هرب أكثر من مليونَي سوري من الغارات الجوية والقصف بحثاً عن ملجأ من النزاع الدامي الذي يمزق بلادهم منذ 33 شهراً، إلا أن المأساة تبعتهم أينما حلوا، سواءً في مخيمات متواضعة في دول الجوار اجتاحتها العواصف والثلوج، أو أثناء ترحالهم القاتل نحو شواطئ أوروبا وآسيا. ففي لبنان، وجد عشرات الآلاف من اللاجئين أنفسهم في مخيمات عشوائية على أراضٍ غمرتها المياه والثلوج مع بدء فصل الشتاء، بينما واجه أقرانهم في مصر ملاحقة السلطات الرسمية والخطر الداهم بالترحيل.

قلة محظوظة فقط تمكنت من نيل اللجوء في أوروبا، في حين وجد كثيرون أنفسهم مقيمين في ملاجئ مكتظة بائسة.

Ad

وسلك اللاجئون السوريون بدورهم دروب الباحثين عن فرص اقتصادية ومعيشية أفضل، من الموجودين في النيجر أو إريتريا أو دول صغيرة مماثلة، واجتمعت مصائر هؤلاء على متن مراكب هشة من إفريقيا إلى أوروبا، أو من آسيا في اتجاه أوروبا مقابل آلاف الدولارات يدفعونها لمهربين.

ورغم اقتراب الموعد المحدد لمؤتمر "جنيف 2" الهادف إلى البحث عن حل للنزاع السوري، تتوقع المنظمات الدولية والإغاثية أن تزداد الأزمة سوءاً العام المقبل، مع فرض تدفق اللاجئين ضغوطاً هائلة على الدول المجاورة لسورية، ومنها لبنان الصغير الذي يتحمل العبء الأكبر.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يستضيف هذا البلد الصغير، ذو الموارد المحدودة، أكثر من 825 ألف لاجئ سوري مسجلين، في حين تقدر السلطات العدد بأكثر من مليون، وهو ما يوازي ربع عدد سكان لبنان.

أما الأردن فأقام مخيمات أبرزها الزعتري الذي يضم 130 ألف شخص في منطقة صحراوية، ما يولّد رغبة لدى كثيرين في المغادرة. وسجلت أبرز موجات النزوح هذا العام خلال أغسطس، مع عبور أكثر من 50 ألف شخص الحدود من شمال سورية في اتجاه مناطق الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق.

وفي تركيا، يتوزع أكثر من 600 ألف لاجئ على مناطق واسعة من البلاد، ربعهم فقط في مخيمات.

وفي مصر، وجد السوريون أنفسهم محط انتقادات وهجمات بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي مطلع يوليو، وهو الذي كان داعماً بشدة للمعارضة السورية الساعية إلى إسقاط الرئيس بشار الأسد.

وفي أوروبا، أعلنت السويد منح اللجوء لكل سوري يصل إلى أراضيها، إلا أن بريق اللجوء إلى القارة العجوز انعكس خيبة أمل بالنسبة إلى الذين حاولوا دخولها عن طريق بلغاريا، أكثر الدول الأوروبية فقراً، إذ ضاقت المنشآت المخصصة للاجئين سريعاً بأعداد كبيرة منهم، حيث باتوا يعيشون في ظروف مزرية وسط البرد القارس ونقص الأدوية والحاجات الأساسية.

ومع استمرار النزاع السوري، تحذّر المنظمات الإنسانية من تزايد التوترات التي ترافق أزمة اللاجئين، خصوصاً بينهم وبين المجتمعات المحلية، كما حصل مطلع ديسمبر في لبنان، حين أقدم سكان بلدة في شرق البلاد على إحراق خيم للاجئين وطردهم بعد اتهام عدد منهم باغتصاب شاب، علماً أن تقرير الطب الشرعي نفى حصول أي اعتداء.

وتوضح المفوضية العليا للاجئين أن جهودها ستتركز السنة المقبلة على الحد من توترات مماثلة، مبينة: "إذا استمررنا على هذه الحال، فسيتصاعد التوتر ويمكن للوضع أن يتدهور".

(دمشق، بيروت - أ ف ب)