يقول الممثل جوزيف غوردون ليفيت (32 عاماً): «حضّرتُ مئات الفيديوهات القصيرة منذ منت في الحادية عشرة من عمري. كنت أصور أفلاماً قصيرة وأظهر فيها وأحمّلها على حاسوبي وأعدّلها وأُرفقها بموسيقى تصويرية. قمتُ بذلك لنفسي وكنت أستمتع بالتجربة. لكني تعلّمتُ الكثير أيضاً. لولا تلك الفيديوهات كلها، لما تمكّنتُ من صنع فيلم Don Jon بالطريقة التي فعلتُها».

أكثر ما يبهر في فيلم Don Jon، أول عمل سينمائي من كتابة غوردون ليفيت وإخراجه، مستوى تطوره من ناحية الأسلوب. يتعارض المونتاج المبتكر والمؤثرات الصوتية ونمط الموسيقى وزوايا الكاميرات مع التركيز التقليدي على الأداء التمثيلي، وهو أمر يفعله الممثلون الذين يتحولون إلى الإخراج في تجربتهم الأولى. يرتكز نجاح فيلم Don Jon في نهاية المطاف على قوة الممثلين، لكن يعكس أيضاً البراعة والتقنية في أعمال المخرجين المخضرمين.

Ad

الأهم من ذلك أن غوردون ليفيت يستعمل الأدوات التي يمتلكها لتجنب المظاهر المفرطة والتشديد على الرحلة العاطفية التي تمر بها شخصية جون: هو مدمن على المواقع الإباحية الإلكترونية ومهووس بالرياضة لكنه يحاول التخلص من عاداته السيئة بعد مقابلة باربرا (سكارليت جوهانسون)، شابة جميلة تعتبر أن معنى الحب الحقيقي موجود في أفلام مثل Titanic والأعمال المقتبسة من روايات نيكولاس سباركس.

يقول غوردون ليفيت: «لا يتعلق الأسلوب بأخذ لقطات عصرية، بل بجذب المشاهدين إلى القصة التي نسردها مع التشديد على تطور الشخصيات. هذا ما يميز المخرج البارع بالنسبة إلي».

تحولات قوية

يوضح غوردون ليفيت الذي كان يمثل في البرامج التلفزيونية والأفلام منذ كان في السادسة من عمره، أنه درس عادات مخرجين موهوبين كثيرين عمل معهم، بمن فيهم ستيفن سبيلبرغ (Lincoln) وكريستوفر نولان (Inception وThe Dark Knight Rises) وريان جونسون (Brick وLooper) وسكوت فرانك (The Lookout). عدا فرصة أن يكتب لنفسه شخصية لم يسبق أن أداها، قرر أن يصنع فيلم Don Jon ليستكشف الشرخ المتزايد بين عالم الواقع والعالم الخيالي في المواقع الإعلامية الجديدة والمجلات والإعلانات التلفزيونية.

يتابع غوردون ليفيت: «جون مدمن على مشاهدة المواد الإباحية، لكني أظن أن وسائل الإعلام البارزة مسؤولة عن ترسيخ هذه الأوهام الخيالية في عقولنا. يحصل ذلك في كل مكان: البرامج التلفزيونية والأفلام والإعلانات. الإعلانات هي الأسوأ. يحوّل المعلنون أي شخص (امرأة في العادة) إلى مادة جنسية، ثم يمطروننا بهذه الصور. وحين نحاول التفاعل مع البشر في الحياة الواقعية، لا نكف عن مقارنتهم بالصور الثنائية الأبعاد التي نشاهدها على الشاشة في مكان ما. هكذا نتعرض لخيبات مستمرة. لن يكون أي إنسان مشابهاً لما نراه في تلك الصور. الأشخاص الحقيقيون أجمل بكثير. يتّسمون بتفاصيل واختلافات وشوائب كثيرة، لكننا نغفل عن هذه الأمور حين نطارد الأوهام».

تحولات

يشمل فيلم Don Jon تحولات قوية بفضل شخصية جوليان مور بدور طالبة في كلية جون المحلية (يقول غوردون ليفيت: «هي عكس شخصيتي. لا تتمتع بأي عادات سيئة، بل إنها صادقة وتفرض حضورها»)، وتوني دانزا بدور والد جون الإيطالي الأميركي الذي يتقاسم مع ابنه صفات فظة ومتحيزة ولديه ميل إلى ضرب زوجته.

يؤدي غوردون ليفيت دوراً ناشطاً لترويج الفيلم، فقد فتح حساباً خيالياً على موقع تويتر، وهو يشغّل حساب «تمبلر» لفيلم Don Jon، ويشارك في فقرة أسئلة (Ask Me Anything) على موقع Reddit، حتى أنه يضع إعلانات للفيلم على مواقع إباحية حقيقية.

يستعمل الممثل ذلك النوع نفسه من الإبداع في شركة الإنتاج التي يملكها hitRECord.org، وهو موقع إلكتروني يشمل مجموعة من الفنانين والموسيقيين والكتّاب والمخرجين. في شهر يناير، ستبث الشركة العرض الأول لمسلسل تلفزيوني على قناة Pivot الفضائية الجديدة التي تعمل على  إعادة ابتكار شكل البرامج المنوّعة، مع خليط من الأفلام القصيرة والمقابلات والعروض الموسيقية.

يقول غوردون ليفيت الذي كان يحيي حفلات عدة في أنحاء البلد استعداداً للبرنامج التلفزيوني، إنه يحب إدراج الأغاني الشعبية عشوائياً ضمن قوائمه الموسيقية. انتشر بعضها (مثل نسخه الخاصة من أغاني Express Yourself لمادونا، و Lithiumلفرقة نيرفانا، و Bad Romanceلليدي غاغا) بشكل جنوني على موقع يوتيوب.

يضيف غوردون ليفيت: «خلال تلك العروض المباشرة، أحب أحياناً أن أقوم بنشاط آخر عدا العمل. إنه أمر ممتع للجمهور وطريقة لشكرهم على مشاهدتنا. منشغل جداً في هذه الأيام ولكني أمضي وقتاً ممتعاً».