قبل أشهر قليلة تناول مغردون وأقطاب محسوبون على كتلة المقاطعة تسجيل محادثة ادَّعوا أنها قنبلة سياسية ومؤامرة على منصب ولاية العهد، وأن الأمور ستتضح خلال ثلاثة أسابيع فقط من ذلك الوقت.

Ad

مرت الأسابيع الثلاثة وأكثر من ذلك بكثير دون أن نرى أي دلالة على هذه "المؤامرة"، ومات الموضوع دون أي ردة فعل حكومية توضح للناس صحة الادعاء أو زيفه حتى لا ينشغل الناس بالقيل والقال.

اليوم يعود موضوع الشريط من جديد بعد شهادة الوزير السابق الشيخ أحمد الفهد أمام النيابة وادعائه أن الموضوع لا يخص شريطا صوتيا، بل فيديو صوت وصورة وفيه معلومات خطيرة تخص الأوضاع المحلية والدولية والإقليمية والأسرية، ويشير إلى تعاملات مالية مشبوهة، والأدهى والأمَرّ أن الفهد أدخل سمو رئيس الحكومة في الموضوع حين نقل عنه قوله: "احذر... فخصومك أقوياء". فإن كان صمت الحكومة عن هذا الموضوع في السابق مبرراً بداعي أنه كان مجرد قنبلة صوتية، فإنه لا مبرر مطلقاً لصمتها الآن بعد تصريح أحد الأقطاب المتصارعين على الحكم بمثل هذا التصريح الخطير.

فللناس الحق في معرفة الحقيقة وحجم المشكلة لأنها لم تعد موضوعاً يخص الأسرة الحاكمة فحسب، بل يخص أيضاً "النظام العام ومجلس الأمة والوضع الإقليمي"، على حد قول الشيخ أحمد الفهد. والمسؤولية ملقاة تحديداً على سمو رئيس الوزراء لتبيان الحقيقة لأنه أصبح طرفاً في الموضوع، ولأن الصراع على الحكم هو السبب الرئيس لكثير من المشاكل والأزمات التي يمر بها البلد، فتضخم الميزانية وتضاعفها خمس مرات خلال عشر سنوات فقط كان بسبب الصراع على الحكم لأن كل قطب كان يستخدم المال العام لمحاولة استرضاء الناس ومنافسة خصومه على "تدليعهم" لمشروعه الخاص.

فلن ننسى أن فوضى الكوادر والزيادة المدمرة بدأها أحد الأقطاب عندما وقف وراء أول كادر قبل عشر سنوات بالضبط، ليلحقها بزيادة للقطاع النفطي عندما صار على رأس وزارة النفط وزيادة أخرى للقطاع الصحي عندما تولى حقيبة الصحة حتى "انفلتت السبحة" بمحاولة الأقطاب الأخرى المنافسة على منح الهبات والعطايا حتى يكسبوا أكبر قدر ممكن من التأييد الشعبي.

وتم اتباع نفس الأسلوب في اختيار الوزراء ومسؤولي الدولة حتى في انتخاب نواب المجلس، حيث حاول ويحاول كل قطب تعيين أكبر قدر ممكن من المحسوبين عليه في المواقع الحساسة بالدولة حتى يضمن تأثيراً في القرار السياسي وتوزيع خيرات البلد، ولتذهب معايير الكفاءة والنزاهة إلى الجحيم حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من زيادة في تدهور البلد ككل، وعجز الحكومة والمجلس معاً عن مواجهة التحديات الجمّة التي تواجهها الكويت كدولة.

إن أمام البلد تحديات كبيرة وخطيرة من الممكن أن تنفجر في أي لحظة؛ مثل تضخم الميزانية وقلة فرص العمل الحقيقية، وتزايد الخلل في التركيبة السكانية وما يصاحبها من ضغط على الخدمات والشوارع والبنية التحتية، وخطر الإرهاب والتكفيريين الذين يمكن أن ينقلوا تطرفهم إلينا بعد فشل مشروعهم التدميري في سورية، لكن للأسف نرى الأقطاب منشغلين إلى الآن بالصراع فيما بينهم، بينما البلد يمضي من سيئ إلى أسوأ، ويبدو أننا بحاجة إلى مصيبة كبرى تحل بنا حتى نستفيق من هذا الجمود والتدهور السياسي.