرى سعيدة، لكن بطبيعتنا نحن البشر فإن القصص الحزينة تستهوينا، وتأخذ الحيز الأكبر منّا؛ لأننا- شعوب العرب- نهوى الحزن ونعبر عنه جيداً عكس الشعور بالسعادة.

لكن أحذرك أيها المطر أن تمسح من ذاكرتي براءة الطفولة الشفافة التي امتزجت صفحاتها مع صديق وأخ، والتي رسمت عليها لوحة اللعب واللهو من دون أي مكر وكراهية وخديعة، بل رسمت بريشة القلوب الطاهرة العذراء.

لكل منّا صديق يعتز به، ولكل منا صديق قضى معه مراحل الدراسة يكون خلالها هو النصف الآخر الذي يفهمك ويعرفك جيداً رغم وجود الكثيرين من حولك.

فأحذرِك كل الحذر أيتها القطرة أن تعبثي بهذه اللوحة، فإنها اللوحة الوحيدة التي بقيت معي طوال الوقت من دون أن يمسسها شيء.

دعونا نكن حذرين في اختيار أصدقائنا، فهم الباب المفتوح الذي نستطيع أن نعبّر لهم عمّا بداخلنا دون خجل أو حواجز يصعب أن نتحدث عنها مع أقرب الناس إلينا، وهم أهلنا.