قفز سعر الغاز الطبيعي في أوروبا، في وقت أدت فيه عمليات روسية للسيطرة على شبه جزيرة القرم إلى إشعال مخاوف من احتمال تعطل الإمدادات.وفي تداولات مكثفة، قفز الغاز الطبيعي البريطاني في بورصة ICE تسليم أبريل بنسبة 9.5 في المئة أمس الأول، ليصل إلى 61.5 بنساً لكل ثيرم «100 ألف وحدة حرارية بريطانية» وارتفع الغاز الهولندي بنسبة 9.4 في المئة ليصل إلى 0.2525 يورو بسبب مخاوف من أن روسيا ستتوقف عن تصدير الغاز إلى أوكرانيا، مع وجود آثار ثانوية أخرى مترتبة بالنسبة للمستهلكين الأوروبيين. كما ارتفعت الأسعار القياسية العالمية للقمح والذرة، وكلاهما من الصادرات الرئيسة لأوكرانيا، وارتفعت أسعار النفط كذلك.وتوفر روسيا نحو 30 في المئة من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، يمر نصفها تقريبا في أنابيب عبر أوكرانيا. وآخر مرة قطعت فيها روسيا الإمدادات منذ خمس سنوات، تسببت في اضطرابات خطيرة حينما سحبت أوكرانيا كميات من الغاز المتجه إلى أوروبا.لكن محللين يقولون إن شبكة الغاز في أوكرانيا تعتبر أقل أهمية مما كانت عليه في الماضي بسبب البنية التحتية الجديدة، مثل خط أنابيب نورد ستريم الذي يصل شمالي ألمانيا بروسيا، دون أن يمر بأوكرانيا، وهو خط تم افتتاحه عام 2009.وبحسب مذكرة لمحللين في مركز أبحاث بيرنشتاين: «خط أنابيب نورد ستريم التابع لغازبروم لديه 32 مليار متر مكعب إضافي من الطاقة غير المستخدمة، استناداً إلى مستويات التشغيل في العام الماضي، وهذا يعني أن نصف كميات الغاز في أوكرانيا يمكن توصيلها عبر هذا الخط».ارتفاع أسعار الغازويقول متداولون إن الارتفاع الأخير في أسعار الغاز الأوروبي ينبغي أن يُرى من خلال سياقه. ففي الأسبوع الماضي بلغت العقود الشهرية الآجلة للغاز في المملكة المتحدة أدنى مستوى لها منذ ديسمبر عام 2010، وهي علامة على بداية دافئة لعام 2014 بالنسبة لجزء كبير من أوروبا.وقد ترك الشتاء المعتدل نسبياً أيضاً مخزونات الغاز الأوروبية عند مستويات مريحة للغاية، مع بقاء شهر واحد فقط في هذا الشتاء، مما يوفر عازلاً آخر ضد أي تعطيل كبير في الإمدادات. وتقدر بيرنشتاين أن 40 مليار قدم مكعبة من الغاز ستكون قيد التخزين بحلول نهاية فبراير، وهي أعلى بنسبة 10 في المئة من الفترة نفسها من العام الماضي.ومع ذلك، انقطاع إمدادات الغاز الروسي إلى أوكرانيا، الذي لم يحدث حتى الآن، قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.مخاوف مستقبليةويقول ريتشارد مالينسون، المحلل في إنرجي آسبكتس: «إذا كان هناك انقطاع لفترات طويلة في إمدادات الغاز «لنقل مثلاً لمدة 3-4 أسابيع»، عندها ستبدأ المخاوف بالتأكيد في التصاعد بشأن الإمدادات وتوافر المخزون إلى حين قدوم فصل الصيف، وهو ما يمكن أن يترجم إلى ارتفاع أسعار عقود صيف عام 2014 وعقود 2014/2015».لكن تيري بروس، المحلل في سان جرمان للأوراق المالية، يلاحظ أن من مصلحة «غازبروم» ألا تشهد انقطاعاً طويلاً في الإمدادات. ويقول: «لدى جميع الأطراف مصلحة مكتسبة في استمرار تدفق الغاز». ويضيف: «لدى روسيا مصلحة في ذلك لأنها بحاجة إلى المال، ومصلحة غازبروم تكمن في أن لها التزامات تعاقدية، أما أوكرانيا فإنها تحتاج إلى رسوم العبور وأوروبا في حاجة إلى الغاز».أسعار النفطكذلك قفزت أسعار النفط على خلفية تصاعد التوتر، على الرغم من أن أوكرانيا تنتج أقل من 80 ألف برميل يومياً. وتنتج روسيا أكثر من عشرة ملايين برميل في اليوم، تصدر أكثر من نصفها.ووفقا للمحلل ميسوين ماهيش، من بنك باركليز: «البعد السياسي هو الذي يثير القلق» مشيراً إلى أن النفط استفاد أيضاً من المساهمين المنسحبين من الأصول الخطيرة.وتم تداول خام برنت «المؤشر المرجعي العالمي للنفط» تسليم أبريل في بورصة ICE عند مستويات عالية وصلت إلى 112.39 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ نهاية ديسمبر. وفي بورصة نايمكس قفز سعر خام غرب تكساس المتوسط، تسليم أبريل بنسبة عالية وصلت إلى 2.6 في المئة، ليصل إلى 105.22 دولارات للبرميل قبل أن يتراجع إلى 104.33 دولارات.الحبوب والذرةوتحركت أسعار الحبوب العالمية إلى أعلى أيضاً. فارتفع القمح في بورصة مجلس شيكاغو للتجارة تسليم مايو بنسبة 4.8 في المئة، في حين ارتفع في بورصة ماتيف في أوروبا بنسبة 3.4 في المئة ليصل إلى 203.25 يورو للطن. وبرزت أوكرانيا مصدرا كبيرا للحبوب في العقد الماضي، ومن المتوقع أن تزداد أهميتها في التجارة العالمية. وهي تتنافس الآن مع الأرجنتين على ترتيب ثالث أكبر مصدِّر للذرة في العالم.وفي عام 1991 افتتحت شركة كارجيل، أكبر بيت للتجارة الزراعية في العالم، التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة، قاعدة في أوكرانيا. وفي السنوات الأخيرة استحوذت على صوامع أوكرانية، أو شيدت صوامع جديدة هناك، وزادت طاقتها على معالجة بذور زهرة الشمس، كما شيدت مطحنة للأعلاف الحيوانية. ويوجد لدى شركات تداول منافسة، بما في ذلك بانج، وآرتشر دانييلز، وميدلاند، وجلينكور، فروع في أوكرانيا، بما في ذلك محطات معالجة ومحطات تصدير على البحر الأسود.سوق التصدير الأوكرانيوتمثل أوكرانيا سدس صادرات الذرة العالمية، وهي أيضا من العشرة الأوائل المصدرين للقمح والشعير.وبصورة إجمالية كان متوقعا أن تكون الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي يصدر من الحبوب في السنة التسويقية 2013/2014 أكثر من 30 مليون طن هي الكميات التي تصدرها أوكرانيا.وقال متداولون إن سوق التصدير الأوكراني جف منذ عطلة نهاية الأسبوع، مع عدم وجود باعة على استعداد للالتزام بمواعيد تسليم جديدة للحبوب.وبحسب سوِيثون ستل، المدير الإداري لشركة سولاريس للسلع، وهو تاجر حبوب مختص في الاتحاد السوفياتي السابق: «لا يوجد على الإطلاق أي عروض اليوم».(فايننشال تايمز)
اقتصاد
التوتر في «القرم» يقفز بسعر الغاز
06-03-2014